احترَقَ الشريط الزمني الفاصل بين سنتَيْ 2008 إلى 2013 إلى غير رجعة..وفي حين أنه من شيم الزمن.. حينما يمضي لا يعود..ولكن يترك ورائه إما تحفا فنية رائعة أو روائح نتنة تزكم الأنوف, وتحملها الرياح بلا شفقة ولا رحمة وتجتاح بها السهول والروابي والجبال..لتحفز الناس على التساؤل..إذن فدعونا نتذكر يوم فاتح مايو 2008, حيث صرحت شركة ~ يتروناس الماليزية~ أن بترول المغرب في السوق بعد أربع سنوات..وحيث كانت هذه الشركة في طور عملية الحفر بمياه الرباط/سلا..لكن مرت أكثر من 4 سنوات دون أن نرى لنفط المغرب أثرا في الأسواق العالمية..إذن أين هو النفط ؟ وأين الشركة المصرحة ؟ وماذا تركت للتاريخ بالمغرب؟ وأين الوعود النرجسية التي أوعدت بها شعبا متعطشا للنفط ؟ وللإشارة, فإن هذا الشعب, لم يعد يثق في أي تصريح..وحتى لو رأى أول حاملة نفط تقلع من المياه الأطلسية المغربية وهي تمخر عباب المحيط الأطلسي اتجاه السوق العالمية الموعودة..فلن يرتاح له بال..لأنه سيتوجس سقوطها بين مخالب القراصنة ؟؟؟ تلك هواجس شعب فقد الثقة في كل شيء..وفي حين أنه ما ظلم.. وعلاقة بالموضوع أعلاه, لقد كنت أول مصرح باكتشاف الحقل النفطي بمياه الرباطوسلا, والذي صنفته بحقل غير قابل للاستغلال, وكان ذلك انطلاقا من تخوم مدينة ~قصر السوق~ [الراشيدية], أي على مسافة تناهز 700 كلم تقريبا, وخلال سنة 2007..ومن ثم رتبت لسفر عبر سيارتي إلى شاطئ مدينة “الرباط” وتحديدا بمنطقة ” الهرهورة”, ومن ثم منطقة المهدية الشاطئ, قصد التقصي في شأن الحقل المكتشف عن قرب وعن بُعد في آن واحد..وفي حين أن المنصة الطافية لشركة ~Petronas~ الماليزية كانت بمياه الرباط/سلا سنة 2007, لكنها لم تكتشف شيئا آنذاك, وكانت منهمكة في شأن إجراء الدراسة بالضاحية, وأما الحفر سيأتي لاحقا..لكن بالنسبة لي قد كنت سباقا لاكتشاف الحقل النفطي المنحشر في المياه الأطلسية للرباط وسلا..وأخضعته لدراسة دقيقة ومختلفة تماما عن طرق الشركات النفطية العالمية, لكون طريقتي تعتمد على موهبة جد متفوقة مقارنة بالشركات الأجنبية, وتبين لي آنذاك, أنه غير قابل للاستغلال قطعيا, وحيث كانت بطاقته التقنية على الشكل التالي: ~ البطاقة التقنية لحقل الرباط/سلا~ طول الحقل النفطي : قرابة 47 كلم – عرض : يناهز : 6 كلم – مساحة إجمالية تناهز : أكثر بقليل من 250 كلم2 – سُمك الطبقة النفطية : 4 مترا épaisseur couche pétrolifère, وقد تصل حتى 16 مترا في بعض الأماكن من الحقل..لكن السُّمْك يتضمن لنفط ضعيف جدا- مسامية الطبقة النفطية porosité couche pétrolifère: جد رديئة, ومعظمها فارغة.. وأن انتشار النفط عبر هذه المساميات, رديئة جدا, وحيث نجد كميات نفطية ضئيلة منتشرة هنا وهناك, وفي امتدادات متقطعة وضيقة des extensions restreintes et discontinues, وكما لا يمكن استهدافها – وفي حين أن النفط الضئيل المتواجد به, يتسم بخاصية كيميائية جد متردية, وهو أن مادة الكبريت تتركز فيه بقوة une forte concentration de soufre, وهذا يعني أن تركيز الكبريت بقوة في حقل نفطي كيفما كانت وضعيته, قد يجعل منه حقلا نفطيا غير قابل للاستغلالinexploitable ..وعلى سبيل الذكر, ففي روسيا, قد تم اكتشاف أحد الحقول النفطية العملاقة , ولكن نظرا لتركز الكبريت بقوة في نفطه, فتم إغلاقه بدون جدال, وذلك لعدم جدواه الاقتصادية, ولكونه يتطلب أموالا طائلة في تكريره, وقد تتجاوز ثمن البرميل في الأسواق العالمية, وفي حين أن تكريره قد يعد مدمرا للبيئة, ويطلق العنان لغازات الكبريت السامة على مساحات شاسعة, وقد يساهم في خنق التنفس.. وخلال سنة 2007 , تيقنت بوضوح ونهائيا أن حقل شاطئ الرباط/ سلا, ليس ذي جدوى اقتصادية..وبعد مرور أكثر من سنة, أي خلال 1 مايو سنة 2008 صرحت شركة ~بتروناس~الماليزية باكتشاف هذا الحقل النفطي.. وبعدما كانت تطوف بالضاحية الشمالية للبيضاء ومن ثم تخوم الرباط, سلا والمهدية, ومن ثم أطلقت العنان لذراعها الإعلامية الترويجية, معلنة رسميا, بأن بترول المغرب سيكون في السوق بعد أربع سنوات, يعني خلال سنة 2012..وانتشر الخبر كالنار في الهشيم, وحيث ألهم الصحف الورقية والإلكترونية, وَوردت عناوين الخبر بصيغة الإجماع : [بتروناس : بترول المغرب في السوق بعد أربع سنوات] وآنذاك, قمت بالرد عليها سابقا في الأسبوع الأول من شهر مايو 2008..وحيث طلبت من هذه الشركة “أي” ~ بتروناس الماليزية ~ تقديم اعتذار للشعب المغربي بدون تردد ولا تأخير..وأكدت لها, أن خبر ضمانكم لبترول المغرب في السوق العالمي بعد أربع سنوات, مجرد سراب يحاكي ناطحات سحاب ماليزيا, وكذا ضربا من الهذيان..وفي حين أن الشركة قد تأكدت من الحقائق الصادمة, وغادرت في صمت رهيب…فلا نفط و”لا هم يحزنون”..ولكن ما الذي شجع الشركة على إطلاق هذا الخبر؟ لقد أقدمت الشركة على الحفر, ومن ثم اصطدمت بكميات قليلة من النفط..واعتبرت ذلك النفط مؤشرا لنجاح منتظر, ومن ثم ارتأت أن الحفر في الأعماق السحيقة ربما ستكون واعدة, وكما تزيد من حظوظ سقوطها في خزان عملاق..وقد صرحَتْ الشركة رسميا آنذاك, أن مخالب حفارتها قد غاصت في عمق 4200 مترا..واستمرت في الحفر بدون جدوى..ومن ثم تيقنت أخيرا أن العملية ليست في طرق الحفر ومداه السحيق..بل الأمر الصحيح يتعلق في مدى معرفتها بوجود نفط ملموس من عدمه..ويكون بالطبع مرتبطا بالعلوم الجيولوجية الجد معقدة إلى حدود الساعة, والتي تفتقد إليها حتى الشركات النفطية العملاقة..وأن عقدته الشديدة.. هي التي أشعلت نيران المنافسة والحروب في معظم أرجاء العالم..وقد غادرت مهزومة وفي صمت دفين ..ودون أن تقدم أي اعتذار..ولكن نتأسف لها بدورنا, لكونها مُنيت بخسائر مالية جسيمة , وكما ضياع زمن طويل بلا جدوى. وخلاصة القول, ما الذي حفز ظهور هذا المقال بقوة في هذا الوقت بالذات..؟ كان ذلك بعد مرور أكثر من أربع سنوات و 9 أشهر و7 أيام عن تصريح شركة ” بتروناس الماليزية, التي أفادت يوم 01 مايو 2008 بأن ” بترول المغرب في السوق بعد أربع سنوات”…وها نحن اليوم نسترجع ذكرى الوعود النرجسية التي ذهبت أدراج الرياح..ومن ثم قد تفاجئون, بدخول شركة نفطية ثانية اسمها ~ شاريوط أويل~ البريطانية الجنسية يوم 25 أكتوبر 2012, وحصلت على رخصة استكشاف النفط بالمياه العميقة بساحل الرباط.. يعني أخبرها اليوم وكما بالمناسبة, أن ما جنت ~يتروناس~من ساحل الرباط, ستجنيه ~شركة شاريوط~..لكن..أدخلوها آمنين مطمئنين..لكن لن تخرجوا منها غانمين ..بل سالمين..فلا بترول ولا غاز بشاطئ الرباط, إلا ما جادت به محطة ” شال” للبنزين التي تقيم في وضعية ديمومة [ليل/نهار] ظهر ” حي العكاري” أي,على الطريق الساحلي للمدينة. ..ويمكنكم أن تكتشفوا نفط هذه المحطة..التي أحتفظ بذكريات حنين إليها..لكوني كنت ألتجئ إليها ليلا سنة 1986/1987 لمراجعات مكثفة استعداد لاجتياز امتحان”Baccalauréat “تبعا للنظام القديم الذي كان ساريا آنذاك..وفعلا, قد حصلت على البكالوريا, وكانت ثمرة اجتهادي المباشر والرئيسي بمقهى محطة البنزين, وحيث كنت أطلب قهوة سوداء..ولن أغادرها حتى الرابعة والنصف صباحا..ولم أكن أعرف أنه سيأتي زمنا, وسوف لن أنقب عن ما جادت به الكتب من علوم, بل سأنقب في عمق المحيط الأطلسي , والذي كنت مع موعد معه كل ليلة وأمام أمواجه الغاضبة, وهي تتكسر فوق صخور ساحل الرباط. وهنا أجزم نهائيا أن بترول ساحل الرباط, كان سرابا .. يحاكي ناطحات السحاب في علوها وجبروتها…وما للسراب من همم ملموسة..مهما توسعت وسمت في الآفاق العالية. عن عمر بوزلماط~ صاحب موهبة فريدة عالميا في مجال اكتشاف البترول والغاز بالمباشر وعن بُعد.