ان تكون مواطنا من الطبقة المتوسطة فلابد أن يلتهب جيبك بارتفاع الاسعار الذي أصاب أغلب السلع، و لابد أن راتبك لم يعد يتم معك الشهر. و لابد انك تنتظر من الحكومة ان تخفف عنك هذه الأعباء حتى تبقى على قيد الحياة. و لابد أن آخر شيئ تحب أن تضيع عليه نقودك هو المرابد و اصحاب السترات الصفراء الذين يحتلون الفضاء العام. كانت جماعة أكادير قد بشرتنا قبل اشهر بمجانية هذه المرابد، قبل أن نفاجئ و دون سابق إنذار بلافتات نبتت بين عشية وضحاها تأمرنا بالدفع مقابل الركن. و العلة ان مرتزقة المرابد كانوا يبتزون الناس، فبدلا من طرد هؤلاء قامت الجماعة بكراء كل المرابد و الطرق، لكنها وعدتنا بالمقابل بخدمات أفضل. بما أنني مواطن صالح، قررت الامتثال و الدفع. لم ار بصراحة اي تحسن في الخدمات، فالوجوه العابسة هي نفسها من يحصل المبالغ، و كأن هناك معايير تضعها شركات المرابد لتوظيف هؤلاء، حيث ينبغي أن يكون عبوسا و كأنه يتعامل مع المجرمين و ليس مع المواطنين، و ان يكون قويا كي يستطيع تكسير عظام من تسول له نفسه المعارضة، كما حصل مع مواطن حينما تعرض للضرب في المنطقة السياحية الاسبوع الماضي لأنه رفض الأداء. في الماضي، كان بالإمكان الامتناع أحيانا عن الدفع دون مقاومة، أما الآن و قد تحول اصحاب السترات الصفراء للباس السترات الزرقاء، فإن الامتناع خطر عليك و قد اكسبهم لباسهم الجديد طابع الرسمية و القداسة. حتى كلمة "الله يرحم الوالدين" التي كنا نسمعها منهم جزاء احساننا، تحولت إلى نظرات حقد و غضب. المهم اني أخذت سيارتي و توقفت في البنك بشارع المقاومة فدفعت درهمين. ثم أمام البلدية للمصادقة على بعض الوثائق، ثم عند مصلحة الضرائب. و دخلت السوق فدفعت درهمين، حتى بعد الصلاة استوقفني أحدهم للدفع. في آخر النهار أخذت بناتي للبحر لثلاث ساعات، فدفعت 12 درهما مقابل الركن في ساحة بيجاوان. الحاصل اني دفعت 30 درهما في اليوم لأصحاب السترات الزرقاء، فميزانية المرابد لشخص مثلي ممن يعتمد عمله على الحركة ستزيد عن 600 درهم في الشهر. بعد بيع كل شيئ في مدينة اكادير، لم يعد لنا الا شاطئ البحر الذي لا يزال مجانيا لحدود الساعة. عفوا! نسيت انه محتل من اصحاب الباراسولات و الكراسي. لعل احسن مكان تقضي فيه وقتك دون أن تكون مضطرا للدفع في عهد مجلس رجال الأعمال لمدينة أكادير، هو ان تجلس في بيتك، فلن يعكر صفوك الا نباح الكلاب الضالة... لحدود الساعة، قبل أن تخرج لنا رسوم جديدة عن الهواء الذي نتنفسه.