ففي عقوبة الآخرة يقول الله سبحانه وتعالى مهدداً الكانزين للذهب والفضة ولا يؤدون منها حق الله « والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون». ويروي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي «صلى الله عليه وسلم » أنه قال: «من أتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه «يعني بشدقيه» ثم يقول: أنا مالك ..أنا كنزك، ثم تلا النبي «صلى الله عليه وسلم » قول الله عز وجل «ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة». وفي العقوبة الدنيوية يقول عليه الصلاة والسلام: «ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين» أي بالقحط والمجاعة رواه الطبراني وفي حديث ثان « ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا» رواه ابن ماجه والبزاز والبيهقي.. وفي حديث آخر« وما خالطت الصدقة أو قال الزكاة مالاً إلا أفسدته» رواه البزار والبيهقي. وهناك عقوبة دنيوية أخرى هي عقوبة شرعية قانونية وهي التي يتولاها ولي الأمر في المجتمع الإسلامي وفي هذه العقوبة جاء حديثه «صلى الله عليه وسلم» في الزكاة «من أعطاها مؤتجراً أو طالباً للأجر فله أجرها ومن منعها فإنا آخذوها منه وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا لا يحق لمحمد ولا لآل محمد منها شيء» رواه أحمد والنسائي وأبو داود. ولم تقف عقوبة مانع الزكاة عند الغرامة المالية فحسب، بل يجوز لولي الأمر أن يستعمل العقوبة البدنية والحبس وغيرها حسب المصلحة والحاجة وأكثر من ذلك أن الإسلام يشرع سل السيف وإعلان القتال على الممتنعين والمتمردين عن أداء الزكاة كما فعل خليفة رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أبو بكر الصديق رضي الله عنه ومعه الصحابة في قتال مانعي الزكاة وقال كلمته المشهورة: «والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه» رواه الشيخان. ومن النصوص التي سبقت تتضح لنا جلياً درجة الإلزام العالية التي تتمتع بها الزكاة فليست مجرد واجب عادي بل هي كما أوضحنا إحدى الدعائم الخمس التي قام عليها بنيان الإسلام وأصبح معلوماً بالضرورة وإنها احد أركان الإسلام وتناقل ذلك الخاص والعام ولم تعد فرضيتها في حاجة إلى إقامة دليل، فقد ثبتت ثبوتاً مؤكداً بالآيات القرآنية الصريحة المتكررة وبالسنة النبوية المتواترة وبإجماع الأمة كلها خلفاً عن سلف وجيلاً إثر جيل.