شهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية توتراً غير مسبوق منذ استقلال الجزائر عام 1962، حيث بلغت مرحلة حرجة تُنذر بنقطة اللاعودة، وفق مراقبين. جاء ذلك في سياق تصعيد دبلوماسي متواصل وتصريحات حادة متبادلة، خصوصاً حول قضايا الهجرة والتأشيرات والاتفاقيات الثنائية. أحدث هذه التوترات تجلت في تصريحات أدلى بها وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، أمس الأحد لقناة LCI الفرنسية، حيث أعرب عن رغبته في إلغاء الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 2013، والتي تعفي المسؤولين الجزائريين من التأشيرة لدخول فرنسا. دارمانان وصف الخطوة بأنها "ذكية وفعالة"، مبرراً أنها تستهدف مسؤولين جزائريين يتخذون قرارات "تهدف إلى إهانة فرنسا". التصريحات شملت أيضاً اتفاقية 1968 التي تنظم وضع الجزائريين في فرنسا، حيث اعتبرها الوزير "قديمة وغير مناسبة للظروف الراهنة"، ملمحاً إلى احتمال مراجعتها أو إلغائها بالكامل. الاتفاقية تتيح امتيازات عديدة، من بينها دخول 35 ألف عامل جزائري سنوياً، وتسهيلات أخرى تتعلق بالإقامة وتأسيس الأعمال. جذور التوتر ومواقف الأطراف عبد الكريم الشعيري، الباحث في العلاقات الدولية، أوضح ل"أخبارنا" أن إلغاء اتفاقية 1968 ليس مطلباً جديداً، بل يمثل مطلباً تقليدياً لليمين الفرنسي الداعي إلى تشديد سياسات الهجرة، خصوصاً تجاه الجزائر. وأضاف أن الاتفاقية جاءت في زمن احتياج فرنسا للعمالة المهاجرة، إلا أن الظروف تغيرت، ما جعلها غير مبررة حالياً. الشعيري أشار إلى أن الاتفاقية خضعت لمراجعات في أعوام 1985، 1994، و2001، مرجحاً احتمال إلغائها قريباً، خصوصاً في ظل تزايد الدعوات السياسية لذلك، بما في ذلك من مرشحين رئاسيين. تداعيات محتملة وتباين ردود الأفعال إلغاء الاتفاقية قد يكون له تأثيرات داخلية وخارجية على الجزائر. الشعيري لفت إلى أن فرض التأشيرة على المسؤولين الجزائريين قد يُنظر إليه كإجراء عقابي، لكنه أقل تأثيراً مقارنة بإلغاء اتفاقية 1968، التي تشكل متنفساً للجزائريين لمغادرة البلاد أو للنظام الجزائري لتصدير أزماته. الوضع لم يسلم من التهكم، حيث علّق المعارض الجزائري شوقي بن زهرة عبر حسابه على فيسبوك قائلاً بسخرية: "جواز السفر الجزائري لا يسمح لك حتى بدخول الجزائر". سياق تاريخي وتوقعات مستقبلية العلاقات بين الجزائروفرنسا لطالما كانت معقدة، لكنها لم تصل إلى هذا المستوى من التصعيد. مراجعة أو إلغاء الاتفاقيات الثنائية يمثل خطوة غير مسبوقة قد تُفاقم الأزمات بين البلدين. مع استمرار التصريحات الحادة، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت هذه العلاقات ستشهد انفراجة قريباً، أم أنها تتجه نحو قطيعة دائمة.