بعد اكتشاف الكهرباء، توالت الاختراعات في إنتاج وتخزين وتوزيع الكهرباء. فظهرت العديد من المعدات التي سمحت بنقل الكهرباء عبر خطوط الضغط العالي، وجعلِ المنازل مزودة بنورها. الذكاء الإنساني لم يقف عند هذا الحد، بل شرع في الاستفادة القصوى من هذا الاكتشاف الذي نقل حياة الإنسان من واقع إلى واقع مغاير مع مطلع القرن العشرين. سمح اكتشاف الكهرباء من تعزيز الأبحاث والتجارب، وهو ما أفضى إلى ظهور العديد من الأدوات الكهربائية التي جعلت الإنسانية تدخل عصر الحداثة، الأمر الذي سنتطرق له في هذه الحلقة. يعتبر الإبريق الكهربائي لغلي الماء من أقدم الأدوات الكهربائية المنزلية، فأول إبريق كهربائي ظهر في الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 1893. لكن الإبريق الموثوق والقابل للاستعمال الكثيف يعود لسنة 1923 من ابتكار الإنجليزي -لاَرْجْ-. وفي 1931 سيبتكر إنجليزي آخر قاطع الأمان الذي يحمي الإبريق حين يتجاوز السخان الحرارة المعهودة. وبذلك يصبح الإبريق الكهربائي منتشرا في المنازل وأحد المكونات الجديدة لأدوات المطبخ منذ ثلاثينيات القرن الماضي. أول ثلاجة تظهر للوجود بمدينة شيكاغو الأمريكية سنة 1913. وفي سنة 1918 سيشرع الأمريكي -ناتانييل واليس- في بيع ثلاجته للعموم. ولم تظهر الثلاجة بحرارتين تُمكن من تجميد الأغذية سوى سنة 1939 من قبل الشركة الأمريكية المعروفة جنيرال إلكتريك. هذه الأخيرة ستكون أول من سيضع في الأسواق التجارية مُحمصة الخبز (grille pain) سنة 1909. لكن محمصة الخبز كما نعرفها في عصرنا تم اختراعها من طرف الأمريكي -شارل ستريت- سنة 1918. يعود تاريخ غسالة الأواني إلى ما قبل حقبة الكهرباء. فأول غسالة للأواني كانت ميكانيكية وظهرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية ما بين عامي 1850 و1865. غسالة الأواني الكهربائية ظهرت في الأسواق سنة 1912، والغسالة الأتوماتيكية تم الشروع في تصنيعها سنة 1940 في الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولم يُشرع في تصديرها لأوروبا إلا سنة 1960. أما غسالة الملابس فقد عرفت تاريخا مغايرا. فقد كان الإنسان يستعمل آلة تشتغل بالبخار قبل أن يخترع الأمريكي -ألفا فيشير- سنة 1901 أول غسالة كهربائية. لكن تصنيع هذه الآلة بكثافة وتسويقها لم يبدأ سوى في مطلع الحرب العالمية الثانية. إذا كانت طحانة القهوة اليدوية قديمة قدم استهلاك الإنسان للقهوة، حيث يعود تاريخ اختراعها إلى سنة 1687، فإن الطحانة الكهربائية لم تظهر للوجود سوى سنة 1937 من طرف الشركة الأمريكية -هوبار منيفاكتورين-. فرن الموجات الدقيقة (Micro-Ondes) تم اختراعه بالصدفة من قبل الأمريكي -بيرسي سبينسر- الذي لاحظ ذوبان حلوى كانت في جيبه حين كان يقوم بتجارب حول انبعاث الطاقة الكهرومغناطيسية من خلال الموجات القصيرة. فقامت الشركة الأمريكية -رايثيون- التي يقوم -بيرسي- بأبحاثه لصالحها، بتطوير تلك الملاحظة التي أفضت إلى طرح الشركة لفرن الموجات الدقيقة في الأسواق سنة 1947. كانت هذه الآلات بمختلف وظائفها هي البداية الفعلية لانطلاق الثورة الصناعية في الآلات المنزلية، وتعزيز مجتمع العصرنة. فأصبح المخترعون يتسابقون من أجل الاستفادة من اكتشاف الكهرباء، لاختراع آلات كهربائية تساعد الإنسان في حاجياته اليومية معلنة بداية عصر الرفاهية والاستهلاك الكثيف. لم يترك المخترعون أي مجال من مجالات حاجيات الإنسان اليومية إلا وطرحوا في الأسواق آلات تناسب تلك الحاجيات. هكذا بدأت تظهر بعض الآلات التي تزيد من رفاهية الإنسان كماكينة الحلاقة الكهربائية التي اخترعها الأمريكي -جاكوب سشيك- سنة 1928، ولم تظهر هذه الآلة في الأسواق الأوروبية سوى سنة 1945. ومجفف الشعر الذي ظهر في الأسواق الأمريكية في 1920، في حين لم يُشرع في إنتاج مجفف الشعر المنزلي سوى سنة 1951. أما الشواية الكهربائية فقد اخترعها الأمريكي -شارل أمسترونغ- وتم تسويقها ابتداء من سنة 1916. مِكواة الملابس اخترعها الأمريكي -هونري سيلي- سنة 1882، لكنها لم تكن تستعمل لأن المنازل لم تكن مرتبطة بعدُ بالشبكة الكهربائية. سنة 1924 اخترع الأمريكي -جوزيف مايير- المكواة بمنظم الحرارة (Thermostat)، قبل أن تطرح شركة أمريكية المكواة بالبخار سنة 1926. وفكرة المكواة قديمة جدا، تعود جذورها إلى القرن الخامس حيث كان الصينيون يستعملون صحونا من النحاس يضعون فيها الجمر الساخن لِكَيِّ الملابس. وظلت الإنسانية تستعمل هذه الطريقة في كَيِّ الملابس حتى القرن الثامن حيث ظهرت في الغرب المكواة التي يتم تسخينها فوق الفرن في القرن 19، ثم المكواة الكهربائية في القرن 20. قد يعتقد الناس أن تطور رفاهية العيش يزيد مع تطور الابتكار الإنساني، لكننا لا يجب أن نغفل حقيقة أن الرفاهية مهما بلغت من تقدم، يعود الفضل فيها لشيء واحد هو ابتكار الكهرباء. سعيد الغماز