حالة مجلس جماعة اكادير- مساهمة في النقاش د.محمد باكيري- عضو المجلس الجماعي لأكادير فتح مؤخرا نقاش عمومي حول امكانية اقالة رئيس المجلس الجماعي بسبب غيابه المتكررعن دورات المجلس الجماعي و مامدى امكانية تطبيق المادة 67 من القانون التنظيمي 14-113 على حالة الرئيس الذي يتكرر غيابه ؟، و هو النقاش الذي ارتبط كذلك بحالة رئيس مجلس الجماعي الذي يشغل كذلك مهمة رئيس الحكومة وهي حالة جماعة أكادير، ليطرح السؤال هل من الامكان الواقعي أن يتم الجمع بين المسؤوليتين بما تتطلبان من جهد كبير في التخطيط و التنفيذ و المتابعة و التواصل ؟ هذا ماسيتم تناوله من خلال المحاور التالية : 1- نجاعة التدبير الجماعي بين الاهتمام القانوني و سلبيات الغياب : أحاط المشرع المغربي موضوع التدبير الجماعي بعناية خاصة من خلال الحرص على تجويد النصوص القانونية التي تناولت موضوع التدبير من مختلف جوانبه خاصة ما يتعلق بصلاحيات المجلس الجماعي و الرئيس و النظام الاساسي للمنتخب و العلاقة مع باقي المتدخلين في موضوع التدبير الجماعي كما تناول الاشكاليات المحتملة المعيقة لتنفيذ الاجهزة المسيرة لمهامها و الهدف ضمان استمرارية المرفق الجماعي و حسن ادائه . أهمية دورات المجلس الجماعي : يمكن اعتبار دورات المجلس بمثابة برلمان للمدينة لأهمية التداول الذي يتم فيها و التدافع بين وجهات النظر بين الاغلبية و المعارضة حرصا على تجويد " الانتاج التشريعي " الجماعي الذي يصدر في شكل مقررات ملزمة للرئيس بتنفيذها، اذ خصت المادة92 ،من القانون التنظيمي المذكور ، المجلس الجماعي ب29 صلاحية مهمة تهم ميادين المالية و الجبايات و الاملاك الجماعية ، المرافق و التجهيزات العمومية المحلية ، التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، التعمير و البناء و اعداد التراب ، التدابير الصحية و النظافة و حماية البيئة ، تنظيم الادارة و التعاون و الشراكة . و لهذه الاهمية حرص المشرع على ان يمنح دورات المجلس الجماعي مكانة خاصة من خلال جعل الحضور فيها اجباريا و رتب عن الغيابات المتكررة فيها امكانية الاقالة من المجلس ، جاء في المادة 67 من القانون التنظيمي 14-113 مايلي : يعتبر حضور أعضاء المجلس الجماعة دورات المجلس اجباريا . كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة لم يلب الاستدعاء لحضور ثلاث دورات متتالية أو خمس دورات بصفة متقطعة دون مبرر يقبله المجلس ، يعتبر مقالا بجكم القانون .و يجتمع المجلس لمعاينة هذه الاقالة . يتعين على رئيس المجلس مسك سجل للحضور عند افتتاح كل دورة ، و الاعلان عن أسماء الاعضاء المتغيبين . يوجه رئيس المجلس نسخة من هذا السجل الى عامل العمالة أو الاقليم أو من يمثله داخل أجل خمسة ( 5) أيام بعد انتهاء دورة المجلس ،كما يخبره داخل الأجل نفسه بالإقالة المشار اليها أعلاه. مكانة الرئيس في تدبير شؤون المجلس الجماعي : مكن المشرع من خلال القانون التنظيمي 14-113 في الباب الثاني منه رئيس المجلس الجماعي من صلاحيات مهمة ،منها : – تنفيذ مداولات المجلس و مقرراته و اتخاذ جميع التدابير اللازمة لذلك و حددت المادة 94 من القانون التنظيمي المذكور 14 صلاحية في هذا الجانب ، * – ممارسة السلطة التنظيمية ، * – تسيير المصالح الادارية للجماعة، * – مسؤولية حفظ جميع الوثائق التي تتعلق بأعمال المجلس و غيرها ، * – مسؤولية المصادقة على صفقات الاشغال او التوريدات او الخدمات ، * – ممارسة صلاحيات الشرطة الادارية في مجموعة من الميادين حيث يتمتع الرئيس ب24 صلاحية يتخذ بموجبها قرارات تنظيمية و بواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في الاذن أو الامر أو المنع ، * – صلاحيات في مجال التعمير ، * – يعتبر ضابطا للحالة المدنية ، * – تمثيل الجماعة لدى المحاكم في حالة المنازعات و السهر على الدفاع على مصالحها أمام القضاء ، * – اعداد جدول أعمال دورات المجلس الجماعي ، * – الاشراف و قيادة عمل المكتب الجماعي ، * – بالإضافة الى المهام المذكورة أعلاه ، هناك مهمات و صلاحيات اخرى لا تقل أهمية ، منها عضوية المجالس الادارية لبعض المؤسسات و رئاسة أو عضوية لجن تتبع الاتفاقيات التي تكون الجماعة طرفا فيها و غيرها من التمثيليات في بعض الهيئات كمؤسسة التعاون بين الجماعات أو مجموعة او مجموعة الجماعات الترابية ، – المهام البروتوكولية ، – العمل الميداني الذي أساسه تفقد الاشغال و المرافق الجماعية و الزيارات التواصلية مع المواطنين ، و بطبيعة الحال لا يمكن تجاوز الدور السياسي والمتعلق بالمساهمة في التنزيل الناجح لمبدأ التدبير الحر وكذا الدفاع عن التنزيل الديموقراطي لكل القوانين المتعلقة بتدبير الجماعات بما يهيئ هذه الأخيرة لإنجاح ورش الجهوية المتقدمة و تكريس مكانتها كفاعل ترابي أساس في التنمية المجالية . وجبت الاشارة الى ان المشرع ، أمام كثرة مهام رئيس المجلس الجماعي ، فانه ، من خلال القانون التنظيمي المذكور، منح صلاحية للرئيس لتفويض اما امضاءه أو بعض صلاحياته لبعض نوابه (المادة 103) و كذا تفويض امضاءه في مجال التدبير الاداري للمدير العام و له كذلك امكانية تفويض امضائه لرؤساء أقسام و مصالح ادارة الجماعة ( المادة 104) بالإضافة الى امكانية تفويض امضائه للمدير العام على الوثائق المتعلقة بقبض مداخيل الجماعة وصرف نفقاتها . الا انه رغم امكانيات التفويض هذه ، فإنها لا تعفي الرئيس من المسؤولية ( وجود أحكام قضائية في هذا الباب ) و المراقبة و بالتالي تبقى مسؤولية الرئيس قائمة في الاشراف و المتابعة و المحاسبة . اذن نحن أمام مسؤوليات كبيرة ، خاصة عندما يتعلق الامر بمدن كبيرة او متوسطة يتجاوز عدد سكانها مئات الالاف من الساكنة ، و تعيش تحديات تنموية كبيرة ، مهام مهمة تؤكد مركزية دور الرئيس في تدبير شؤون الجماعة و ضرورة تفرغه للقيام بهذه الواجبات. المادة 67 و الغياب عن أشغال دورة المجلس : هل هناك تمييز في التعامل بين حالة الرئيس و باقي المنتخبين ؟ بعض الآراء التي تناولت مؤخرا موضوع طلب اقالة رئيس المجلس الجماعي بسبب الغياب المتكرر ، حاولت استثناء الرئيس من تطبيق هذه المادة 67 وحصرت تطبيقها فقط على باقي اعضاء المجلس الجماعي بدعوى ان الرئيس هو من يمسك سجل الحضور و يعلن عن المتغيبين وفقا لنفس المادة ، مما لا يمكن معه لهذه المادة أن تسند صلاحية مراقبة الغياب الى متغيب مفترض و انه مادام قد سمح للرئيس بالتفويض ، ومادام انه لا تهديد يمس بحسن سير الجماعة و ان السير عادي لم يتوقف فان الاقالة بسبب الغياب في الدورات لا تنطبق على الرئيس و ان مسطرة اعفاء الرئيس مختلفة عن مسطرة اعفاء باقي اعضاء المجلس وخلاصة القول بالنسبة لهذا الرأي ان هناك فصل بين مؤسسة الرئيس و مؤسسة المجلس الجماعي و بالتالي لا يمكن تطبيق مضامين المادة 67 على رئيس المجلس الجماعي و ما هو متاح امام اعضاء المجلس هو التقدم بملتمس مطالبة الرئيس بتقديم استقالته بعد مرور ثلاث سنوات من مدة انتداب المجلس . من جهة اخرى تبرز وجهة نظر مقابلة، تظهر انها اكثر انسجاما مع النفس الديموقراطي المطلوب في مؤسساتنا التدبيرية و قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر خاصة ما يتعلق بتكريس قيم الديموقراطية و الشفافية و المحاسبة و المسؤولية ، وجهة النظر هذه تفيد ان القانون التنظيمي لم يميز في حالة الغياب المتكرر بين رئيس المجلس و باقي الاعضاء و بالتالي لاوجود لما يمنع من تطبيق المادة 67 في حالة التغيب المتكرر للرئيس بصفة متكررة أي ان يجتمع المجلس الجماعي لمعاينة هذه الاقالة و هو سيد نفسه بقبولها أو رفضها . قبل بسط حجج الرأي الثاني ، يمكن الاشارة الى ان المشرع من خلال عدة مواد في القانون التنظيمي 14-113 تطرق الى كل الحالات الممكنة التي يمكن أن تؤثر على أداء المجلس الجماعي سواء من جهة الرئيس أو عضو المجلس أو المجلس برمته لذلك تحدث عن: – امكانية اقالة رئيس المجلس الجماعي ، في حالة انقطاعه عن مزاولة مهامه لأي سبب من الاسباب المحصورة في المادة 20 من القانون التنظيمي 14-113، منها الانقطاع بدون مبرر أو الامتناع عن مزاولة المهام لمدة شهرين ( المادة 21) * – شكليات تقديم الرئيس لاستقالته و سريان أثرها ( المادة 59) * – امكانية عزل الرئيس ( المواد 63 و 64) * – عدم جواز انتخاب عضو المجلس الجماعي رئيسا للمجلس ان كان يقيم بالخارج (المادة 69) * – امكانية تقديم ملتمس مطالبة الرئيس بتقديم استقالته بعد مرور ثلاث سنوات من مدة انتداب المجلس ( المادة 70) * – امكانية حل المجلس ( المادة 72) * – الاجراءات المقررة في حالة امتناع الرئيس عن أداء مهامه ( المادة 76) أمام هذه الاحاطة بالاحتمالات الممكنة التي قد تعترض تدبير الجماعة و تؤثر على سيره الطبيعي ، تبرز الحالة التي نحن بصددها و هي الغياب المتكرر لرئيس المجلس الجماعي عن دورات المجلس ، هل تنطبق عليها مضامين المادة 67 أم لا ؟ خلاصة الرأي الثاني تقول بامكانية تطبيق مضامين المادة 67 و حجج ذلك مايلي : – اسم الباب الثالث من القسم الأول من القانون التنظيمي 14-113 (من المادة 51 الى المادة 76) ، المعنون بالنظام الاساسي للمنتخب فكلمة المنتخب هنا تحيل الى الرئيس و باقي اعضاء المجلس الجماعي و لم يفصل العنوان في الحالتين و الا اذا كان المشرع حريص على تأكيد اننا امام مؤسستين مع تمييز مؤسسة الرئيس كان الاجدر تقسيم الباب المذكور بحيث يتم تناول حالات الرئيس بمعزل عن باقي اعضاء المجلس و هذا مالم يتم . * – كما هو مبين في المادة 67 ، تحدثت مقدمة المادة عن أعضاء المجلس دون استثناء أحد منهم، * – مجيئ الفقرة الثانية من المادة المذكورة بصيغة الاستغراق : "كل عضو من اعضاء المجلس..."بما يفيد قطعا ان جميع اعضاء المجلس معنيين بمضامين هذه المادة و لا وجود لاستثناءات ، – من جهة أخرى تناولت المادة 65 من القانون التنظيمي 14-113 موضوع منع ربط مصالح خاصة مع الجماعة ، و جاءت صيغة المنع بنفس صياغة مقدمة المادة 67 ( يمنع على كل عضو من اعضاء مجلس الجماعة ان يربط مصالح خاصة مع الجماعة …) والمعلوم ان منع ربط مصالح مع الجماعة خاصة من طرف اعضاء مجلس الجماعة هو منع على جميع اعضائها بمن فيهم الرئيس بمعنى اخر ان هذه الصيغة التي لم تستني الرئيس تدفعنا الى القول بان نفس الصيغة التي جاءت في مقدمة المادة 67 لها دلالة واحدة ان جميع اعضاء المجلس ، بمن فيهم الرئيس ، يعتبرون مقالون بحكم القانون اذا تكرر غيابهم حسب ماجاء في المادة 67. – كيف يستقيم ان يقال عضو المجلس الجماعي ، دون الرئيس ، على اعتبار ان هذا العضو أخل بالتزامه الوحيد في المجلس و هو التداول بينما الرئيس لا تنطبق عليه المادة المذكورة و هو في هذه الحالة سيكون قد أخل بالتزاماته كعضو في المجلس من جهة ( عدم القيام بمهمة التداول ) ومن جهة أخرى عدم القيام بمسؤولية الاشراف على تدبير شؤون الجماعة ؟ 2- حالات التنافي في الجمع بين المسؤوليات و ضرورة توسيعها لضمان الحضور الفعلي للرئيس : لقناعة المشرع باستحالة الجمع بين بعض المهام أقر مبدأ التنافي في جمع المسؤوليات منها الحالات المتعلقة برئيس المجلس الجماعي و الحالات المتعلقة بالوزراء ، و الهدف من ذلك تمكين مدبر الشأن العام الوطني أو المحلي من وعاء زمني كاف للقيام بواجباته على أحسن وجه ، و يمكن استعراض صور هذا التنافي في حالتي رئيس المجلس الجماعي وأعضاء مجلس الحكومة كالاتي : 1- على مستوى رئاسة المجلس الجماعي : ٭ تناولت الفقرات الأولى و الثانية من المادة 15 من القانون التنظيمي 14-113 حالات التنافي في الجمع بين مسؤولية رئاسة جماعة و بعض المسؤوليات الاخرى : تتنافى مهام رئيس المجلس الجماعة أو نائب رئيس مجلس الجماعة مع مهام رئيس أو نائب رئيس مجلس جماعة ترابية أخرى أو مهام رئيس او نائب رئيس غرفة مهنية . و في حالة الجمع بين هذه المهام ، يعتبر المعني بالأمر مقالا بحكم القانون من أول رئاسة أو انابة انتخب لها . تتم معاينة هذه الاقالة بموجب قرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية . ٭من جهة أخرى جاء في القانون التنظيمي 27-11 المتعلق بمجلس النواب في تعديله الأخير ، أنه تتنافى العضوية في مجلس النواب مع …رئاسة مجلس كل جماعة يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة ( المادة 13)ونفس الأمر للعضوية في مجلس المستشارين ( المادة 14 من القانون التنظيمي 28-11 المتعلق بمجلس المستشارين في تعديله الأخير) . 2- على مستوى أعضاء المجلس الحكومي ، جاء في الباب الثالث ، من القانون التنظيمي 13-065المذكور سابقا ، والمعنون ب الوضع القانوني لأعضاء الحكومة و حالات التنافي مع الوظيفة الحكومية و قواعد الحد من الجمع بين المناصب ( المادة 32): تتنافى مع الوظيفة الحكومية : * -العضوية في أحد مجلسي البرلمان، * – منصب مسؤول عن مؤسسة عمومية او مقاولة عمومية، وتتنافى كذلك مع ׃ * – رئاسة مجلس الجهة ، * – اكثر من رئاسة واحدة لغرفة مهنية او لمجلس جماعة او مجلس اقليم او مجلس مقاطعة جماعية او مجموعة تؤسسها جماعات ترابية، * – مزاولة كل مهمة عمومية غير انتخابية في مصالح الدولة او الجماعات الترابية او المؤسسات العمومية او الاشخاص الاخرين من اشخاص القانون العام او الشركات التي تملك الدولة اكثر من 30 في المائة من رأسمالها. و تأكيدا على ضرورة التفرغ و الحضور الفعلي للرئيس كان المشرع حاسما في ضرورة الاقامة بارض الوطن لمن يريد تحمل المسؤولية التدبيرية و الهدف واضح في ضمان التفرغ للمهمة و الحضور الفعلي ، جاء في المادة 69 من القانون التنظيمي للجماعات: "لايجوز أن ينتخب رئيسا أو نائبا للرئيس أعضاء مجلس الجماعة الذين هم مقيمون خارج الوطن لاي سبب من الاسباب . يعلن فورا ، بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية ، بعد رفع الامر اليها من قبل عامل العمالة او الالقيم ، عن اقالة رئيس المجلس أو نائبه الذي ثبت ، بعد انتخابه ، انه مقيم في الخارج ." وتيسيرا من الناحية الاجرائية لبعض الرؤساء سبل الحضور الفعلي و معالجة لبعض اسباب الغياب المرتبطة اساس بظروف العمل، منح القانون للموظفين و أعوان الدولة و الجماعات الترابية و المؤسسات العمومية و الذين انتخبوا أعضاء في مجلس الجماعة ( بمن فيهم الرئيس ) امكانية الاستفادة من رخص التغيب للمشاركة في دورات المجلس ( المادة 55 من ق.ت 14-113)و نفس الأمر للمأجورين ( المادة 56 من نفس القانون التنظيمي )كما أن القانون منح للموظفين أو الأعوان من الموظفين اذا انتخبوا رؤساء لمجالس الجماعات ، بناء على طلبهم ، من الاستفادة من وضعية الالحاق أو حالة الوضع رهن الاشارة لدى الجماعة ( المادة 57) و لمزيد من التشدد في مسألة الغياب ، نص القانون التنظيمي على أنه اذا تغيب الرئيس اكثر من شهر( عن تدبير شؤون الجماعة و ليس حضور الدورات )، خلفه مؤقتا ،بحكم القانون ، في جميع صلاحياته أحد نوابه حسب الترتيب ( المادة 109من ق.ت 14-113). تتكامل هذه الاجراءات لتؤكد سعي المشرع الى أن يتفرغ المسؤول عن تدبير شؤون الجماعة للقيام بواجبه التدبيري و لن يكون ذلك الا بالحضور الفعلي ، فكما لا يتصور أن الجمع بين مسؤوليات متعددة سيسمح بالأداء الجيد لها و كما لا يتصور أن تسير الجماعة من رئيس مقيم خارج أرض الوطن كذلك لا يتصور أن تسيير جماعة كبيرة مع تحمل مسؤولية ثقيلة أخرى و كذلك لايتصور تسيير شؤون مدينة بالتغيب المتكرر عنها و عن حضور أشغال دورات مجلسها . و اذا كان مرفوضا قانونيا الجمع بين مسؤولية رئاسة او نيابة رئاسة جماعة مع رئاسة او نيابة رئاسة جماعة ترابية اخرى و نفس الامر لغرفة مهنية – رغم انه يمكن ان تكون تلك الجماعة الترابية الاخرى عبارة عن جماعة صغيرة محدودة الانتظارات – اذا كان هذا الجمع مرفوضا فكيف يتم قبول الجمع بين مسؤولية رئاسة جماعة و مسؤولية حكومية ؟ 3- حالة المجلس الجماعي لاكادير جماعة اكادير كعاصمة ادارية لجهة سوس ماسة عليها رهان استحقاق عاصمة الوسط الحقيقي للمملكة و كمدينة عليها كذلك مسؤولية قيادة اكادير الكبير و من جهة اخرى باعتبارها مجال تنزيل برنامج تنمية حضرية واعد طال انتظاره يقتضى ممن يتحمل المسؤولية التدبيرية فيها ان يركز جهوده ووقته على المدينة فقط و باعتبارها كذلك من المدن الكبرى المؤثرة في التنمية الجهوية و الوطنية ، مع حدة التنافس المجالي الذي تفرضه الجهوية المتقدمة . مهام رئيس المجلس الجماعي ، في حالة جماعة اكادير ، يمكن القول انها مهام كبرى تتطلب في جزء كبير منها الحضور و التدافع و المرافعة بما يعني المتابعة المستمرة للإلمام بالتفاصيل و امتلاك المعلومة فرئيس المجلس الجماعي لاكادير، بالاضافة الى المهام التي تم التعريف بها اعلاه : – هو عضو المجالس الادارية ل: شركة التنمية المحلية اكادير سوس ماسة و شركة التنمية المحلية اكادير الكبير للنقل و التنقلات و شركة التنمية الجهوية للسياحة و الوكالة المستقلة المتعددة الخدمات بأكادير والمجلس الجهوي للسياحة و المركز الاستشفائي الجامعي لأكادير و غيرها من المؤسسات و عضو في العديد من اللجن و الهيئات الاخرى : مجلس الجامعة ، لجنة تتبع برنامج التنمية الحضرية لأكادير 2020-2024 بالإضافة الى المسؤولية النيابة في مكتب مؤسسة التعاون بين الجماعات اكادير الكبير ورئاسة او عضوية عشرات لجن تتبع الاتفاقيات التي تكون جماعة اكادير طرفا فيها اذا اضفنا هذه المسؤوليات المتعددة الى صلاحيات رئيس الحكومة الواردة في المادتين 5 و 6 من القانون التنظيمي 13-065المتعلق بتنظيم و تسيير أشغال الحكومة و الوضع القانوني لأعضائها ، فإننا نصبح اننا مام مهمة جمع مستحيلة بين مسؤولية رئاسة جماعة اكادير و رئاسة مجلس الحكومة و هو ما ظهرت معالمه بعد مرور سنة من عمر الفريق المدبر الحالي لمدينة اكادير ، غياب متكرر للرئيس عن دورات المجلس الجماعي بل و عن المدينة اللهم بعض الحضور المناسباتي ، رغم المجهود التسويقي الخارق المبذول لاظهار العكس ، لتدشين انجازات بدأت أشغالها في الولاية السابقة أو حضور لأنشطة حزبية أو فنية .. ختاما׃ أهم خصوصية تميز الجماعات عن باقي الجماعات الترابية من مجالس جهات و مجالس عمالات و أقاليم ، هي اختصاصها في خدمات القرب ( النظافة – الانارة – الماء – الصرف الصحي – النقل العمومي – المناطق الخضراء – التنشيط الرياضي و الفني و الثقافي ومنح الرخص و غيرها من الاختصاصات ) و هي اختصاصات لصيقة بحاجات الساكنة اليومية ، خاصة في حالة المدن المتوسطة و الكبيرة ، التي تقدر ساكنتها بمئات الالف بل بالملايين ، و بالتالي لا ينفع التدبير عن بعد الذي قد ينجح في المؤسسات الخاصة بل الحضور الفعلي يفرض نفسه وبالتالي القول بان المادة 67 شاملة كذلك لحالة الرئيس قول راجح و الا سنصبح امام تبرير لغياب مستدام لرؤساء المجالس عن دوراتها بدعوى وجود أعذار و التزامات بمهام أخرى متزامنة و هو مالا يتصور قبوله و الا سيصبح التسيير صوريا مما يطعن في مصداقية الديموقراطية التمثيلية . وجب التذكير هنا ان الهدف من المادة 67 هو اعطاء مصداقية اكبر لعمل المجالس الجماعية و لمهام المنتخبين و ضمان استمرار القيام بواجبهم من اجل مردودية و نجاعة اكبر للمجالس . الغياب المتكرر مؤثر لامحالة على نجاعة الاداء الجماعي و لذلك الاقالة و توسيع حالة التنافي المرتبطة برئاسة الجماعات ضرورة تفرضها تأثر التجارب العملية سلبا بالجمع بين عدة المسؤوليات و تفرضها كذلك ضرورة تطور الممارسة الديموقراطية في اتجاه مزيد من الحكامة و الشفافية ، في انتظار هذا التوسيع القانوني يمكن ان نعتبر ان المبادرة السياسية في هذا الباب ، خاصة ما يتعلق بين الجمع بين رئاسة المجالس الجماعية و عضوية المجلس الحكومي بما فيها رئاسة الحكومة ، مطلوبة بالحاح شديد و هنا نستحضر الملتمس الذي قدمته السيدة نبيلة الرميلي عمدة مدينة الدارالبيضاء لاعفائها من مسؤولية وزارة الصحة و الحماية الاجتماعية للتفرغ الكامل لمهامها كرئيسة للمجلس الجماعي حيث جاء في بلاغ الديوان الملكي قبل سنة من اليوم: ( ان السيدة نبيلة الرميلي) قدمت ملتمسا قصد التفرغ الكامل لمهامها كرئيسة لمجلس مدينة الدار البيضاء ، بعدما تبين لها حجم العمل الذي تتطلبه منها هذه المهمة التمثيلية ، و ما تقتضيه من متابعة مستمرة لقضايا سكانها و للاوراش المفتوحة بهذه المدينة الكبرى ، مما سيؤثر على الالتزامات الكثيرة و المواكبة اليومية التي يستوجبها قطاع الصحة ، لاسيما في ظروف جائحة كوفيد . مدينة اكادير تقتضي كذلك متابعة مستمرة لقضايا سكانها و للأوراش المفتوحة لبرنامج التنمية الحضرية لاكادير 2020-2024 و لهذا وجب التفرغ الكامل لمهمة رئيس المجلس الجماعي لاكادير. د.محمد باكيري- عضو المجلس الجماعي لأكادير