أجرت الزميلة "اليوم 24" حوارا مع طارق القباج، رئيس المجلس الجماعي لأكادير، ورئيس الجهاز التنسيقي المكلف بالإشراف على تدبير المرحلة التحضيرية لمؤتمر حزب البديل الديمقراطي والذي تطرق فيه إلى تحالف الاتحاد الاشتراكي الذي كان ينتمي إليه سابقا مع فريق العدالة والتنمية على مستوى بلدية أكادير، والذي بني في نظر القباج على نقطة أساسية و مشتركة وهي محاربة الفساد والرشوة. وخلص القباج إلى أن تسيير المدينة على مستوى هذا التحالف لمدة ست سنوات مر في ظروف جيدة و في جو من التفاهم. القباج كشف أيضا عن تفاصيل آخر الاستعدادات للمؤتمر التأسيسي، مؤكدا أنه سيعقد بعد أسبوع فقط من الحصول على ترخيص وزارة الداخلية. ونظرا لأهمية الحوار وتعميما للفائدة نعيد نشر نص مضمون الحوار الكامل لطارق القباج: هل كان سهلا عليكم مغادرة سفينة حزب الاتحاد الاشتراكي الذي نشأتم فيه وقضيتم سنوات طويلة في النضال من أجله؟ طبعا الأمر لم يكن سهلا علي، فأنا كنت من مؤسسي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في 11 يناير سنة 1975، حيث ناضلنا من أجل الديمقراطية في هذا الوطن ومن أجل الاشتراكية، وكانت لدينا إرادة قوية لتحقيق الإصلاح، كما كانت للحزب شعبية كبيرة، وكان يُحترم من طرف الخصوم والحلفاء على حد سواء، وكان يضم مناضلين ضحوا وأعطوا الكثير لتحقيق الأهداف التي أُسس عليها، ولكن حين نرى اليوم تراجع هذا الحزب وغيابه عن عدد من المدن الكبرى نشعر بالأسف، حتى إنني لا أملك كبح دموعي التي تنهمر أحيانا وأنا أتأمل هذا الوضع وما وصل إليه هذا الحزب... لعل البديل الديمقراطي جاء كجواب عن هذه الوضعية، وكمحاولة للقيام بانطلاقة جديدة بالانفتاح على الشعب، لأن الحزب الذي لا ينفتح على الجماهير ولا يحضر سوى في المناسبات ليس حزبا، فالمفروض أن تكون للحزب حياة يومية وتواصل مستمر مع المواطنين، واحتكاك بهمومهم وانشغالاتهم، وأن يشرف على الأقل على تسيير الشأن المحلي. الحمد لله، لدينا رؤساء يسيرون جماعاتهم بجدية، وكلهم اليوم سينخرطون في حزب البديل الذي يهدف إلى إعادة المصداقية والاحترام إلى العمل السياسي. المقصود من كلامكم أن حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي ساهمتم في تأسيسه وناضلتم في صفوفه لسنوات، ليس هو نفسه الاتحاد الاشتراكي الذي نراه اليوم؟ بالتأكيد، الاتحاد الاشتراكي لم يعد الحزب نفسه الذي ساهمت في تأسيسه. على مستوى الديمقراطية مثلا، نرى أن قيادة هذا الحزب لا تقبل أي نقد، وتسعى إلى فرض الفكر الوحيد. لا وجود للديمقراطية داخل هذا الحزب الذي يعيش حاليا انغلاقا في ظل وسائط التواصل الاجتماعي التي يُفترض أن يعتمد عليها الحزب لتطوير أسلوبه التواصلي وللانفتاح على المواطنين بدل الانغلاق. قيادة هذا الحزب اليوم لا تقبل السماع لأحد، ولا الأخذ باقتراحات أحد. في هذا السياق أشير، مثلا، إلى أنه بالنسبة إلينا في إطار الحزب الجديد قررنا أن المعطيات التي سنقدمها خلال المؤتمر التأسيسي ستضم، إلى جانب مساهمة المناضلين، مساهمات المجتمع المدني، فنحن لا ندعي امتلاك المعرفة المطلقة، بل نحن منفتحون على الجميع. أين وصلت استعدادات تأسيس حزب البديل الديمقراطي؟ وضعنا ملفنا منذ حوالي شهر، ونحن في انتظار جواب وزارة الداخلية. كنا قد اتصلنا ببعض الوزراء للتسريع بالموافقة على طلب الترخيص، ولكن، للأسف، لم نتمكن من ذلك، لذلك نحن في انتظار رد وزارة الداخلية، وبمجرد التوصل به سنعقد المؤتمر التأسيسي الذي سيليه سنة 2016 مؤتمر استثنائي. ما هو الجديد الذي سيأتي به حزب البديل الديمقراطي؟ أولا، الدستور الجديد أعطى أهمية للجهة وللامركزية، وعلى الحزب أن يتفاعل مع هذا الواقع، لذلك يجب أن يكون الحزب فيدراليا، وليس كما نرى في بعض الأحزاب، حيث الأجهزة المحلية تنتظر توجيهات المركز. التنظيم الحزبي يجب أن يكون فيدراليا، لديه ارتباط بالواقع الملموس في كل جهة، ويجد حلولا واقعية لمشاكل كل جهة، فهناك مشاكل كثيرة تعانيها مختلف الجهات، على رأسها التعليم، وحين نتحدث عن مفهوم الجهة على هذا المستوى، لا يمكن أن ننسى اعتراف الدستور بالأمازيغية كلغة رسمية، ولذلك يجب أن نعمل على ترسيخ هذا المبدأ. الدستور ركز على نقلة أخرى سنعمل عليها، وهي الديمقراطية التشاورية التي تفرض الحوار مع هيئات المجتمع المدني، وهذا، للأسف، ما يتناقض كليا مع الممارسة الجديدة لحزب كالاتحاد الاشتراكي. أيضا ليكون الحزب قويا يجب أن يحترم ويعترف بأفكار مختلف مناضليه، وأن ينفتح عليهم. النقطة الأساسية الأخرى بالنسبة إلينا تتعلق بطريقة تسيير الحزب ومراقبة المنتخبين، فعلى الحزب أن يراقب منتخبيه ويحاسب المخطئين، ويقوم بالنقد الذاتي. نحن أيضا نهتم بالملفات الكبرى التي تهم المواطنين، كالتشغيل والتعليم والشباب، وفي هذه المجالات لدينا عدة أفكار سنعمل على تطبيقها. المشكل الآخر الذي يشغلنا هو التغيرات المناخية وانعكاسها على البيئة، وهو مجال يتطلب اتخاذ مواقف سليمة لمواجهة ظواهر كالجفاف والفيضانات، وغيرها من المشاكل الناتجة عن تلك التغيرات. سنعمل أيضا على ضمان العيش الكريم للمواطن لأننا نؤمن بأنه لا يمكن أن نكسب مواطنا مثاليا إذا لم يتم توفير شروط العيش الكريم له. كيف ترون الأداء الحكومي على مستوى هذه الملفات والقضايا التي تشغلكم اليوم؟ هناك عدة مشاكل، ولكن ليست الحكومة وحدها من تتحمل مسؤوليتها، هي مسؤولية مشتركة، وهي مشاكل نعانيها منذ سنوات. الكل يعلم أن عدد السكان تزايد في المدن دون أن تتوفر ظروف استقبالهم كما يجب. التوسع العمراني تم بشكل كبير دون التفكير في شكل حياة المواطنين في ظل كل ذلك. هذا مطروح بشكل كبير في المدن الكبرى، حيث تنعدم فضاءات مجانية للترفيه. مثلا، في أكادير، حرصنا على أن تكون جميع الملاعب الرياضية بالمجان. هذا يدخل في إطار المفهوم الجديد الذي نتبناه للمدينة التي يجب أن توفر العيش الكريم للمواطن في أحسن الظروف. ما هي الأحزاب التي ترون أنكم متقاربون معها وقد تتحالفون معها مستقبلا؟ جميع أحزاب اليسار. يمكن القول إن التاريخ يجمعنا، وهي الأحزاب التي نرى أننا متقاربون معها وقد نتحالف معها. ما هو سبب تخلف بعض رموز تيار الانفتاح والديمقراطية عن الالتحاق بالحزب الجديد؟ لا يمكنني الرد نيابة عن هؤلاء. يجب الاتصال بهم، فوحدهم يمكنهم أن يوضحوا أسباب عدم التحاقهم بالحزب. كيف ترون مستقبل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟ اطرحوا هذا السؤال على المسؤولين وعلى الزعيم، لعله يملك جوابا عنه. لكن بصفتكم أحد مؤسسي هذا الحزب الذي يعد مدرسة، كيف ترون مستقبله؟ كان مدرسة ولم يعد كذلك. ما يمكنني قوله الآن أن آخر مدينة كانت في يد الاتحاد هي أكادير، وهي الآن لم تعد في يده. تحالفتم مع العدالة والتنمية على مستوى محلي لتدبير شؤون مدينة أكادير، هل من الممكن أن تتحالفوا معه بعد تأسيس البديل الديمقراطي؟ بالفعل تحالفنا مع العدالة والتنمية كان في إطار محلي لتسيير مدينة أكادير، إلى جانب تحالف مماثل بين الحزبين كان على مستوى مدينة تطوان، وهو تحالف كان مبنيا على نقطة أساسية مشتركة بيننا هي محاربة الرشوة والفساد، فقد ضم المجلس حينها تيارين ومن كانوا ضد الرشوة والفساد اجتمعوا لتسيير المدينة، وسيرنا المدينة لمدة ست سنوات تقريبا في ظروف جيدة، وفي ظل جو من التفاهم. هل من الممكن لهذا التحالف المحلي أن يتطور إلى تحالف وطني بين الحزب الجديد و«البيجيدي»؟ حاليا لا يمكنني الرد على هذا السؤال. نحن لم نعقد المؤتمر التأسيسي للحزب بعد، وبالتالي، فكل هذا يبدو سابقا لأوانه. كما أسلفت، نحن طرف من اليسار، والأحزاب التي نتقارب معها هي أحزاب اليسار، وغير ذلك لا يمكنني الحديث عنه حاليا.