شكل موضوع السلامة الطرقية، خاصة في الوسط الحضري، محور ندوة مغربية إسبانية نظمت، اليوم الجمعة في أكادير، بمبادرة من شركة "ألزا" الإسبانية المتخصصة في النقل الحضري بواسطة الحافلات. وأشار الأستاذ الجامعي الإسباني لويس مونتورو غونزاليس، في مداخلة خلال هذه الندوة، إلى أن مشكل السلامة الطرقية قديم قدم التاريخ، مستشهدا، في هذا الصدد، بعدد من النقوش الصخرية في روما القديمة. كما شهدت السلامة الطرقية تطورا جوهريا مع اختراع المركبات ذات محرك قبل حوالي 130 سنة، ليتخذ هذا الموضوع، مع تطور وسائل النقل في الوقت الراهن، أبعادا خطيرة ألقت بظلالها على الحياة البشرية. وأورد البروفيسور غونزاليس، وهو رئيس المؤسسة الإسبانية للسلامة الطرقية، بعض المؤشرات التي تعكس هول الخسائر المادية والبشرية الناجمة عن حوادث السير، حيث قال إن عدد القتلى في العالم، منذ اختراع العربات ذات محرك، وصل إلى حوالي 16 مليون شخص، إضافة إلى التسبب في جرح حوالي مليار و200 مليون شخص. وتقدر التكلفة السنوية لمخلفات حوادث السير، في الوقت الراهن، بحوالي 37 مليار أورو في فرنسا، و32 مليار أورو في ألمانيا، و25 مليار أورو في إيطاليا. وأوضح أن ملياري سيارة سيتم إنتاجها خلال 20 سنة القادمة، ما سيزيد من تعقيد مشاكل الجولان، ليخلص إلى القول إن من بين الحلول المقترحة للحد من هذا المشاكل هناك الحرص على جودة السيارات، والعناية بالبنيات الطرقية، والتشوير المناسب، وتهيئة الطرقات المنعرجة للحد من سرعة السائقين، والعمل على الرقي بوعي مستعملي الطريق، وتفعيل إجراءات المراقبة والتقيد بالقوانين على مختلف المستويات. من جهته، وصف المتحدث باسم المديرية العامة للجولان بإسبانيا، في مداخلة خلال هذه الندوة، ارتفاع عدد القتلى والجرحى الذين تخلفهم حوادث السير في إسبانيا سنويا ب"الحرب، والتراجيديا البشرية" التي لابد من بذل مزيد من الجهود للحد من وقعها على المجتمع وعلى الاقتصاد. وأوضح أن من جملة الإجراءات التي من شأنها المساعدة على الحد من تفاقم حوادث السير، ومن عدد الوفيات والجرحى، هناك، على الخصوص، العمل على التغيير الطوعي لسلوكات المواطنين سواء منهم السائقين، أو الراجلين، أو راكبي الدراجات الهوائية والنارية، وهو ما يمكن أن يتأتى عن طريق حملات التوعية المتواصلة. كما أكد، في ذات السياق، على ضرورة تفعيل بعض الإجراءات الرقابية من قبيل وضع رادارات ثابتة على الطرق، وزجر مخالفات السياقة تحت تأثير الحكول والمخدرات وغيرها من الإجراءات الأخرى. من جانبه، استعرض الكاتب الدائم للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، بناصر بولعجول، عددا من الجهود والإجراءات التي أقدم عليها المغرب من أجل الحد من المخلفات التراجيدية لحوادث السير، مسجلا أنه على الرغم من هذه الجهود فإن النتائج المحققة لا تزال بعيدة عن الأهداف المأمولة، خاصة فيما يتعلق بالتخفيف من الخسائر في الأرواح، والحدد من عدد الجرحى والمعطوبين. وأشار إلى أن 75 في المائة من حوادث السير المسجلة بالمغرب تقع داخل المجال الحضري، كما أن 36 في المائة من الوفيات الناتجة عن هذه الحوادث تقع في المجال الحضري، الذي ارتفعت فيه خلال السنتين الأخيرتين نسبة المصابين بجروح خطيرة. وخلص إلى القول إنه على الرغم من الجهود المتواصلة في حملات التوعية بضرورة التقيد باحترام قانون السير، فإن الحصيلة المسجلة، خلال الشهور التسعة الأولى من السنة الجارية، "مقلقة" سواء من ناحية عدد الحوادث، أو حصيلة القتلى والجرحى، وذلك بعدما سجل تراجع نسبي في عدد الحوادث والضحايا خلال السنتين الماضيتين. وارتكزت المداخلات التي أعقبت هذه العروض على أهمية تحمل مختلف المتدخلين لمسؤولياتهم فيما يتعلق بأسباب ارتفاع حوادث السير، سواء داخل المجال الحضري أو خارجه، والكف عن إلقاء المسؤولية على الآخر. كما تم التركيز على أهمية الاستمرار في حملات التوعية الموجهة والمتواصلة لتغيير السلوكات البشرية بخصوص موضوع السياقة، مع الاستغلال الأمثل للإمكانيات المتاحة في هذا الصدد، من خلال استغلال الإمكانيات التي تتيحها المدرسة ووسائل الإعلام وباقي الوسائط التواصلية الأخرى.