هذه القاعدة خلاصة للقرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بتاريخ 13/11/2014 تحت عدد 528/7208/2014 . والتي تتلخص وقائعه في كون موظف تم إيقافه عن العمل بسبب متابعته قضائيا على ذمة ملف جنحي وأنه مكن الإدارة من الحكم النهائي البات في قضيته غير أن الإدارة لم تحله على المجلس التأديبي إلا بعد 34 شهر من الانتظار. لا يهم في هذا التعليق حجم مبلغ التعويض المحكوم بقدر ما يهم مناقشة بعض المبادئ التي كرسها القرار القضائي المذكور بالإضافة إلى جوانب أخرى تتعلق بذات الموضوع . بالنسبة للقواعد التي كرسها القرار موضوع التعليق أكد قرار المحكمة أن عرض الموظفين الموقوفين على المجالس التأديبية يجب أن يحصل داخل أجل معقول ما بين تاريخ تبليغ الإدارة بالقرار النهائي وتاريخ إنعقاد المجلس التأديبي. وأن غير ذلك كما نازلة الحال يعتبر خطأ مرفقي موجب للتعويض عنه قدرته المحكمة في مبلغ جزافي (في حدود نصف الأجرة عن كل شهر تقريبا) معتبرة أن المتضرر لا يستحق كامل أجرته على طول فترة انتظار انعقاد المجلس التأديبي لأن الأجر يكون مقابل العمل والموظف لم يقم بأي عمل لفائدة الإدارة . والمؤكد حسب هذا القرار وفي غياب النص القانوني المحدد للمدة التي يستوجب خلالها إحالة الموظف على المجلس التأديبي فإن هذا الإجتهاد يعتبر خيرا وفاتحة خير على كثير من الموظفين الذين علقت وضعياتهم الإدارية للسنوات دون أن يحالوا على المجالس التأديبية رغم أن المتابعة التي أوقفوا على إثرها حسمها القضاء منذ مدة طويلة. والمؤكد حسب ماهية نفس القرار أن القاضي الإداري نظر إلى الواقعة بمقياس العدل والموازنة بين ما للموظف من حق في البث في قضيته التأديبية وتمكينه من استئناف عمله في أسرع وقت وبين ما أكرهت عليه الإدارة لتأخير البث في هذه القضية إلى أجل فات المعقول. ويبدو لكل دارس مبتدأ أن الإدارة وبحكم أنها تحتكر السلطة والنفوذ أمام العجز والضعف التام للموظفين معها فإنها غير معذورة في استشعار( والمصطلح دقيق في هذا الباب) وضعية الموظف والبث في قضيته في أسرع الأوقات مهما صعب عليها ذلك خلاف النازلة الحالية التي يظهر أنه بالسهولة بمكان إديكفي الدعوة إلى إنعقاد المجلس التأديبي الذي لا يحتاج سوى لجلسة أو جلستين ليتخذ قراره في القضية. في جوانب أخرى تتعلق بنفس الموضوع في رأي المتواضع أن أشباه هذه القضايا يجب أن يكون التعويض كاملا احتراما لقاعدة أن المرء لا يجب أن يستفيد من خطأه والضرر يزال والجزاء يكون بقدر الخطأ. ومن هنا فإن القرار موضوع التعليق وإن خطى خطوة جريئة ومنصفة وهو يقضي بتعويض جزافي عن الضرر المذكور في إطار سلطته التقديرية بعلة أن الموظف لا يستحق كامل أجرته عن الفترة التي انتظر خلالها انعقاد المجلس التأديبي فإن هذا التقدير صحيح حيثما يكون توقف الموظف عن العمل اراديا وصادرا عنه إما وأن هذا التوقيف صادر عن الإدارة وليس لها في ذلك عذر فإنه في نضري فإن الموظف حرم من كامل أجرته على طول فترة انتظار إنعقاد المجلس التأديبي للبث في قضيته بأجر ثابت ووضعية مستقرة يصح عدم اعتبار الزيادات التي تحصل لنفس الموظف نتيجة الترقيات التي قد يحصل عليها خلال نفس الفترة لأنها شيء غير محقق. وإذا كان قرار محكمة الاستئناف قد خطى هذه الخطوة الهامة اليوم في هذه النازلة فالأمل معقود على تكريس نفس الاجتهاد من طرف نفس المحكمة وغيرها في إتجاه تعويض الموظفين في هذه الحالة بكامل أجرتهم حتى يتحقق الانصاف من جهة وتتحقق غاية أهم وأعمق وهي إصلاح الإدارة. ما أثارني بخصوص نفس النازلة أمر يتعلق بالتشريع وليس القضاء مؤداه وجوب حصول تدخل تشريعي لمعالجة الفقرة الأخيرة من الفصل 73 من قانون الوظيفة العمومية الذي ترك أجل انعقاد المجلس التأديبي بخصوص الموظفين المتابعين جنائيا مفتوحا بعد صدور الحكم النهائي البات في قضيتهم وذلك بتحديد أجل محدد ومعقول ينعقد عقبه المجلس التأديبي للبث في قضية الموظف الذي صدر حكم نهائي في قضيته. وهو الشيء الحاصل لرافع الدعوى موضوع هذا التعليق.