لم لا تزال الطرق بالمغرب تقتل بكل هذه البشاعة؟ قبل أسبوعين فقط وقعت حادثة سير مفجعة في الطريق الوطنية رقم 1 راح ضحيتها 34 شخصا، أغلبهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم الثلاث عشرة سنة. هذه الحصيلة الثقيلة تقارب في فجائعيتها ما حدث في الثالث من شتنبر من سنة 2003 حين هوت حافلة كانت في الطريق الرابطة بين مراكش وزاكورة في منحدر، وكانت النتيجة مقتل 44 راكبا. في ذاك اليوم وصل عدد الضحايا 50 قتيلا بعد وقوع حوادث أخرى. عدد القتلى الذين يسقطون باستمرار على الطرق يكشف بوضوح جلي أن البلاد تخوض فعلا حربا شرسة لا تختلف كثيرا عن حروب أخرى تقع في مناطق مختلفة من العالم، وإن كانت الحرب المغربية صامتة وغير معلنة. والإحصائيات الرسمية تؤكد هذه الحقيقة: سنويا يسقط زهاء 55289 شخصا ضحية حوادث السير، بينهم 3822 قتيلا و84905 من الجرحى. وبلغة الأرقام دائما تقع يوميا 151 حادثة سير تخلف 11 قتيلا و232 جريحا، دون الحديث طبعا عن أعداد المعاقين واليتامى والأرامل بسبب غياب إحصائيات في هذا المجال. حجم الخسائر في هذه الحرب الاستنزافية لا يظل حبيس ما هو بشري فقط، بل يطال الأمر ما هو اقتصادي أيضا. إذ تكشف الإحصائيات أن حرب الطرق تكلف المغرب سنويا 14 مليار درهم، أي ما يعادل 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب. وهي نسبة تتجاوز ميزانية وزارة الصحة. رغم فداحة هاته الخسائر لا يزال المغرب عاجزا عن إيجاد آلية لإيقاف النزيف المتواصل لحرب الطرقات. إذ ظلت كل التدابير المتخذة وكذا الحملات التحسيسية والتواصلية غير قادرة عن وضع نهاية لهاته الحرب. وحتى مدونة السير، التي راهنت عليها كثيرا حكومة عباس الفاسي، وبالأخص وزيره في النقل كريم غلاب، الذي خاض معركة شرسة لتطبيقها، «لم تفلح- كما قالت المعارضة آنذاك- في تقليص حوادث السير». وهذا ما سيؤكده لاحقا عبد العزيز الرباح، الذي خلف الاستقلالي غلاب على رأس الوزارة. إذ كشف الرباح أن عدد القتلى ارتفع في السنة التي طبقت فيها المدونة ب12 في المائة. وهو ما كان يدعي عكسه كريم غلاب. ويبدو أن الرهان على مدونة السير لم يؤت ما كان منتظرا منه. إذ بعد حوالي خمس سنوات من دخولها حيز التنفيذ لا تزال حرب الطرقات متواصلة، وإن خفت حدتها قليلا. لكن هذا لا ينفي أن أن المسؤولين عن القطاع لا يزالون عاجزين عن تأسيس رؤية واضحة لإخراج المغرب من مستنقع حرب الطرق، وتحديد الجهات المسؤولة عما يحدث من مآس في الطرق المغربية، هل هم السائقون؟ هل هي الترسانة القانونية؟ هل هي لجان المراقبة؟ أم أن السبب يكمن في تفشي الرشوة في مرافق الوزارة الوصية وفي عدم معاقبة المخالفين؟ وإن كانت الجهات الرسمية تركز بالأساس على العنصر البشري كعامل رئيس في حدوث هاته الفجائع. إذ تشير المديرية العامة للأمن الوطني بأصابع الاتهام مباشرة إلى الراجلين والسائقين، باعتبارهم المسؤولين المباشرين عن حوادث السير. فهي تعزو الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وقوع هذه الحوادث إلى عدم انتباه الراجلين، وأيضا عدم انتباه السائقين، وعدم احترامهم حق الأسبقية، وعدم احترام علامة قف، والسرعة المفرطة، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، والسير في الاتجاه الممنوع والتجاوز المعيب، وعدم احترام الضوء الأحمر. وزارة التجهيز والنقل تحمل هي الأخرى مسؤولية ما يقع للعامل البشري. إذ أوضحت هي أيضا أن سلوك السائقين يساهم في الزيادة في عدد حوادث السير، وكشفت أن 28 في المائة من سائقي العربات الخفيفة في المدار الحضري لا يستعملون حزام السلامة، وأن 9 في المائة لا يتوقفون عند الضوء الأحمر، وأن 21 في المائة من سائقي الدراجات لا يضعون الخوذة الواقية، وأن 94 في المائة من مستعملي الطريق لا يحترمون علامة قف. كما أكدت الوزارة أن 65 في المائة من حوادث السير سببها العامل البشري، وأن 24 في المائة من هذه الحوادث سببها العامل البشري والطريق، وأن العوامل المرتبطة بالطريق لا تتسبب سوى في 2.5 في المائة من حوادث السير، وهي النسبة نفسها بخصوص العوامل المرتبطة بالعربة. ويبدو أن السائقين سيظلون في نظر الجهات المسؤؤلة المتهم رقم 1 في حرب الطرقات إلى آجل آخر.
10 قتلى يوميا وخسائر تتجاوز 1400 مليار سنويا حرب بشعة أدت إلى إزهاق أرواح أكثر من 3300 شخص في 2014 المهدي السجاري حملات تحسيسية يومية، نقط مراقبة في مختلف أنحاء البلد، استراتيجيات وخطط لمواجهة الحرب البشعة، والنتيجة أكثر من 3300 مغربي سقطوا قتلى في حوادث السير سنة 2014. وزارة التجهيز والنقل تؤكد أن عدد الحوادث المميتة انخفض بشكل ملموس مقارنة مع السنوات السابقة، بيد أن هول حرب الطرق التي تحصد سنويا آلاف القتلى والجرحى تؤكد أن الوضع لم يتجاوز، بشكل كبير، مرحلة الخطر في بلد تصنف طرقاته، ضمن عدد من التقارير الدولية، من بين الأكثر «قتلا» على الصعيد الدولي. قتلى، جرحى ومعطوبون، وأرامل وأطفال ميتمون. هكذا هي حكاية المأساة.. مأساة الموت على طرق المغرب، وكأن أبناء البلد دخلوا في «حرب أهلية»، حتى تحولت محاورنا الطرقية إلى ساحة «قتال» يومي يحصد آلاف الضحايا، ويخلف مآس اجتماعية وكلفة اقتصادية ثقيلة في بلد تسير فيه أكثر من ثلاثة ملايين سيارة. لم تكن فاجعة طانطان التي راح ضحيتها 35 راكبا، أغلبهم أطفال، بداية أو نهاية المأساة. فرصيد المغرب في حرب الطرق مليء بالفواجع التي هزت البلاد والعباد، مخلفة آلاف القتلى والجرحى سنويا، دون أن تجد الدولة من حل حاسم لإيقاف حمام الدم، رغم الاستراتيجيات والبرامج والمخططات الاستعجالية التي التهمت ملايير الدراهم. صحيح أن المغرب تمكن من خفض عدد حوادث السير المميتة، وصحيح أيضا أننا تمكنا من تقليص عدد قتلى هذه الحرب الشرسة، لكن طرقنا مازالت على رأس قائمة الطرق الأكثر تسببا في الحوادث المميتة على الصعيد الدولي. فبعض التقديرات تذهب إلى أن الطرق في المغرب تقتل 14 مرة أكثر من فرنسا، وحوالي 12 مرة أكثر من الولاياتالمتحدة و17 مرة أكثر من إسبانيا. بيد أن المسؤولين على القطاع يؤكدون أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا ملحوظا في عدد قتلى الحوادث. فسنة 2014 عرفت وفاة 3381 ضحية، وهو رقم إن بدا مرتفعا، إلا أن تحليله يشير إلى انخفاض مهم مقارنة مع سنة 2011 التي توفي فيها 4222 قتيلا، إلى جانب آلاف الجرحى. خطورة حوادث السير والنقص الحاصل في خدمات الطب الاستعجالي، تحيل على أرقام صادمة بشأن حالات وفيات الجرحى قبل وصولهم إلى المستشفى. وهكذا فإن 62 في المائة من وفيات الحوادث يقضون مباشرة في مكان وقوعها، و21 في المائة يتوفون خلال نقلهم إلى المستعجلات، فيما يقضي 16 في المائة خلال السبعة أيام الموالية لتاريخ الحادثة. أرقام سبق لوزير الصحة أن أكد إمكانية تخفيضها بشكل كبير في حال تضافر جهود مختلف المتدخلين، وتطوير خدمات الطب الاستعجالي، وهو الأمر الذي اشتغلت عليه الوزارة من خلال توفير سيارات إسعاف المسماة ب«الوحدات المتنقلة للمستعجلات والإنعاش»، وأيضا الطائرات المروحية التي يجري الرفع من عددها لتوفيرها في مختلف الجهات. وفي خضم هذه الآفة الخطيرة، يوجه المسؤولون عن القطاع أصبع الاتهام إلى العامل البشري، إذ أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن هذا العامل حاضر في أكثر من 90 في المائة من حوادث السير التي تعرفها بلادنا، بينما لا يتجاوز العامل المرتبط بالطريق حوالي 3 في المائة. دور العامل البشري هنا لا يتعلق فقط بالسائق، بل أيضا بمختلف المتدخلين في السلامة الطرقية. فالساهرون على مراقبة العربات يتحملون مسؤولية التغاضي عن وضعية العربات المتهالكة التي أصبح سيرها يشكل خطرا مباشرا على مستعملي الطريق، شأنهم في ذلك شأن الساهرين على المراقبة في الطرقات، والمسؤولين المتلاعبين بالصفقات، الذين عوض أن يلتزموا باقتناء رادارات صالحة للمراقبة، فإننا نجد أنفسنا أمام رادارات لا تراقب شيئا، بل في أماكن غير موصولة بالتيار الكهرباء. كل هؤلاء «البشر» يتحملون مسؤولية هذا العامل، الذي ينضاف إليه سلوك السائق. فالمعطيات التي حصلت عليها «المساء» تكشف حقيقة التهور واللامبالاة التي تبديها شريحة مهمة من السائقين، ومنها أن 94 في المائة منهم لا يحترمون علامة قف، و28 في المائة من سائقي العربات الخفيفة داخل المجال الحضري لا يستعملون حزام السلامة. أكثر من ذلك، فهناك 9 في المائة من السائقين داخل المجال الحضري لا يتوقفون عند الضوء الأحمر. هذه الأرقام تزداد خطورة لدى شريحة مستعملي الدراجات النارية، إذ أن 29 في المائة منهم لا يحترمون أضواء المرور. كما أن 21 في المائة من سائقي الدراجات لا يضعون الخوذة الواقية، وهي نسبة ترتفع إلى 76 في المائة بالنسبة للراكبين. معطيات تؤكد دور العامل البشري في حوادث السير، لكنها لا تخفي واقعا يطرح نفسه بقوة، وهو إشكالية المقاطع الطرقية التي تتسبب في حوادث سير مميتة، والتي تحيلنا على حادثة «تيشكا» وغيرها من الفواجع التي راح ضحيتها عدد من المغاربة لأسباب اختلط فيها العامل البشري بوضعية العربات والطرق. بيد أن حرب الطرقات لا تكلف فقط خسائر فادحة في الأرواح، بل إن حوادث السير تكبد الاقتصاد المغربي ما يناهز نقطتين من الناتج الداخلي الخام، إذ أن الأرقام المتوفرة تكشف أن الحوادث تكلفنا حوالي 14 مليار درهم. رقم ضخم يوضح ثقل الكلفة الاقتصادية لحرب لم تضع بعد أوزارها. أمام تنامي عدد حوادث السير المميتة، والتي وصلت ذروتها سنة 2011، تحركت الحكومة لوضع استراتيجية وطنية للسلامة الطرقية بهاجس أساسي هو عكس المنحى التصاعدي لحوادث السير نحو تحقيق مؤشر الانخفاض. الاستراتيجية المعتمدة تم تنفيذها عبر مخططات للسلامة الطرقية، والتي ترتكز على تنسيق وتدبير السلامة الطرقية على أعلى مستوى، ومجال التشريع، والمراقبة والعقوبات، وتكوين السائقين وإصلاح امتحان رخصة السياقة، وتحسين البنيات التحتية الطرقية داخل وخارج المدار، وتحسين الإسعافات المقدمة لضحايا حوادث السير، إلى جانب التواصل والتحسيس والتربية الطرقية، والبحث العلمي واليقظة التكنولوجية في مجال السلامة الطرقية. هذه الاستراتيجية مكنت، حسب معطيات صادرة عن وزارة النقل والتجهيز، من بلوغ نتائج مهمة، وبشكل أساسي في عكس الاتجاه التصاعدي لعدد القتلى والجرحى ضحايا حوادث السير، الذي كان يعرف ارتفاعا سنويا بحوالي 5 في المائة. وهكذا فقد نجحت مختلف البرامج التي تم تنفيذها في تسجيل انخفاض مستمر في الفترة الممتدة بين 2012 و2014، لتبلغ نسب الانخفاض على التوالي 1.50 و8.04 و 8.74 في المائة. هذه البرامج تم تعزيزها ببرنامج خاص بتهيئات السلامة الطرقية للفترة الممتدة بين 2014 و2018 على مستوى النقط السوداء، وذلك عبر تهيئة المحاور الخطيرة وتهيئة النقط السوداء وبناء الجدران الوقائية، إلى جانب إعداد وتفعيل برنامج عمل خاص بالفترة الصيفية التي تعرف حركة سير مرتفعة والتي تسجل 30 في المائة من مجموع القتلى سنويا، مع تعزيز حملات التواصل والتحسيس. وبخصوص توجهات الوزارة بين 2014 و2016، فتهم تكثيف المراقبة على الإفراط في السرعة بتفعيل المراقبة بالرادار الثابت وتعميمها على جميع المحاور التي تعرف حركية مهمة وتفعيل المراقبة بالرادار المركب على العربات، ومواصلة مراقبة السياقة تحت تأثير الكحول، وتكثيف المراقبة على احترام قواعد السير داخل المجال الحضري وذلك بإعطاء دينامية جديدة لفرق المراقبة المتحركة التابعة للأمن الوطني. أما الإجراءات الخاصة بالسائقين المهنيين فتشمل تجهيز الحافلات بنظام «GPS» لتصحيح سلوك السائق أثناء القيادة ومحاربة الإفراط في السرعة واحترام مدة السياقة القانونية، ومواصلة عمليات التكوين الأولي والمستمر، إلى جانب مواصلة تفعيل مقتضيات مدونة الشغل. الأرقام الصادرة عن وزارة النقل تشير إلى انخفاض حوادث السير، لكن واقع الحوادث المميتة يطرح نفسه بقوة على مدبري الشأن العام، الذين أمامهم تحد كبير لتكريس مزيد من الصرامة والجدية في مجال المراقبة بمختلف أنواعها، وأيضا في تطوير المنظومة الطرقية وتحقيق اختراق ثقافي لمواجهة سلوكات متهورة تسترخص حياة الإنسان.
محمد الغطاس*: السائقون تسببوا في أكثر من 90 في المائة من حوادث السير المميتة
حاورته – نزهة بركاوي – المغرب يعيش حربا مدمرة على الطرقات بصفتك باحثا في هذا المجال ما هي الأسباب الظاهرة والخفية وراء هذه الحرب المفتوحة والتي آخرها الحادثة التي حصدت أرواح 34 شخصا بطانطان؟ حوادث السير في المغرب موضوع خطير وشائك، هي حرب، لكن الفرق أن كل الحروب الدامية تكون شريفة ويحركها هدف محدد وربحي في الغالب إلا حرب الطرق عندنا في المغرب فهي حرب «قذرة» تهاجمنا بشراسة وتخطف أرواحا بريئة، وهي مصنع لتفريخ ذوي الإعاقة ونشر المآسي بين المواطنين، كما تهدد اقتصاد البلاد من خلال استنزاف ميزانيات مهمة من الدولة وتكبدها خسائر على جميع المستويات. نحن إذن أمام حرب حقيقية قاتلة بل مدمرة والمغرب للأسف يحتل رتبة جد متقدمة من حيث حوادث السير والسبب الأساسي واضح وجلي للجميع، فالسائقون هم سبب هذه الحوادث، طبعا أنا لا أعمم، لكن أكثر من 90 في المائة من السائقين هم السبب وراء تفاقم هذه الحوادث المميتة، إن ما بين 70 في المائة و80 في المائة لا يستعملون حزام السلامة. حادث السير يكون ناجما عن خطأ، إما بسبب السرعة المفرطة، أو السياقة في حالة سكر، أو التجاوز المعيب أو استعمال الهاتف المحمول أثناء السياقة أو السياقة في حالة مرض أو ..هذا بالضبط ما تؤكده خبرتنا في هذا المجال، فلو أن كل سائق منا غادر بيته وهو مهيأ تماما للسياقة بمسؤولية واحترام قانون السير بحذافيره وهو يحمل في قلبه هم عدم إيذاء أي واحد في ذاك اليوم بما في ذلك نفسه، نزولا عند قوله تعالى «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما» لعاد إلى بيته سالما لم يقتل أحدا وحافظ على سلامة نفسه من الأذى فقط لأنه التزم بقانون السير الذي هو واجب ومواطنة ومحركه في ذلك أنه مواطن صالح. الأمية أيضا هي سبب في ارتفاع حوادث السير، طبعا ليس جميع السائقين أميين، وهنا لا أقصد أساسا جهل الكتابة والقراءة ولكن أقصد أمية في السياقة، فبعض السائقين يحصلون على رخص السياقة دون أن يكونوا على جدارة واستحقاق. – هل هذا يعني أن هناك اختلالات في منح رخص السياقة وأنها «توزع» دون كفاءة؟ بالطبع هذا هو المقصود. للأسف هناك العديد من الاختلالات بهذا الخصوص، حيث إنه في الكثير من الأحيان تتحكم أمور أخرى في منح رخصة السياقة علما أن هذا الأمر «أمانة»، فالرخص يجب أن تعطى بصدق ومسؤولية وإلا فإنها ستكون بمثابة شهادة زور، بل إن هؤلاء سيمنحون صلاحية قتل أرواح بريئة، السائق غير المتمكن هو قنبلة مؤقتة حتما ستنفجر في أي لحظة خلال السياقة وستخلف قتلى ومعطوبين وأيتام والدولة والمحيط هما من سيدفع الثمن. إن رخصة السياقة أخطر اليوم من حمل السلاح لأنها أصبحت تقتل أكثر من حمل السلاح، وأقول إنه يجب على المسؤولين أن يكونوا أكثر صرامة في منحها وأن تكون مدة التدريب طويلة وأن تكون ستة أشهر وأن تمنح بناء على الكفاءة. – ما الحل لتقليص هذه الحوادث إذن؟ نحن في المغرب نمتلك حصة الأسد في حوادث السير عالميا لذلك علينا أن نقف وقفة تأمل لنغير هذا الواقع المؤلم. ففي جولة خفيفة في ساعات متأخرة في الليل يمكن لأي واحد منا الوقوف على خطورة الوضع، حيث نجد أن 80 في المائة من السائقين في هذه الساعات لا يحترمون الإشارات الضوئية ولا حق الأسبقية ولا يضعون حزام السلامة وكأنه لا بد من وجود رجل أمن المرور ليجبرنا على احترام القانون. الطريق فضاء للتعايش وليس مجزرة وساحة للقتل، نحن نفتقر إلى ثقافة التعامل مع الطريق، لذلك علينا أن نتصالح مع أنفسنا أولا وأن نقتنع بأن السياقة هي مسؤولية وتسامح وثقافة ورقي وأخلاق وليس تبادلا للشتم والكلام النابي أحيانا وأن يتحمل كل واحد منا مسؤولية هذه الحرب. يجب أن نكون حريصين على أنفسنا وعلى أولادنا ونقيس بذلك على الجميع. السياقة هي احترام والتزام بقانون السير الذي يجب أن يحترمه الجميع بدون استثناء وأن نتبادل النصح، كما أن الأمر يستدعي الزجر والترهيب ووضع قوانين جد صارمة ما دام الوضع لم يتغير كثيرا على الرغم من المستجدات التي تضمنتها مدونة السير الجديدة. أقول إن حوادث السير يمكن أن تتراجع بنسبة 90 في المائة إذا التزم كل سائق بالاحترام التام لقانون السير وقاد سيارته بكل مسؤولية وغيرة على هذا البلد. – من السهل أن يعيد السائق مخالفته الطرقية مرة ومرات ما دام بإمكانه أن يستعيد رخصة سياقته بسهولة وبطرق غير قانونية ومادام لم يؤد قيمة المخالفة الثقيلة لفائدة الدولة بل أدى جزءا منها عن طريق الرشوة مثلا؟ لا يمكن أن ننكر وجود مثل هذه الأمور المخالفة للقانون، ولو أنها نسبية، والتي تشجع بالفعل السائق الذي يخالف القانون على معاودة الكرة عدة مرات، لهذا أقول إن المسؤولية مشتركة بيننا جميعا ابتداء من السائق فالشرطي فالدركي ف.. وعلينا محاربة مثل هذه الظواهر والتحلي بالصرامة لأن مخالفة القانون يعني إمكانية وقوع حادثة سير قد تكون مميتة وقد يكون السائق نفسه من بين الضحايا. الخطورة هنا تتجلى في أن الأمر يتعلق بحياة المواطنين أي بأرواحنا والروح «عزيزة عند الله» ويجب أن نحرص على سلامتها. – ألا تعتقد أن الدولة في شخص وزارة النقل والتجهيز تتحمل القسط الأكبر من هذه المسؤولية؟ أقول لا. وزارة النقل والتجهيز تقوم بمهمتها في إطار إمكانياتها وأنا أؤكد أن 80 في المائة من البنية الطرقية عبر التراب الوطني تحسنت نسبيا مقارنة بالسنوات الماضية، بل إن بعض الطرق التي كانت تسجل بها نسبة قليلة من حوادث السير في السنوات الماضية ارتفعت الحوادث بها بعد أن طالتها الصيانة، بل إن حوادث خطيرة تقع بالطريق السيار. ففي جميع الحالات وحتى إن كانت البنية التحتية غير جيدة فعلى السائق أن يخفف السرعة ليحافظ على حياته وحياة مرافقيه. – إذن أنت تجزم بأن العنصر البشري هو المسؤول عن حوادث السير؟ بالفعل. نحن المسؤولون عن وقوع حوادث السير، ونحن أيضا نملك القدرة على وقف هذه الحرب المرعبة ما رغبنا في ذلك. يجب أن نرتقي بعقلياتنا من أجل «مغرب بلا حوادث» تصبح فيه الطرق فضاء للثقافة والتسامح والتعايش وأن يبدأ كل واحد منا التغيير من نفسه. فالسائقين الذين لا يحترمون قانون السير هم «خونة» والخونة لا يمكن أن نؤمنهم على حياة وسلامة أي أحد منا، وهم يخونون وطنهم، فمن يساهم في قتل وتخريب وطنه ليس بمواطن. – إذن نحن نعاني من مشكل في العقليات؟ أكيد هو مشكل عقليات. هناك سائقون يقودون سياراتهم بأنانية وكأن الطريق لهم وحدهم فقط، وهنا أخص بالذكر سائقي الطاكسيات الكبيرة وكأنهم «شاريين الطريق» لا يحترمون الأسبقية ولا علامات التشوير ولا أماكن الوقوف والتوقف ولا..بل إن بعضهم لا يستعمل إشارة التجاوز وكأن لا أحد سواهم يوجد على الطرقات. كما أن بعض السائقين يغادرون منازلهم في وقت متأخر على أساس أن يصلوا إلى أماكن معينة في وقت قياسي وكأن الشوارع خالية من وسائل النقل لذلك تجدهم يتجاوزون بشكل عشوائي مما يتسبب في حوادث السير. كما أن بعض سائقي الحافلات يتهافتون على الركاب ويتوقفون فجأة ويسيرون بسرعة فائقة ولا يحترمون نهائيا لغة الطريق التي هي لغة راقية عظيمة ومحترمة، ولا يمكن أن يحترمها إلا سائق محترم ومتخلق ومثالي، لذلك فجمعيتنا تقوم بتعقب بعض السائقين وتتأكد من أنهم سائقين مثاليين وتكافئهم على ذلك لتشجيعهم على مواطنتهم. بعض السائقين للأسف هم دائما في حاجة إلى رقيب عليهم وهذه عقلية «قطيع» وليست عقلية مواطن عادي، فهم غالبا ما يكونون على علم بنقط التفتيش ومواضع الرادارات، وخوفا من المخالفات الطرقية يقلصون من السرعة أو يربطون حزام السلامة وكأن حياتهم تساوي أقل من تلك المخالفة لذلك أقول إن العقليات يجب أن تتغير في المغرب. – لماذا في رأيك لا ينفتح المغرب على تجارب دولية أخرى لتنزيلها للحد من هذه الحرب؟ ولماذا نأتي بتجارب من الخارج ؟ المغرب يتوفر على كفاءات عالية جدا في هذا المجال فقط وجب استغلالها بالشكل الصحيح ولدينا خبراء. يجب أن ننزل للميدان لنصلح الأوضاع وأن نطبق القانون الذي يجب أن يسري على الجميع بدون استثناء.
رخص السياقة.. عندما تتحول الرشوة إلى أداة للقتل الدولة تنهج سياسة الصمت أمام خروقات المافيات المستشرية في القطاع وفاء لخليلي لا تقتصر ماكينة حرب الطرق في حصدها لأرواح المواطنين على وضعية الطرق التي لا يختلف اثنان حول مدى خطورتها، ولا تستثني أيضا العامل البشري، لكن ضمن طياتها، تنبري مسألة مهمة أخرى، تتخفى في الصيغة القانونية، وتساهم بشكل كبير في ارتفاع حصيلة الضحايا. خصوصا حين يتعلق الأمر بسائق حصل على رخصة سياقته عبر دفع مبلغ مالي، أو بوسيلة أخرى غير شرعية، وضعت أرواح مستعملي الطرق في كف القدر المحتوم. فبعض سيارات التعليم، تقدم لزبنائها، «خدمات» تسهل عليهم الحصول على رخص السياقة، ضمانا أولا لسمعتها بين باقي المدارس الأخرى كما أكد موظف بإحدى مدارس الدارالبيضاء ل«المساء»، وثانيا ضمانا لعدم رجوع زبونها من اجتياز الامتحان خاوي الوفاض. لذلك عمل بعضها على استقدام زبائن من نوع خاص، يتمثل همهم الوحيد في الحصول على رخصة السياقة، بأي ثمن وبدون وجه حق، متخذة منح الرخصة لمن يدفع أكثر، لا لمن يجيد قوانين السير شعارا لها. فحين توجه سؤالا «عفويا» للمكلفين بمنح هذه الرخص، يجيبونك بثغر باسم، ووجه «قاسح»، أن العدد الأكبر من مجتازي امتحانات الحصول على رخصة السياقة، يدفعون «مقدما ومؤخرا»، من أجل تسهيل «النجاح» في إيقاد فتيل الحرب وجعلها مستعرة أكثر، في إيحاء منهم إلى أن ضمائرهم هانئة البال لم تقترف «جرما» بمنح رخصة تقتل في طريق من طرق المغرب الخطرة، ودون أدنى إحساس بالمسؤولية عن ما يقع. ذلك أن كل ما يعتمل داخل منظومة السير وقانونه، يتواطأ على حياة المواطنين، بدءا بأولئك الذين يدفعون مقابل الحصول على الرخصة، ومرورا ببعض عديمي الضمير ومنعدميه من أرباب مدارس تعليم السياقة، وانتهاء بالجهات المسؤولة عن قطاع النقل الطرقي. وحين يتحدثون عن حرب الطرق، يؤكدون أن العامل البشري هو السبب، وكلامهم هذا «صحيح»، ذلك أن المكلفين بمدرسة تمنح رخصة سياقة مقابل الرشوة، عامل بشري، ينضاف إليه، السائق الذي يحصل على رخصته عبر دفع المال، إلى جانب المسؤولين عن وضعية الطرق. هي إذن كلها عوامل بشرية ساهمت في اندلاع حرب طرق حصدت من أرواح المغاربة الكثير، ولازالت تحصد ما زرعه العامل البشري. وبعد جولات استطلاع قامت بها «المساء» إلى بعض مدارس تعليم السياقة بالبيضاء، واستقصاء آراء من اجتاز الامتحان، أكدوا جميعهم دفعهم لمبلغ مالي يسهل عليهم الحصول على الرخصة. وتأكيد المجتازين أمر دفعهم «لمبلغ» مالي عبارة عن رشوة، يقابله صمت من لدن الجهات المعنية والتي لها صلاحية مراقبة مثل هذه الأمور، ضمانا وحفاظا على أرواح المواطنين. لكون هذا المال، يضع حياة مستعملي الطريق في خطر، فالسائق المهني الذي يحصل على رخصته بطرق ملتوية، يضع حياة المواطنين في خانة الخطر والموت. فحين تتقاعس الجهات المسؤولة عن مراقبة سير عمليات منح رخص السياقة المهنية مثلا، فإنها هنا تكون مسؤولة رئيسية عن الحوادث التي تقع ويروح ضحيتها مجموعة من المواطنين، سواء أولئك الذين انتقلوا إلى جوار بارئهم، أو أولئك الذين سيعيشون بعاهات مستديمة، لن تنمحي مادام القلب ينبض حياة. إذ ليس من العدل أن تتهاون الدولة و«تتساهل» في أمر جد حساس، وتستهين بأرواح هذا الوطن، ومجتازو امتحانات رخص السياقة المهنية وغيرها، يجزمون ويؤكدون تقديم مبالغ مالية تسهل عليهم الحصول على الرخصة، وهو الأمر الذي يؤكده أيضا بعض مستخدمي مدارس تعليم السياقة. وحين نقل حقائق المواطنين الذين اعترفوا بها طواعية، أجاب رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات وأرباب مدارس تعليم السياقة وقانون السير والسلامة الطرقية، دحان بوبرد، أنها «لا تعدو أن تكون مجرد حملة مغرضة تستهدف المس بسمعة مدارس تعليم السياقة»، نافيا جملة وتفصيلا ما ورد على لسان الراشين والمرتشين. في حين يبقى المستهدف الحقيقي هو أرواح الناس وسلامتهم الجسدية. لكن الذي يهم هنا ليس نفي هذا الكلام، وإنما البحث فيه وتبين إن كان فعلا شائعة مغرضة، أم حقيقة يتم تجاهلها، قد تسرق أرواحا بشرية. والعجيب في الأمر، أن الأغلبية سمعت عن قضية دفع مبالغ مالية للحصول على رخصة السياقة، إلا آذان المسؤولين والجهات المعنية، فالخبر استثناها وحدها وحرمها من تجاذب أطراف الثرثرة حول هذا الموضوع/المشكل، الذي يتطلب تدخلا وقائيا عاجلا، قبل حصد الطرق مزيدا من الأرواح.
الفحص التقني.. اختلالات وتجاوزات بالجملة المهنيون لا يخفون وجود تجاوزات ويعزون ذلك إلى الضغط الرباط – حليمة بوتمارت على الرغم من الوعود التي قدمتها وزارة التجهيز والنقل سعيا منها في تخطي المشاكل والعقبات المرتبطة بالنقل، إلا أنها أبانت عن عجزها في تجاوز ذلك؛ حيث ما زال القطاع يعرف العديد من التجاوزات الخطيرة والتي ساهمت بشكل أو بآخر في ارتفاع حوادث السير ببلادنا وحصد مزيد من الأرواح. وحسب ما أكده عدد من مهنيي القطاع فإن التجاوزات والتلاعبات تضرب أطنابها في قطاع يتسم بالعشوائية والارتجالية في اتخاذ القرارات، حيث هناك تجاوزات يصعب على المسؤولين ضبطها في ظل غياب قوانين واضحة ووجود ثغرات على مستوى البنود والقوانين المنظمة للقطاع. علاوة على ذلك تساءل المهنيون عن سبل ضبط المخالفات والتجاوزات في قطاع الفحص التقني، وآليات العمل غير متوفرة، حيث هناك تعطل مستمر في الأنظمة المعلوماتية وغياب شبه تام لنظام مراقبة متطور يمكن من ضبط المخالفات وكشف الأعطاب. والأكثر من ذلك فإن المحضر الذي يتم تسليمه بعد كل عملية فحص تقني لصاحب العربة لا تتم المصادقة عليه من قبل المركز الوطني لإجراء الاختبارات والتصديق على السيارات، نظرا لانعدام جهاز مراقبة يسمح لها بإجراء هذه العملية، وبالتالي فإن المهنيين يعتبرون المحضر المسلم وثيقة شكلية ويمكن التلاعب بمضمونها.. وفي السياق ذاته أكد مصدر مسؤول أن هناك تجاوزا خطيرا وخرقا سافرا في عملية استخلاص جباية 20 درهم عن كل عملية فحص التي يؤديها المواطن من جيبه، والتي هي من صنع الوزارة والمركز الوطني لإجراء الاختبارات والتصديق على السيارات، حيث أوضح المصدر أن مجموع المبالغ المستخلصة تتعدى 8 ملايير من السنتيمات سنويا تودع في حساب خاص غير مدرج في الحساب المالي للدولة، واعتبر المصدر ذاته أن استخلاص المركز للجباية الذي يتم بمباركة من وزارة التجهيز والنقل هو بمثابة نصب واحتيال على المواطن، على اعتبار أن المبلغ لا تبرير له. من جهتهم لم يخف المهنيون أن ما يدفع جل أرباب الفحص التقني إلى ارتكاب تجاوزات هو وجود ضغط كبير على بعض المدن التي يجب أن يتم الترخيص لها بفتح خطوط إضافية، في الوقت الذي يتم الترخيص لفتح مراكز جديدة في مدن صغيرة لا تعرف حركة السير كما هو بالمدن الكبرى ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تنامي العشوائية، وتسليم محاضر معاينة تقنية لا تتلاءم والحالة الحقيقية للعربة، علاوة على وجود منافسة غير شريفة وتلاعب بعض المسؤولين بإعلانات العروض التي أكد المهنيون أن الفائزين بالصفقة معروفة أسماؤهم مسبقا. والأخطر من ذلك فإن عملية إجراء فحص تقني لم تعد بالنسبة لصاحب العربة وثيقة للتأكد من مدى سلامة الحالة الميكانيكية للعربة، بل أصبحت فقط وثيقة يدلى بها عند ارتكاب مخالفة معينة، وهذا بدوره يعتبر عاملا من العوامل التي تسبب حوادث سير خطيرة، ولهذا فمن المفروض على الدولة أن تسعى إلى ترسيخ ثقافة الفحص لدى المواطن بكونها تسير في صالحه وأن تدفعه للقيام بها دون أن تكون مفروضة عليه، كما هو معمول في الدول التي تطبق القوانين وتحترمها . وأفاد مصدر مسؤول داخل وزارة الرباح رفض الكشف عن اسمه أن قطاع الفحص التقني يسيره مهندسون لا علاقة لهم بالمجال، حيث يتم استقدام أطر من التجهيز فيما يتم إهمال أطر النقل الذين من المفروض وضعهم على رأس المصالح المعنية بقطاع الفحص التقني، وهذا يبين أن القطاع تتحكم فيه لوبيات تسيره على مقاسها.. من جهته تساءل محمد العابيد رئيس الجامعة الوطنية لأرباب مراكز الفحص التقني بالمغرب عن القيمة المضافة للشركة المتخصصة في مجال الفحص التقني والتصديق والتفتيش والتحقق، المعروفة اختصارا ب»فيريتاس»مؤكدا أن هناك بعض التقارير التي أنجزتها شابتها التناقضات كما أنه ليست هناك أية نتيجة ومردودية من خلال العمليات التي قامت بها، واعتبر العابيد أن دور المراقبة من المفروض أن يتم على مستوى الوزارة، وبلغة الأرقام فإن الميزانية المرصودة للقطاع ضخمة جدا لكن الأداء محدود جدا. وأوضح المتحدث ذاته أن الدولة تصادق على الكثير من القوانين وهي الأولى التي تخرقها ولا تحترمها، ويمكن القول إنها ساهمت بشكل أو بآخر في تأخر القطاع، كما أن الوزير الذي كان قد رفع شعارا وسطر عليه بخط بارز وهو «ربط المسؤولية بالمحاسبة»، هذا الشعار لم يتم تفعيله، مستدلا بالخطوة التي أقدم عليها الرباح عندما قام بعزل رئيس المركز الوطني لإجراء الاختبارات والتصديق على السيارات دون أن تتم متابعته قضائيا. وقد تمكنت «المساء» من ربط الاتصال بكريم أديب رئيس المركز الوطني لإجراء الاختبارات والتصديق على السيارات، ووافق على الرد كتابة حول مجموعة من النقط التي توصل بها، لكنه لم يلتزم وأخلف وعده.
الطرق الوطنية والثانوية.. وضعية «كارثية» تتحول إلى «كابوس» أمام المسافرين أحمد بوستة إذا كان المغرب في السنوات الأخيرة قطع أشواطا مهمة بخصوص شبكة الطرق السيارة، فإن ذلك لم يواكبه اهتمام بالعديد من الطرق الثانوية والوطنية الرابطة بين عدد من المدن والتي تعرف من حين إلى آخر حوادث سير خطيرة تتسبب في إزهاق أراوح بريئة لا ذنب لها سوى أنها قررت السفر عبر هذه الطرق. ففي الوقت الذي تعتبر فيه الطرق الوطنية والثانوية في دول ما وراء البحر الأبيض المتوسط فرصة للمسافرين للتعرف عن المعالم السياحية لهذه البلدان، فإن الهم الذي يشغل بال الكثير من المسافرين المغاربة الذين يختارون بعض الطرق الوطنية هو الوصول في سلام إلى المدن التي يقصدونها خوفا من وقوع حادثة قد تقضي نهائيا على حياتهم أو تتسبب لهم في جروح بليغة. ويكاد لا يخلو بيت من بيوت المغاربة من قصة امرأة أو شاب أو حتى طفل راح ضحية حادثة سير في طريق رابطة بين هذه المدينة أو تلك، وضعية جعلت أصواتا كثيرة تطالب السلطات العمومية في شخص وزارة التجهيز والنقل، سواء في الحكومة الحالية أو التي سبقتها من أجل فتح ملف الطرق الوطنية والثانوية بشكل جدي وعدم الاقتصار فقط على مشاريع الطرق السيارة، التي وإن كان لا أحد يجادل في أهميتها، فإنه لا يجب أن يتم ذلك بمعزل عن الاهتمام بوضعية الطرق الوطنية أو الثانوية. وقال مصطفى شعون، الكاتب العام للنقابة المغربية لمهنيي النقل، في تصريح ل «المساء» بنبرة لا تخلو من الغضب والاستياء إن «مجموعة من الطرق الوطنية والثانوية، خاصة بالأقاليم الجنوبية تعيش أوضعا كارثية جدا، وهناك مشاكل كثيرة في الطرقات سواء داخل المجال الحضري وخارجه، فإذا كانت المجالس البلدية هي المسؤولة عن تعبيد الشوارع والاهتمام بكل ما يتعلق بحركة السير والجولان داخل المجال الحضري، فهناك حاليا استمرار لمسألة المغرب النافع وغير النافع بخصوص الطرقات التي توجد خارج المجال الحضري، خاصة تلك الرابطة بين المدن، على اعتبار أن هناك هشاشة كبيرة في الطرق مرتبطة بغياب لعلامات التشوير والأوضاع الكارثية وقلة المراقبة الطرقية، كما أن بعض السائقين لا يلتزمون بوضع حزام السلامة». ويؤكد بعض المراقبين لحركة السير والجولان على المستوى الوطني، أن السياسة التي تنهجها الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام والمرتبطة بشكل كبير بإحداث شبكات جديدة للطرق السيارة كانت على حساب الطرق الوطنية والثانوية، حيث لم يواكب عمليات إحداث شبكات الطرق السيارة اهتمام كبير بالأوضاع المزرية للطرق الوطنية، وهو الأمر الذي جعل مصطفى شعون، يؤكد أن من بين الاختلالات المسجلة في هذا السياق الاهتمام ببعض الطرق على حساب أخرى التي ما تزال تئن تحت التهميش، واستدل محدثنا بالطريق الوطنية الرابطة بين مراكشوالدارالبيضاء، وقال «إذا كان الطريق السيار الرابط بين مراكشوالدارالبيضاء مثلا متنفسا بالنسبة لمجموعة من السائقين، فإن الواقع عكس ذلك بالنسبة للطريق الوطنية الرابطة بين هاتين المدينتين، وأن التوازن ضروري بين الجهات بخصوص مشاريع الطرق، حيث لا يجب أن يكون هناك تركيز على جهة دون أخرى، فجميع جهات المملكة في كف واحد وأن التنمية لابد أن تطال جميع الجهات». وكلما وقعت حادثة سير في طريق رابطة بين المدن إلا ويتم التركيز على العنصر البشري في هذه العملية، ولا ينفي شعون هذا الأمر، إلا أنه يؤكد أن العنصر البشري لا يجب أن يكون المقصود من خلاله السائق فقط ولكن جميع المتدخلين في القطاع، وقال «إن العنصر البشري هو الوزير والمراقب في الطريق والمراقب للحالة الميكانيكية للعربات، بالإضافة إلى السائق». ويعتبر بعض المهنيين أنه لا يمكن بأي حال تفادي وقوع حوادث السير خارج المدار الحضري دون اهتمام كبير بالبنيات التحتية، التي تعد صورة أي بلد، فوضعية الطرقات الرابطة بين المدن يمكن أن تكون عاملا مساعدا على جلب السياح، سيما أن المغرب يزخر بمجموعة من المؤهلات الطبيعية التي تسحر العيون، بالإضافة إلى ضرورة فتح ملف السائق المهني بكل جدية، والاستجابة للعديد من ملفاته الاجتماعية التي ما تزال معلقة لحد الساعة، على اعتبار أن السائق المهني الركيزة التي يمكن أن يتم الاستناد عليها في كل مشروع يهدف إلى الحد من مسلسل حوادث السير داخل أو خارج المدار الحضري، حتى يتم وقف حرب تتسبب في مقتل أبرياء من أبناء هذا الوطن.
هكذا تزرع الشاحنات والحافلات و«الطاكسيات» الرعب في الطرقات الرقابة القانونية المفروضة على النقل العمومي لا تشمل في أحيان كثيرة شاحنات الوزن الثقيل أحمد بوستة فتحت فاجعة طانطان التي هزت المغاربة قبل أيام بعد أن أودت بحياة 33 مغربيا، على إثر اصطدام شاحنة للوزن الثقيل وحافلة للنقل العمومي، من جديد النقاش حول شاحنات الوزن الثقيل ومدى احترامها لقانون السير، سيما أنه من حين إلى آخر توجه أصابع الاتهام إلى هذا النوع من وسائل النقل في حوادث السير التي تقع سواء داخل المجال الحضري أو خارجه. وإذا كان من الطبيعي أن تنتقل شاحنات الوزن الثقيل بين المدن، فإن تواجدها في المجال الحضري مازال يثير الكثير من علامات الاستفهام، وترتفع أصوات كثيرة من أجل منع شاحنات الوزن الثقيل من التحرك في وسط المدينة والمناطق المجاورة لها، لأنها تتسبب في بعض الأحيان في وقوع حوادث السير وفي الاكتظاظ الشديد الذي تعرفه المدينة. عبد الله، مواطن بيضاوي أكد أنه يتحاشى المرور من جانب شاحنة للوزن الثقيل، لأنه يدرك خطورة المرور من جانبها، وقال «حينما تكون شاحنة الوزن الثقيل محملة بالسلع فإنني أتفادى المرور من جانبها لعدة اعتبارات ومن بينها إمكانية سقوط السلع على السيارة». مصدر من مهنيي النقل الطرقي أكد أن الرقابة القانونية التي يتم فرضها على النقل العمومي لا تشمل في بعض الأحيان شاحنات الوزن الثقيل، خاصة في الجانب المرتبط بالحمولة، حيث إن العديد من هذه الشاحنات تحمل أكثر من طاقتها، ما يتسبب في وقوع حوادث سير خطيرة جدا، وقال «من اللازم جدا تشديد الصرامة على شاحنات الوزن الثقيل ومراقبة مدى احترامها للحمولة وتأهيل السائقين، لأن الأمر يتعلق بسلامة المواطنين، ويؤكد بعض المهنيين على ضرورة تحديد أماكن خاصة لمرور شاحنات الوزن الثقيل، لتجنب حوادث السير ولإحداث مرونة أكبر في حركة السير والجولان. وليست شاحنات الوزن الثقيل المتهمة لوحدها بارتكاب حوادث سير مميتة، بل أيضا سيارات الأجرة من النوع الكبير، إذ أن مصادر متعددة تؤكد أن هذا النوع من وسائل النقل الطرقي يتسبب في مقتل العديد من المواطنين، وذلك بسبب تهور بعض السائقين، وفي هذا السياق يقول سائق طاكسي» لا أحد ينكر أن بعض سائقي سيارات الأجرة يسوقون بنوع من التهور ودون أي احترام للسلامة الطرقية، وهو الأمر الذي يتسبب في حوادث سير قاتلة، كما أن الحالة الميكانيكية لهذه السيارات تكون سببا في وقوع حوادث سير، ويقول أحد المهنيين» كيف لسيارة تجاوز عمرها الافتراضي عشرين سنة أن تنقل مسافرين بين المدن، فهذا لوحده كافي لوقوع حوادث السير. وإذا كانت أصابع الاتهام تتوجه إلى بعض سائقي سيارات الأجرة وشاحنات الوزن الثقيل، فإن عددا من المهنيين لا يترددون في رد هذه التهمة، مؤكدين أنوضعية الطرق في العديد من مناطق المغرب هي التي تكون وراء وقوع حوادث السير، وهو الأمر الذي يدفع الكثير من النقابات المدافعة عن القطاع في مناسبات كثيرة إلى المطالبة بضرورة تحديد المسؤوليات أثناء وقوع حوادث السير، لأن تحديد المسؤوليات هو الذي سيمكن من الحد من هذه الحوادث، فالعديد من الطرق والقناطر تكون في غالب الأحيان السبب المباشر في وقوع حوادث سير خطيرة، إضافة إلى علامات التشوير والإنارة العمومية في المناطق الحضرية. ولا يترددون في تحميل المسؤولية إلى وزارة التجهيز، مؤكدين أن عدم الاهتمام بواقع الطرق في العديد من مناطق المغرب هو الذي يضاعف من حوادث السير، ويحولها إلى حرب طرق تؤدي إلى قتل العشرات من الأبرياء، كما قال أحد المهنيين» إن وضعية الطرق والعنصر البشري الذي يبقى متعددا ولا يرتبط بالسائق مسؤولان عن وقوع حوادث سير خطيرة، وهو الأمر الذي يجب التعامل معه بشكل جدي، فقضية حوادث سير مسؤولية مشتركة». حوادث السير في مدن المملكة مسؤولية الجميع، هذا هو الرد الذي لا يتردد كل طرف على البوح به، لكن هل يتم تناول هذه القضية بشكل لازم في ظل مسلسل هتشكوكي يثير الرعب في قلوب المواطنين، الذين لا يترددون عند توديع بعضهم أثناء السفر في القول «الله يردك سالم» في إشارة إلى خطورة هذه الحرب التي لا تريد أن تضع أوزارها في المغرب منذ عقود طويلة، فهل ستتم معالجة الأسباب التي تكمن وراء هذه الحوادث أم أنه قدر علينا أن نقرأ ونسمع خبر حادثة سير أودت بمواطنين أبرياء.
المقاربة الزجرية لمدونة السير تفشل في الحد من حرب الطرق بعد أزيد من أربع سنوات على دخول المدونة حيز التنفيذ إسماعيل روحي بعد أزيد من أربع سنوات على دخول مدونة السير حيز التنفيذ لم تتمكن هذه الأخيرة من الحد من حوادث السير على الطرقات التي تؤدي إلى مقتل مئات المغاربة وإصابة الآلاف منهم بأعطاب يستمرون في مواجهة معاناتها طيلة حياتهم، لقد أظهرت هذه الخلاصة التي تفيد بأن مدونة السير التي راهنت عليها حكومة عباس الفاسي من أجل الحد من نزيف حرب الطرق بالمغرب، أن مشكل المغاربة لن يتم حله من خلال تشديد القوانين أو الرفع من الغرامات، بل إن الأمر متعلق بعقلية وثقافة تقوم على أساس عدم احترام قانون السير، ترسخت منذ عشرات السنين، وأن القضاء على هذه الثقافة وتغيير هذه العقلية يتطلب عملا تدريجيا على الأرض خاصة وسط الأطفال والشباب من خلال إدماج التربية الطرقية واحترام قانون السير ضمن المناهج الدراسية. إن الإصلاح الذي قامت به وزارة التجهيز والنقل بخصوص الشروط والطريقة التي يحصل بها المغاربة على رخص السياقة غير كاف ويتطلب مزيدا من التعديلات، من أجل التأكد من أن الذين يحصلون على رخص السياقة مؤهلون فعليا للسير داخل الطرقات ولا يشكلون أي خطر على أنفسهم وعلى غيرهم من السائقين والراجلين على حد سواء. كما أن مدارس تعليم السياقة مطالبة من جهتها ببذل مزيد من الجهود من أجل تكوين المرشحين لاجتياز رخصة السياقة، الذين يتقدمون من أجل تلقي تكوين نظري وعملي أمامها وإعطاء مزيد من الوقت للتدريب العملي داخل السيارة من أجل ضمان تكوين جيد للمرشحين قبل تقديم ملفاتهم أمام مصالح وزارة التجهيز والنقل ووضع فترة زمنية معقولة بين التسجيل واجتياز الامتحان. من الأكيد أن عملية التحسيس والتوعية بأخطار الطريق وبضرورة احترام قانون السير أمر أساسي بالنسبة لكل مستعملي الطريق، ونحن هنا لا نستثني الراجلين، إلا أن الجانب الزجري يبقى له دوره في الوقاية من حوادث السير، ولذلك يجب تشديد المراقبة على السائقين من خلال المراقبة عبر الرادارات، لأن السرعة المفرطة تبقى من بين الأسباب الرئيسية لحوادث السير القاتلة بالمغرب. ورغم خروج وزارة التجهيز والنقل بمشروع قانون من أجل تخفيض مبالغ غرامات المخالفات فإن الأساسي هو تطبيق تلك الغرامات على المخالفين، حيث من المقرر أن يتم تخفيض قيمة الغرامات عن مخالفات قوانين السير من الدرجة الأولى بناقص 43 في المائة، وذلك في حالة الأداء الفوري من قبل السائق، فيما تتقلص الغرامة من الدرجة الثانية بناقص 40 في المائة، وتلك التي تندرج ضمن الدرجة الثالثة بناقص 50 في المائة، في الوقت الذي حددت نسبة تخفيض قيمة الغرامات حسب درجاتها على التوالي، في 28 في المائة و30 في المائة، و33 في المائة، في حالة الأداء داخل أجل 15 يوما من تاريخ تحرير المخالفة. وأظهرت التجربة التي خاضتها اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير في مجال التربية الطرقية خلال السنوات الماضية أن هذا النوع من العمليات يتطلب تعبئة موارد بشرية ومادية وأدوات بيداغوجية وتجهيزات مهمة في أماكن قريبة جدا من الفئات المستهدفة. وفي هذا الإطار، قامت اللجنة بإنجاز دراسة لتحديد مدى إمكانية إنشاء مركبات مندمجة بالمدن الكبرى، والتي يمكن استغلالها كأرضية لتنشيط وتأطير عمليات التحسيس والتربية والسلامة الطرقية على المستوى المحلي التي تبقى الحل الأمثل لمواجهة حرب الطرق. كما أن الدراسات المتعلقة بقياس المؤشرات السلوكية لمستعملي الطريق التي أنجزتها اللجنة، تهدف إلى توفير مجموعة من المؤشرات الخاصة بسلوكيات مستعملي الطريق من خلال تقييمها وقياسها فيما يتعلق بالسرعة الفعلية أثناء السياقة، واستعمال حزام السلامة، ووضع الخوذة الواقية بالنسبة لمستعملي الدراجات النارية؛ واحترام «الضوء الأحمر»، واحترام علامة «قف»، واحترام الأسبقية وهي المخالفات التي تتسبب في الرفع من حوادث السير.
ناصر بولعجول*: لا يمكننا من خلال إجراء واحد توفير السلامة الطرقية حاوره – يوسف منصف – تناسلت في الآونة الأخيرة حوادث سير مميتة بشكل مطرد، إلى ماذا تعزى هذه الملاحظة في نظركم؟ أولا، تجب الإشارة إلى أن هذه الحوادث جاءت في سياق متميز جدا، حيث أن كل المؤشرات المتعلقة بالسلامة الطرقية –على عكس تلك الحوادث- كانت تسير في اتجاه جد إيجابي. حيث أنه للسنة الثالثة على التوالي سجلت اللجنة انخفاضات مهمة وتحسنا ملموسا في جميع مؤشرات السلامة الطرقية، سواء فيما يخص عدد الحوادث، سيما عدد الوفيات المرتبط بها، فقد تم تسجيل انخفاض بنسبة 2% سنة 2012، وانخفاض بنسبة 8% سنة 2013، كذلك عرفت سنة 2014 بدورها نسبة انخفاض ب 9%، هذه الملاحظة المتعلقة بسلسلة الانخفاضات المطردة، يمكن مقارنتها بسنة 2011 التي كانت تعتبر سنة سوداء في حوادث السير التي سجلت آنذاك 4128 حادثة، أما حاليا فقد تم تخفيض هذا العدد بحوالي 714 حالة وفاة، كذلك المعطيات المتعلقة بالشهرين الأولين من السنة الجارية كانت بدورها تسير في الاتجاه نفسه، ونتمنى أن تكون هذه الحوادث منعزلة بعيدا عن العوامل الهيكلية والبنيوية، ونحن ننتظر التحقيقات، سيما المتعلقة بفاجعة طانطان، أما بالنسبة للحادثة التي تعرض لها فريق شباب خنيفرة فبحسب ما رشح عن وسائل الإعلام، فقد كان الأجنبي صاحب السيارة التي كانت في الاتجاه المعاكس في حالة سكر طافح.. – هل عجزت تدابير وأحكام مدونة السير -منذ تطبيقها- عن لجم جماح مستعملي الطريق المتهورين؟ في إطار المنظومة العامة للسلامة من حوادث السير، نحن نخلق تراكمات، حيث لا يمكننا من خلال إجراء طرقي واحد توفير السلامة الطرقية. وتبقى المدونة إجراء جد مهم في هذا الباب، حيث لم يبق مقبولا أن يستمر المغرب في حركة السير والجولان، بقانون سير يعود لسنة 1953، فمغرب سنة 2010 ليس هو مغرب سنة 1953. وبالتالي فقد كانت هناك مجموعة من المتغيرات على مستوى الشبكة الطرقية وعلى مستوى عدد السكان وعدد العربات، ينضاف إلى ذلك الإمكانات التكنولوجية التي أصبحت متوفرة لمنظمي السلامة الطرقية، واليوم فالمدونة كأي قانون وضعي، يتطلب ربما تحديث مجموعة من المواد التي يجب مراجعتها وفق مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين، وهناك اليوم مشروع تعديلي لبعض المقتضيات التي جاءت بها المدونة. – هل العوامل البشرية مازالت تساهم في الحوادث الخطيرة على الطرقات؟ يحتل العامل البشري في الحوادث على الطرقات دورا مهما، بالرغم من أننا نحاول دائما إبعاد التهمة عن العنصر البشري على حساب حالة العربة أو حالة الطرقات، إلا أن الدراسات والأبحاث التي خلصنا إليها –للأسف- تلقي باللوم على العامل البشري، فهناك نسبة مهمة تناهز 90 % من حوادث السير يكون العنصر البشري حاضر فيها، والإكراه الذي يبقى حاضرا لدى الفاعلين والمعنيين بالسلامة الطرقية هو كيفية تأطير هذا السلوك البشري على الطريق، سواء من خلال التوعية والتحسيس أو من خلال المراقبة والزجر.. فهذه العوامل مجتمعة كفيلة بتأمين الطريق والتأكيد على السلامة الطرقية ببلادنا. – ما هي الجهود التي تبذلها اللجنة الطرقية للوقاية من حوادث السير بهذا الصدد؟ نحن نتوفر سنويا على مخطط طرقي مهم، يعكس المهام التي تضطلع بها اللجنة الطرقية للوقاية من حوادث السير، وهي المساهمة في اقتراح كل ما من شأنه المساهمة في السلامة الطرقية، وفي تربية وتنشئة العموم، فهدفنا يبقى خلق أكبر عدد من الفرص بقصد الاشتغال مع أكبر عدد من الفاعلين، حيث نركز كثيرا على الأنشطة ذات البعد التحسيسي والتواصلي، من خلال برامج خاصة أو عبر حملات توعوية، وكذا الاستفادة من المنتديات المدنية وتنشيطها بحرفية ومهنية عالية، ينضاف إلى هذا عقد شراكات مع المهنيين بقصد إدماج عنصر السلامة الطرقية في عمل المقاولات المهنية عن طريق التكوين أو المصاحبة التقنية للمقاولة. ونتواصل كذلك مع المجتمع المدني ونعمل معا على تطوير صيغة جيدة للاشتغال، إذ يسمح لنا العمل مع المجتمع المدني الحضور في أماكن قصية مثل البوادي والمداشر البعيدة.