● أولا: حكم الزكاة يتصرف غالب الناس في أموالهم الخاصة على غير قانون الشريعة من حيث الإنفاق أو الإمساك، فتتدخل الأهواء والشهوات في هذا المجال. فإذا كان الموضوع هو المال المأخوذ من الأمة زكاة فإن احتمال التصرف على وفق ما ألفوه غير مستبعد. لذلك تولى الإسلام فرض الواجب زكاة في الأموال، وألحق بهذا الفرض فرضا آخر؛ وهو بيان الأصناف التي تستحق صرف مال الزكاة إليها. قال تعالى: }إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم{ سورة التوبة/60. إنما تعطى الزكوات الواجبة للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا، وللمساكين الذين لا يملكون كفايتهم، وللسعاة الذين يجمعونها، وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامهم أو قوة إيمانهم أو نفعهم للمسلمين، أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين، وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين، وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين، ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا، وللغزاة في سبيل الله، وللمسافر الذي انقطعت به النفقة، هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح عباده، حكيم في تدبيره وشرعه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل في يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان ويطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا }ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة{ سورة آل عمران:180. (أخرجه البخاري)، حيث توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مانع الزكاة بالعذاب الشديد يوم القيامة. ● ثانيا: مقاصد مصارف الزكاة يقصد بمصارف الزكاة: من يستحق الزكاة شرعا، ويجب أن تصرف له، ولا حرج عليه من الناحية الشرعية في الاستفادة منها وأخذها، وهؤلاء الذين يستحقون الزكاة ثمانية أصناف، حددتهم الآية الكريمة:}إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم{ سورة التوبة:60 لم تحدد هذه المصارف عارية عن حكمتها والقصد منها، وإنما هي مصارف منوطة بحكم جليلة، ومعان خيرة، ومنها: نشر الإسلام: وذلك بتحبيبه إلى من نظن قربهم منه، فنؤلف قلوبهم بما يزيد في إيمانهم وارتباطهم بالدين، فإن الإحسان مدعاة إلى الانعطاف إلى من أسدى المعروف إليك. وكذلك نشره عن طريق الكتب والمجلات والدورات التي تعرف بالإسلام وتقرب أحكامه ومقاصده للعالمين. الحرية: ومن مقاصد مصارف الزكاة السعي عمليا في تمكين الناس من حريتهم، حتى يكون اختيارهم وفق إرادتهم، ومن غير موانع تمنع عنهم الرجوع إلى فطرتهم إن تركوا وشأنهم. لقد جعل الإسلام من تحرير الرقاب مشروعا للحرية والتحرير، فكان له الفضل في القضاء على الرق في مدة وجيزة. وأسس الفقهاء على هذا المقصد الشرعي القاعدة المعروفة: إن الشارع متشوف إلى الحرية.