أربع سنوات مرّت بسرعة منذ أن تولى أخنوش رئاسة الحكومة في المغرب، على رأس تحالف ثلاثي ضم ثلاثة من أبرز الأحزاب السياسية: التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال. كانت البداية واعدة، إذ تجمع هذه القوى السياسية تحت راية مشروع حكومي مشترك، إلا أن السنوات الأخيرة كشفت عن تصدعات داخلية بدأت تؤثر على تماسكه، مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في 2026. التحالف الذي تشكل لتحقيق استقرار حكومي وتنمية اقتصادية، واجه سلسلة من الأزمات، بداية بتداعيات جائحة كورونا وصولًا إلى الأزمات الاقتصادية العالمية والمطالب الاجتماعية المتزايدة. رغم هذه التحديات، بقي التحالف، في الظاهر، موحدًا، متجاهلًا الانتقادات التي طالته بسبب عجز الحكومة في بعض المجالات الحيوية. لكن مع اقتراب نهاية ولاية الحكومة، ظهرت ملامح حملة انتخابية مبكرة، التصريحات الصادرة عن قادة الأحزاب الثلاثة تكشف عن صراع على قيادة المرحلة المقبلة. نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، عبّر عن رغبة حزبه في استعادة موقعه الريادي في الساحة السياسية المغربية، بينما أكدت فاطمة الزهراء المنصوري، من حزب الأصالة والمعاصرة، أن "البام" مستعد لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة. هذه التصريحات تمثل بداية لمرحلة جديدة من التنافس السياسي بين أطراف التحالف، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الائتلاف وتماسكه. هل سيستطيع التحالف الثلاثي الحفاظ على وحدته حتى نهاية الولاية، أم أن التوترات الداخلية ستؤدي إلى انهياره؟ الأحزاب الثلاثة، التي شاركت في صنع القرارات الحكومية، تجد نفسها اليوم في موقف دفاعي أمام الناخبين، حيث يسعى كل منها لتسويق إنجازاته وتبرير ما فشل فيه. تحدٍ آخر يواجه التحالف… المسؤولية الجماعية. لا يمكن لأي حزب أن يتنصل من تبعات السياسات والقرارات التي اتخذت خلال السنوات الماضية. المواطن المغربي أصبح أكثر وعيًا بالتفاصيل السياسية، ويدرك أن النجاحات والإخفاقات هي ثمرة شراكة جماعية بين الأحزاب الثلاثة، وأن أي محاولة لتوزيع المسؤوليات على طرف واحد ستكون محض هراء. الأحزاب الثلاثة تسعى الآن بكل قوتها لتوظيف حصيلتها الحكومية في الحملات الانتخابية المقبلة. حزب التجمع الوطني للأحرار، كحزب قائد، يواجه انتقادات شديدة من الداخل والخارج، في حين يحاول كل من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال إظهار أنفسهم كبديلين قادرين على تحسين الوضع في المرحلة المقبلة. التوقعات تشير إلى تصاعد الخطاب السياسي في الأسابيع والأشهر القادمة، حيث سيعمل كل حزب على تعزيز صورته أمام الناخبين، غير أن الساحة السياسية في المغرب أصبحت أكثر يقظة، والمواطنون يتوقعون محاسبة شديدة، ما يجعل المهمة أصعب من المتوقع. بين ماضي التحالف وتطلعات المستقبل، يظل السؤال الأبرز: هل سيتجاوز التحالف الثلاثي هذا المفترق في طريقه إلى الانتخابات، أم أنه سيقع في فخ التنافس الداخلي وتداعياته؟