شهدت الغرفة التلبسية بالمحكمة الإبتدائية بتزنيت يوم الإثنين 4 مارس 2024، محاكمة المعتقلين الأربعة في قضية "انهيار عمارة باب أكلو"، والتي توفي على إثرها عاملان، وأصيب آخرون إصابات متفاوتة الخطورة، مرافعات حامية الوطيس من دفاع المعتقلين احتياطيا، من بينهم المهندس المعماري، والمهندس صاحب مكتب الدراسات المكلف بتتبع المشروع، والمهندس صاحب مكتب المراقبة، والمقاول صاحب الشركة المكلفة بالبناء . المرافعات كانت ساخنة من طرف دفاع المتهمين المعتقلين من خلال ما تقدموا به من الدفوعات الشكلية حيت طالب الدفاع ببطلان محاضر الضابطة القضائية، بناء على أن القضية لا تكتسي حالة التلبس ، فالعمارة إنهارت و لم يتم تقديم المتهمين الا بعد مرور أزيد من شهر. كما استغرب الدفاع السرعة التي أحال بها قاضي التحقيق الملف على المحكمة ،و اعتبر أن الملف يتكون من ملف تقني كبير و كان على قاضي التحقيق أن يواصل فيه التحري و البحث من أجل الوقوف على حيثيات الملف. و وصف الدفاع قبول صاحب العمارة كمطالب بالحق المدني "بالمهزلة"، ويتناقص مع روح القانون، مطالبا من خلال الدفوعات الشكلية بإجراء بحث تكميلي في الملف. و قرر رئيس الجلسة رفض الدفوعات الشكلية لهيئة الدفاع، في ظل تخلف المستثمر صاحب العمارة عن الحضور رغم توصله بالإستدعاء . ويتابع المتهمون الأربعة، الذين ما يزالون رهن الإعتقال الإحتياطي بالسجن المحلي بتيزنيت، بتهم تتعلق بالقتل غير العمد الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز عن الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام، نتيجة عدم مراعاة النظم والقوانين والبناء بدون رخصة وإنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة بالنسبة للمتهم الأول المقاول (ه.ف)، والقتل غير العمد الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام في إنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة وعدم مسك دفتر الورش بالنسبة للمتهم الثاني المهندس المعماري (ع.ز)، والقتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام نتيجة عدم مراعاة النظم والقوانين والبناء بدون رخصة وإنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة بالنسبة للمتهمين الثالث (ع.إد) والرابع (س.س) وهما مهندسي دولة، طبقا للفصول 129 و432 و433 من القانون الجنائي، والمواد 542، و64 و 72 و76 وو71 و78 من القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء. وأظهرت الخبرة القضائية المنجزة خلال مرحلة التحقيق، قبل إحالة الملف على النيابة العامة لإحالة المتهمين على جلسة المحاكمة، أن أسباب انهيار العمارة يتمثل في "ضعف جودة مواد البناء وحديد التسليح، بالإضافة إلى عدم مطابقة مضمون التصاميم المرخص بها بخصوص أبعاد بعض الأعمدة واختلاف مقاساتها لما تم بناؤه على أرض الواقع، فضلا عن وجود خلل في طبقات الإسمنت والحصى والرمل في الخرسانة المسلحة، وفي أسلاك عقد التعشيق بين الأعمدة والجسور، وكذا وجود تباعد بين النواة المركزية وشبكة الأعمدة والجسور يقدر ب8.10 مترا في ثلاث جهات، خلافا للأبعاد المقترحة في التصاميم المحددة في أربعة أمتار فقط". كما خلص تقرير الخبرة المنجز من قبل المختبر العمومي للتجارب والدراسات إلى "غياب تقارير التجارب المتعلقة بمطابقة المواد المستعملة في البناء، وخاصة الخرسانة والحديد لمعايير الجودة، ونقص في قياسات بعض الأعمدة بالطابق تحت أرضي (35،35 سم2)، مع وجود اختلاف وعدم تطابق في القياسات المحددة في التصميم مع تلك التي بالواقع، وعدم تطابق عملية البناء وتصميم الخرسانة المنجز من قبل مكتب الدراسات، وذلك باستبدال ألواح الإسمنت المسلح بألواح من التكتل، وكذا غياب المحاضر بدفتر الورش". ملف قضية العمارة المنهارة بتيزنيت يطرح إشكالات أخرى تروج بشدة في أوساط المقاولين ومهنيي قطاع البناء بسوس، وتتعلق بعقد إنجاز أشغال هذا المشروع، حيث ثمن إنجاز متر مربع من الأشغال في مثل هذه المشاريع يتراوح ما بين 1200 درهم إلى 1500 درهم لكل متر مربع من الأشغال، في حين عقد صاحب الشركة والمقاول حدد فيه مبلغ بحوالي 930 درهم للمتر مربع، مما يطرح أكثر من تساؤل، خصوصا إذا استحضر أن صاحب العمارة متمرس في قطاع العقار وله العديد من المشاريع، وهو ما يسائل أيضا هامش الربح في مثل هذه المشاريع وجودة الأشغال. ياسمين اليونسي