أعرب أطباء المستقبل من طلبة كلية الطب والصيدلة بأكادير عن استيائهم العميق على خلفية وطأة إكراهات عديدة تتعلق أساسا بالتداريب الاستشفائية في ظل غياب مؤسسة استشفائية جامعية تحتضن تداريبهم الموازية للدروس النظرية التي يتلقونها داخل مدرجات وأقسام هذه المؤسسة التعليمية الجامعية، التي لم يمر على انطلاق الدراسة بها سوى نحو سنتين، أي منذ افتتاحها في شهر شتنبر من سنة 2016، وتم تخصيص شق من المركب الجامعي الجديد لها، في انتظار استكمال أشغال بناء الكلية برسم الدخول الجامعي المقبل. أسماء بوسيف، رئيسة مكتب الطلبة بكلية الطب والصيدلة بأكادير، قالت إن "غياب المستشفى الجامعي وعدم إيجاد حلول آنية لتجاوز هذا المشكل، خصوصا أمام الوضعية الحالية للمركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بأكادير الكارثية، المتسمة بالنقص الحاد في التجهيزات والممرضين، إضافة إلى النقص في عدد الأساتذة المؤطرين وغياب أساتذة في بعض التخصصات المهمة، كلها معيقات تؤثر على تكوين طلبة الطب بهذه الجهة". "كما يعلم الجميع، الطلبة بأكادير مقبلون على التداريب الاستشفائية لنصف يوم، بالإضافة على إلزامية الحراسات الليلية منذ السنة القادمة، وفي غياب المستشفى الجامعي، الذي مازال الانتظار متواصلا من أجل تدشينه، وبالنظر إلى غياب أمل هذا الفوج من الطلبة في القيام بتداريبهم بمستشفى جامعي، لا ملجأ لهم إلا المستشفى الجهوي الحسن الثاني، في الوقت الذي تعاني فيه ساكنة أكادير في الميدان الصحي مع هذا المستشفى الجهوي الذي لا يليق بساكنة الجهة، ولا يصل إلى المستوى المطلوب لتقديم العلاج للمواطنين في ظروف جيدة، ناهيك عن تكوين طلبة الطب"، يقول علي المودن، أحد الطلبة بكلية الطب بأكادير، في تصريح لهسبريس. المتحدّث ذاته، أضاف في تصريحه أن "أساتذة الطب كما الطلبة، طالما تفاءلوا خيرا وآمنوا بأن وزارة الصحة وكافة المتدخّلين سيتحملون مسؤولية تأخير المستشفى الجامعي لأزيد من عامين، وسينخرطون في الاهتمام بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني، حيث سبق للأساتذة أن قدموا ملتمسا إلى وزير الصحة السابق بترقية هذا المستشفى إلى مستشفى جامعي إسوة بكلية الطب بمراكش وفاس في بدايتهما، اللتين عانتا من المشكل نفسه، مما يعني إمداد هذا المستشفى بالإمكانيات المالية والتقنية والبشرية، والنهوض به إلى أعلى المستويات، خصوصا أنه يمتد على مساحة كبيرة ولا يلزمه إلا موارد مالية وبشرية ليصبح في المستوى المطلوب، إلا أن الوزارة رفضت ملتمس التسمية، واكتفت باتفاقية بين كلية الطب والمستشفى؛ ما يعني أنه سيبقى على حاله". وأمام هذا الوضع، يستطرد الدكتور الطالب نفسه، "ارتأت كلية الطب والصيدلة بأكادير وإدارة المستشفى، بعد فقدان الأمل، وبميزانية جد متواضعة، الشروع في بناء قاعات الدروس ومستودع ملابس وقاعة للاستراحة للطلبة والمقيمين والداخليين، فيما انكبت لجنة التداريب الاستشفائية والأساتذة على وضع برنامج للتهيئة، يضم تجهيز المركبات الجراحية والأجنحة الطبية، الذي يستلزم موارد مالية مهمة جدا. وبعد طرق الأبواب، تمكنت من تمويل 80 بالمائة من طرف المجلس الجماعي والجهة، إلا أن جزء من البرنامج بقي بدون تمويل، فارتأى أساتذة الطب الشروع في حملة استعطاف الشركات والجمعيات وأصحاب الضمائر الحية والغيورة على حالة الجهة، من أجل المساعدة في تمويل ما تبقى من برنامج التهيئة أمام جمود تام لوزارة الصحة، خصوصا بعض رفضها الحل الأمثل المتمثل في اعتبار مستشفى الحسن الثاني مستشفى جامعيا". "عار ثم عار على وزارة الصحة وكافة المعنيين، وبعد تأخير إخراج المستشفى الجامعي بأكادير إلى حيّز الوجود، وتأخير استكمال بناء الكلية، أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هاته الوضعية. حال طلبة من أبناء موظفين ومستخدمين وتجار الجهة والنواحي، الذين استثمروا في تربية وتدريس أبنائهم إلى أن أحرزوا أعلى المعدلات وولجوا كلية الطب باستحقاق والآن لا يجدون من يساندهم في شيء، لن يعود بالنفع على تكوينهم فقط، وإنما على ساكنة الجهة ككل؛ اذ ستنعم ساكنة الجهة أخيرا بمستشفى يليق بهم، به أساتذة من خيرة الأساتذة بالمغرب قدموا من كليات طب أخرى، بعدما عملوا بها لسنوات وتركوها وكأنهم سيبدؤون مشوارهم من كلية تتأسس من الصفر"، بهذه النبرة يختم الطالب علي بلمودن حديثه إلى هسبريس. وزير الصحة الأسبق المُعفى، الحسين الوردي، كان قد أعلن، منذ نحو أربع سنوات بمقر ولاية أكادير، أن المستشفى الجامعي بأكادير، الذي سينجز على مساحة إجمالية تقدر ب 30 هكتارا وبطاقة استيعابية تصل إلى 841 سريرا، بتكلفة مالية تقدر بمليار و828 مليون درهم، سيفتح أبوابه بحلول سنة 2018، غير أن المشروع لم يتحقق بعد على أرض الواقع. وكشف العرض الذي قدّم بولاية جهة سوس ماسة أن مكونات هذا المركز الاستشفائي تتضمن جراحة القلب والشرايين والمستعجلات وتطوير المساعدة الطبية المستعجلة والأمراض العقلية والأنكولوجيا وأمراض الدم والطب عن بعد والتكوين. وتتوزع الطاقة الاستيعابية لهذه المكونات بين 26 سريرا بمصلحة طب الأنكولوجيا والمستعجلات، و68 سريرا بطب الحروق والعناية المركزة، و210 أسرّة بالتخصصات الجراحية، ومثلها بالتخصصات الطبية، و120 سريرا بالطب النفسي، و78 سريرا بطب الأطفال، و90 سريرا بطب النساء والتوليد، و30 سيريرا بالمستشفى النهاري. وأفاد العرض ذاته بأن "من إيجابيات موقع هذا المشروع قربه من الطريق السيار المتجه إلى مراكش في وضع مناسب بالنسبة لأكادير والجهة، بالإضافة إلى قربه من مركز الجماعة الحضرية لأكادير وسهولة ولوج وسائل النقل إليه، وتواجده بمحاذاة كلية الطب على مساحة 10 هكتارات والملعب الكبير لأكادير". وأكد المسؤول الحكومي على قطاع الصحة حينها أن "إنجاز هذا المشروع يندرج في إطار التعليمات الملكية السامية الهادفة إلى بناء وتجهيز وتشغيل ثلاثة مراكز استشفائية جامعية بكل من طنجة والرباط وأكادير"، مبرزا أن هذه المنشآت الصحية تروم تمكين المواطنين من خدمات وعلاجات من الجيل الثالث. عبد المولى بولمعيزات، المدير الجهوي بالصحة بسوس ماسة، قال " إن جميع المؤسسات الصحية بالجهة مفتوحة في وجه طلبة الطب للقيام بتداريبهم الاستشفائية، ورفض الحديث عن أية تفاصيل تهم مشروع المستشفى الجامعي بأكادير، معتبرا أن الأمر لا يعنيه. ويبقي مشروع المستشفى الجامعي بأكادير حبيس الرفوف، فرغم بناء كلية الطب والصيدلة، التي لم تكتمل الأشغال بجزء منها، فإن فرحة "سواسة"، مواطنين وطلبة الطب والصيدلة، لم تكتمل بعد؛ إذ إن الساكنة كانت تعول على هذه المنشأة الصحية من أجل الاستفادة من خدماتها الصحية، ولتكون، كما هو معمول به بالمدن التي تحوي على كليات للطب، مركزا للتدريب والأشغال التطبيقية بالنسبة إلى طلبة الطب الذين لا يجدون أين يتدربون وينجزون أعمالهم التطبيقية، قبل أن تلجأ الكلية إلى المستشفى الجهوي الحسن الثاني، ومستشفى إنزكان، ثم المستشفى العسكري بالدشيرة.