يُجرى الاحصاء في بلادنا كما في العديد من دول العالم كل 10 سنوات، ويعتبر الإحصاء العام للسكان والسكنىRGPH لسنة 2024 سابع عملية إحصاء تشهدها بلادنا منذ الاستقلال ( 1960- 1971-1982- 1994- 2004 – 2014 – 2024)، مع العلم أن تعدادات سكانية كانت قد اجريت قبل هذا التاريخ غير أن أهدافها ودوافعها ومرجعياتها تحكمها النزعة الاستعمارية، ولا ترقى فن موثوقيتها نتائجها الى مستوى الاحصاء السكاني. يهدف الاحصاء العام للسكان والسكنى إلى تحديد السكان القانونيين للمملكة وضبط مميزاتهم الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية وظروف السكن، على مستوى الجهات والأقاليم والجماعات ووحدات ترابية أصغر مثل الدواوير القروية والأحياء الحضرية، فضلا عن تكوين قاعدة معطيات وبيانات توضع رهن اشارة الفاعلين لوضع السياسات العمومية والتنموية للبلاد على كل المستويات، وتكون رهن اشارة المهتمين في مختلف التخصصات لتعميق البحث في القضايا التنموية الكبرى. سبقت عملية الاحصاء العام للسكان والسكنى 2024 فترة اعداد أشرفت عليها المندوبية السامية للتخطيط HCP شملت أساسا الاعداد الخرائطي للوحدات الاحصائية الميدانية، وتكوين المشرفين والمراقبين والباحثين عن بعد، وحضوريا بعد استيفاء شروط المشاركة الفعلية القائمة على الكفاءة والجدارة وروح المسؤولية والانضباط، قبل الانخراط في عملية تجميع المعطيات من الأسر مباشرة ابتداء من فاتح شتنبر، وذلك في اطار قانون مؤطر ومنظم لعملية الإحصاء رقم 71-001 الصادر في يوليوز 1971 الذي يضمن الفصل 2 منه سرية المعلومات الخاصة بالأسر وعدم استغلالها للمتابعة القضائية أو الضريبية، بينما يحدد الفصل 3 منه التدابير القانونية التي يمكن اتخادها في حق الأفراد الذين يرفضون الاجراء أو يدلون عمدا بتصريحات غير صحيحة. وبعد انتهاء عملية الاحصاء، ماذا ينتظر المواطنون من العملية الوطنية الهامة؟ 1- ينتظر الفاعلون المحليون، العمل على نشر النتائج المفصلة الاحصاء العام للسكان والسكنى على مستوى الجماعات والاقاليم والجهات، ووضعها رهن اشارة الفاعلين واضعي السياسات العمومية، ولاسما على مستوى الجماعات الترابية التي لا تستطيع تحيين مخططاتها وبرامج عملها للسنوات المقبلة دون معطيات دقيقة ومفصلة تهم الخصائص الديمغرافية والسوسيواقتصادية وغيرها، وتكون هذه المعطيات متاحة للمهتمين بالبحث العلمي في مختلف التخصصات ولاسيما الجغرافيا والاقتصاد والسوسيولوجيا …الخ. 2- ينتظر عموم المواطنين، التعجيل بعملية نشر البيانات المطلوبة التي يرتقب أن تكون في جودة عالية بالنظر إلى جودة ودقة محطات ومراحل الاعداد للعملية برمتها، ومنها اعتماد الاستمارة الاليكترونية في عملية تجميع المعطيات من الميدان وارسال البيانات المجمعة في حينه بعد ضبطها من طرف الباحثين والتأكد من جودتها من طرف المراقبين إلى الخوادم المركزية للمندوبية السامية للتخطيط، وذلك لأول مرة ببلادنا في تاريخ انجاز الاحصاءات السكانية. وفي هذا الصدد لا مبرر لانتظار تطول مدته، كما كان الشأن في العمليات الاحصائية السابقة التي كانت فيها الاستمارات ورقية ( ورقة الأسرة – ورقة المسكن ….) تتطلب عملية تفريغ بياناتها ومعالجتها جهدا وفترة زمنية محددة. 3- تنتظر الأسر ولاسيما تلك التي تعيش أوضاعا اجتماعية صعبة، بعد تكوين قاعدة المعطيات ومعالجتها ونشر نتائج الاحصاء العام للسكان والسكنى، توسيع قاعدة برامج الدعم الاجتماعي وتصحيح وضع غير المستفيدة منها بإلحاقها ببرامج الحماية الاجتماعية على مستوى التغطية الصحية ( AMO-AMO تضامن …) وأنظمة التقاعد (CNSS…) فضلا تجويد خدمات الأنظمة المذكورة، وتيسير سبل الولوج إلى مختلف الخدمات الصحية والعلاجية -الاستشفائية والتعليمية والثقافية .. التي يفترض أن تتوسع قاعدة الانخراط فيها بعد تعزيز العرض من المؤسسات التي تقدم تلك الخدمات في اطار برامج عمل جديدة يضعها الفاعلون المحليون بناء على نتائج احصاء 2024. 4 – وينتظر المهتمون بالبحث العلمي نتائج احصاء مفصلة ودقيقة تهم الخصوصيات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مستويات جغرافية أدق، تبدأ بالدواوير والأحياء والجماعات الترابية والأقاليم والجهات وتنتهي بالمستوى الوطني العام، معطيات شاملة غير مجزأة تعفي الباحثين عناء التنقل بين مختلف الادارات التي لا تقدم بدورها سوى القليل مما يطمح إليه المعنيون بالأمر، ومنها على سبيل المثال معطيات الهجرات الداخلية المفصلة بين الجماعات وبين الاقاليم وبين الجهات غير المتاحة للباحثين في هذا التخصص. الحسن فركاكوم : ذ الاجتماعيات –طالب باحث في الجغرافيا – كلية الآداب جامعة ابن زهر.