لا شك أن الكثير من متتبعي الشأن السياسي الوطني يعتقدون أن اعفاء ابن كيران من مسؤولية تشكيل الحكومة كرئيس لها هو بمثابة زلزال سيضرب قواعد البيجيدي وقممه، بل قد يعتبرونه انتصارا للخصوم على رأسهم أخنوش و لشكر، وأن هذا الإشعاع والصدارة التي يحتلها الحزب اليوم ستبدأ بالتراجع إلى الإضمحلال، فالى أي حد يمكن الجزم بصحة هذه الإعتقادات؟ بدء، لابد من توضيح مهم، وهو أن اعفاء ابن كيران لا يعني إنتهاء دور حزب العدالة والتنمية في قيادة مشاورات تشكيل الحكومة، فالدستور كما البلاغ الملكي واضحان في هذه النقطة، فرئيس الحكومة سيعاد اختياره من نفس الحزب وبالتالي فإن الرئاسة محصورة في البيجيدي كان من كان صاحبها. أما فيما يخص الزلزال الذي يعتقد أنه هز أركان وقواعد البيجيدي بعد سماع خبر عزل ابن كيران، فإنه محض أوهام لا أساس لها. إن خيار اعفاء أو حتى استقالة ابن كيران كان مطروحا منذ البداية، فإذا ركزنا على خرجاته الإعلامية منذ تكليفه، نجده يؤسس لهذا الطرح، وما عبارة "نرجع السوار" التي كان يرددها ابن كيران إلا تأكيد لهذا، خاصة في المرحلة التي بدأت معالم البلوكاج تتجلى. وبالتالي فإن ابن كيران من البداية وضع مناضلي الحزب والرأي العام بصفة عامة كما الأطراف السياسية الأخرى،أمام الصورة، فإما أن يسهر على تشكيل حكومة وفق ما تقتضيه ارادة الناخبين والمنهجية الديقراطية، أو أنه " ارجع السوارت ويمشي بحالو" ما يعني وبشكل ضمني أن إعفاء ابن كيران اليوم هو وفاء لهذا الوعد الذي قطعه لا فقط لمناضلي حزبه بل لكل المغاربة، ما يجعل البيجيديين في هذه اللحظة أكثر تمسكا بمشروعهم، وأكثر ثقة بزعمائهم. كما أن إشكال من بعد ابن كيران إشكال لا يفرض نفسه بقوة داخل صفوف الحزب مادام أن رئيس الحكومة الذي سيعين في أقرب الأجال حسب تعبير البلاغ، سيسير وفق نفس النهج، وبنفس المبدأ، احتراما لصناديق الإقتراع. وإذا كان فعلا هذا وضع الحزب في هذه اللحظة – وهو كذلك لا ريب – فإن هذا تأكيد على أن حزب العدالة والتنمية ليس مشيخة ابن كيران شيخها والباقي مريدين، إذا انتهى تنتهي معه المشيخة، بل هو اتباث واقعي بأن الحزب هو مشروع وروح، يستمر بعد ابن كيران وغيره. ابن كيران رفع السقف عاليا ليتعب من بعده، أسس لمفاهيم جديدة في الحياة السياسية المغربية، ليبقى هو الرقم الصعب بشهادة الخصوم. لكن يبقى السؤال هو إذا نهج خليفة ابن كيران كان من كان نفس النهج، هل من امكانية لانفراج أزمة البلوكاج أم أن الإنتخابات السابقة لأوانها حل أخير لا مفر منه ؟