في حديث مع إحدى اللاجئات السوريات في هولندا، قالت: "الكامب معبى شبيحة". كانت تؤكد أنها رأت الكثير من السوريين، الذين ينتمون بأفكارهم وأخلاقياتهم لزمرة الشبيحة. الميليشيا التي تعمل مع الأمن السوري، وتقوم بعمليات أقل ما يقال عنها أنها "لا إنسانية". اللاجئة ليست "ثورية" بما فيه الكفاية، ولا تعتبر أن كل موالي للنظام السوري هو "شبيح"، وهي لم تشارك في الأحداث السورية لا كناشطة، ولا كناطقة، ولا بأية صفة أخرى. هي فقط مسيحية، خربت لها الفصائل الإسلامية المعارضة منزلها وحياتها، كما تقول. وهي في نظر الثوريين "شبيحة سلبية"، لأنها مسيحية أولاً، ولأنها حيادية. لكن هذه الشابة "الحيادية" وجدت أن غالبية اللاجئين في مخيم اللجوء الذي نزلت فيه، كانوا شبيحة. وأكدت أن هناك شبيحة ثوار، ولكن القسم الأكبر هو لشبيحة النظام السوري. لقد سقط من غربال دائرة الهجرة والتجنيس في أوروبا، الكثير ممن تلوثت أيديهم في الدماء والمال والسلطة، وحصلوا على اللجوء في أوروبا. وسيحصل الكثير ممن تلوثت أيديهم في الدماء السورية على اللجوء فيها. وهي "حكمة" كما تقول الشابة السورية، حكمة لأنه يجب على الغرب الجميل، أن يحظى ببعض مما لدينا. في مدينة Den Helder شمال غربي هولندا، وأمام مربع العبور في الشارع والمخصص للمشاة توقفت سيارة بعيدة لتسمح لشاب بالمرور وفق قوانين السير الهولندية. وقف الشاب في منتصف الطريق، وضحك بأعلى صوته، وقال لزميله الذي انتظر في الجانب الآخر: "شوفت.. كيف بيوقف متل الكلب". قالها باللهجة العراقية. شعر صديقه بالحرج. وطلب منه أن يسرع. لكن الشاب سار ببطء شديد، وسط ابتسامة ساخرة من السائق. فيما بعد عرفت أن الشاب هو ابن مدير الأمن العراقي، في مدينة كبيرة في العراق، في الفترة التي كان فيها صدام حسين حيّاً. أما كيف مرّ فيها هذا الشاب "المخابراتي" أو "الشبيح"، من غربال اللجوء..! فهذه قصة أخرى. في لبنان، رفضت مفوضية اللاجئين، طلب لجوء لفتاة سورية هي ابنة ضابط مخابرات سوري كبير، لأنها لم تقتنع بقصتها. لكن في أوروبا تم قبول طلبات لجوء لكثير منهم. وبقيت قصة إثبات أنهم ملوثون بالدم السوري، أصعب مهمة يمكن أن يقوم بها مركز توثيق سوري محترف، وربما هي المهمة المستحيلة.