الصورة من مدينة تطوان هذا الصباح رغم أن تفعيل الاستراتيجية المندمجة للسلامة الطرقية مكن حتى الآن من عكس الاتجاه التصاعدي لحوادث السير خلال سنة 2014 ، وتسجيل تراجع مهم في عدد حوادث السير المميتة وفي عدد القتلى ، إلا أن هذا التفاؤل لا ينبغي أن يخفي صدمة الأرقام التي تؤكد أن تحقيق السلامة الطرقية ما يزال يشكل هاجسا وانشغالا حقيقيين يتطلبان مزيدا من الجهود لوقف نزيف حرب الطرقات بالمغرب. فخلال السنة المنصرمة تم تسجيل نحو 69 ألف حادثة سير منها 2958 حادثة سير مميتة، ليتم بذلك تسجيل تراجع في عدد حوادث السير المسجلة مقارنة مع 2013 ب 0,27 بالمائة وفي عدد الحوادث المميتة بناقص 6,4 بالمائة وفي عدد القتلى بناقص 8,74. وعلاوة على آثارها الاقتصادية والاجتماعية السلبية، خلفت هذه الحوادث خلال 2014 مقتل 3381 شخصا (مقابل 4066 قتيلا خلال سنة 2011 و4055 قتيلا سنة 2012 ) بالإضافة إلى ما تخلفه من آلاف الجرحى والمعاقين. ووفق تقديرات لمنظمة الصحة العالمية فإن حوادث السير تكبد الاقتصاد المغربي ما يزيد عن 14 مليار درهم سنويا، واثنين بالمائة من موازنة الدولة الإجمالية، فيما أكدت وزارة النقل أن الإحصاءات المتوافرة تؤكد أن استعمال الكحول والمخدرات يضاعف مرتين إلى خمس مرات في المتوسط نسب وقوع حوادث السير حيث يتسبب الكحول في نحو 30 بالمائة من حوادث السير على الصعيد الوطني. وللتصدي لظاهرة السياقة تحت تأثير الكحول شرع المغرب في تفعيل آلية المراقبة الرسمية لنسبة الكحول لدى السائقين، بعد 4 سنوات على إقرار هذا التدبير. ولأن نحو 78 بالمائة من ضحايا حوادث السير داخل المدار الحضري هم من عديمي الحماية (الراجلون ومستعملو الدراجات) و42 بالمائة من حوادث السير ترجع إلى العامل البشري، فإن الاستراتيجية المندمجة للسلامة الطرقية التي تشرف عليها وزارة النقل تسعى ضمن أهداف أخرى للتأثير بطريقة مباشرة على سلوك مستعملي الطريق عبر التربية الطرقية وتأهيل تعليم السياقة وتطوير امتحان نيل رخصة السياقة و تكوين السائق المهني والتواصل والتحسيس وكذا تكثيف المراقبة وتشديد العقوبات. وهكذا تضمن المخطط الاستراتيجي الثالث، الذي يغطي الفترة من 2011 إلى 2013 ، محورين جديدين، يتعلق الأمر بالتربية الطرقية والبحث العلمي واليقظة التكنولوجية في مجال السلامة الطرقية، وذلك علاوة على المحاور السبعة الأساسية والمتعلقة بتنسيق وتدبير السلامة الطرقية على أعلى مستوى والتشريع والمراقبة الطرقية والعقوبات وتكوين السائقين وامتحان رخصة السياقة وتحسين البنيات التحتية الطرقية وتحسين الإسعافات المقدمة لضحايا حوادث السير والتواصل والتحسيس. ومن أجل تحسين جودة البنية الطرقية ، وضعت الوزارة الوصية استراتيجية جادة مبنية على المحافظة على البنيات التحتية الطرقية وتحسينها، وملامة الشبكة الطرقية وحاجيات حركة السير المتزايدة وتوسيع هذه الشبكة، وتسريع وثيرة فك العزلة عن الساكنة القروية في إطار سياسة القرب ، وإعطاء الانطلاقة للمشاريع الكبرى الرامية إلى تحقيق الإقلاع الاقتصادي للمملكة. ويبذل المتدخلون في القطاع جهودا حثيثة للحد من مخلفات حوادث السير، إذ عرضت اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، مؤخرا بالرباط، برنامج عملها برسم سنة 2015 ، والذي يتضمن عمليات ذات طابع تواصلي وتحسيسي وتربوي تستهدف بالأساس الشباب والفئات العديمة الحماية (الراجلون ومستعملو الدراجات). ويتضمن برنامج عمل اللجنة مجموعة من العمليات المبرمجة في مجال التواصل والتحسيس والتي تتميز باستثمار الدعائم والروافد الجديدة في التواصل الوسائطي والرقمي وعمليات التواصل المباشر والمشاركة في التظاهرات الكبرى والشراكة مع المهنيين ومكونات المجتمع المدني . كما تسعى اللجنة خلال العام الجاري لاقتناء أجهزة رادار تحسيسية لمراقبة السرعة وخوذات واقية خاصة بمستعملي الدراجات وشرائط عاكسة للضوء من أجل توضيح معالم العربات ، إلى جانب اقتناء وحدة متنقلة للتحسيس والتربية الطرقية. ويندرج برنامج عمل اللجنة الوطنية في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة ، خاصة التوجهات الاستراتيجية للفترة 2013 -2016 الرامية إلى الحد من حوادث السير.