بدأت القصة بتدوينة "مرعبة" نشرها صبيحة، اليوم الثلاثاء، مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي لرئاسة مجلس جهة كلميم واد نون، محمد أبودادر، أورد فيها أن النائب البرلماني السابق محمد أبودرار، والمرشح لرئاسة جهة كلميم واد نون "عبد الوهاب بلفقيه بين الموت والحياة بسبب طلق ناري"..حدث هذا يوم انتخاب رئيس مجلس جهة كلميم واد نون، ويوما قبل جلسة محاكمة عبد الوهاب بلفقيه المتابع وعدد من أفراد أسرته في قضايا تتعلق بالفساد، حيث حددت جلسة جديدة لمحاكمته غدًا الأربعاء..كانت هذه بداية المأساة، لكن بداية القصة كانت قبل ذلك بكثير. وبينما العالم في حيرة وتضارب، نزل خبر إعادة انتخاب امباركة بوعيدة، مرشحة حزب التجمع الوطني للأحرار، رئيسة لمجلس جهة كلميم واد نون. حدث ذلك بسرعة البرق، ولربما كان هذا الانتخاب أسرع عملية انتخاب على الصعيد الوطني، وتشير المعطيات المتوفرة إلى أنه تم في غياب منافسها أبودار، الذي انشغل بحادث مسانده بلفقيه الذي كان ساعتها في المستشفى العسكري بين الحياة والموت…حتى إن عددًا من المستشارين الذين كان "استقطبهم" بلفقيه لدعم أبودارا، وعددهم 11، لم يحضروا..وتمت العملية بنجاح. المعلومات المتوفرة أيضًا تشير إلى أن أبودرار كان أول من توصل بخبر إصابة بلفقيه، الذي عزل نفسه، منذ يوم أمس في بيت له بمنطقة أيت عبد الله التي يتحدر منها بلفقيه على بعد نحو 35 كلم شمال مدينة كلميم، ويرجح أن أبودرار من أبلغ الإسعاف. ووفق ما أسر به لمقربين منه قبل وفاته، فإنه تعرض ل"ضغوطات كثيرة وكبيرة" أدخلته في حالة نفسية صعبة، فعزل نفسه في بيته النائي الذي يختلي فيه بنفسه كلما تعاظم كربه. وكربة بلفقيه اشتدت منذ يوم 15 شتنبر، يوم إعلانه استقالته من حزب "الاصالة والمعاصرة"، واعتزاله العمل السياسي بصفة عامة، بعد قرار حزبه سحب ترشيجه لرئاسة جهة كلميم واد نون. بلفقيه أعلن اعتزاله عبر رسالة خطية حملت كلمات تعري وجع النائب البرلماني السابق، الذي نزل من قطار الفحم الحجري الاتحادي، بعد خلافات مع الكاتب الاول للحزب إدريس لشكر، والذي كان محاميه في قضايا الفساد المتابع فيها، قبل أن يتخلى عنه، وصعد "تراكتور" وهبي الذي حرث ما منعت رياح الربيع حرثه في وقته. في رسالته الخطية، تحدث بلفقيه عن الغدر الذي طاله من جهة وضع ثقته فيها…ولاعتبارات وعد بأن "يعرفها الجميع"…رحل وفي طريقة رحيله قال كل شيء! إعلان بلفقيه اعتزاله العمل السياسي بعد ما قضى حياته ممارسًا للسياسة وراكبا لأمواجها، جاء مباشرة بعد قرار الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، سحب تزكية الترشيح لرئاسة الجهة من بلفقيه الذي حازت اللائحة التي كان يقودها على المرتبة الأولى، بعد التحالف الثلاثي بين الأحرار والبام والاستقلال، ل"تكريم " مرشحة الحمامة امباركة بوعيدة بهذا النصب، وكتب زعيم البام رسالة لوزارة الداخلية يسحب فيها تزكية حزبه لبلفقيه …كان رسالة مذلة للغاية! مقربون من بلفقيه، ضمنهم محاميه، لم يخفوا بأنه هدد في حديثه معهم هذه الأيام بأنه "غادي يدير شي حاجة في راسو"…ومعلومات أخرى تشير إلى أن هذا الكلام نقله إلى زعيم البام أيضا! قصة بلفقيه، قصة مشهد سياسي أريد له أن يشكل على قاعدة "الشطرنج"..كل شيء بدأ صغيرًا ثم سرعان ما تحول إلى كرة لهب حارقة، بل قاتلة! قصة عنوانها الأكبر..في "مصانع" المشاهد السياسية الخارجة عن قواعد الديمقراطية والتنافس والتدافع السياسي الشريف …لابد من حوادث سير مميتة …مات بلفقيه …لكن ليس وحده!