هل تدبرت يوما في أننا نحن البشر، كثيرا ما نلوم أنفسنا على الأخطاء التي نرتكبها وعلى الزلل التي نقع فيها؟ هل تفكرت يوما في أننا نحن البشر، كثيرا ما نجلد ذواتنا بشكل مستمر بل ومبالغ فيه، فيعصف ذاك الجلد بنفوسنا، ويجعلها تدور في فلك الإحباط والقنوط!؟ صحيح أنه لا ضير في أن يلوم الإنسان نفسه بطريقة تنتشلها من التيه الذي وقعت فيه، أو لم يقسم الله عز وجل بالنفس اللوامة قائلا في كتابه العزيز: ● لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة.● ولكن، مقابل هذا اللوم الذي نمارسه على نفوسنا باستمرار، هل فكر أحدنا يوما في مكافأة نفسه حين تصنع إنجازا أو تحقق نجاحا ؟ قد تبدو فكرة مكافأة النفس سخيفة للوهلة الأولى، ولكن علماء النفس اتفقوا على أن واحدا من أسرار السعادة هو أن تعرف كيف تكافىء نفسك، قائلين أنه عندما لا تجد أي محفز على العمل، قم باستخدام ما يطلقونه عليه ب "الرشوة" وهي عبارة عن مكافأة تضعها لنفسك في حال انتهائك من مهمات العمل المطلوبة، مؤكدين على أن مكافأة النفس فعالة جدا في إدارة الذات وكذا إدارة المؤسسات، بل اعتبروها طريقة من طرق الإنجاز و يوصون بعدم الاستهانة بها لما لها من أثر فعال و محفز على الهمة والطموح .. فهل جربت أن تكافئ نفسك يوما ما؟ في بعض الأحيان لا تكون أفضل المكافآت هي تلك التي نحصل عليها من الغير ، بل تكون تلك التي نمنحها نحن لأنفسنا، فأنت أكثر شخص يعلم مدى معاناتك في سبيل بلوغ أهدافك، وأنت الشخص الوحيد الأعلم بعدد الساعات التي قضيتها في مزاولة الرياضات الشاقة لتنقص من وزنك، وأنت الوحيد الذي واجهت تلك الأيام والليالي العصيبة محاولا الإقلاع عن إدمانك .. أنت الوحيد الأدرى بكل هذا وما خفي كان أعظم ! أليست هذه النفس أهلا للمكافأة إذا ؟ يذكر كتاب: "دع التسويف وابدأ العمل" أنه يجب على الشخص أن يكافئ نفسه و يجزل لها الثواب عندما تؤدي عملا جيدا، و قد تكون هذه المكافأة بسيطة وغير مكلفة. فمثلا، اخرج بعد عمل رائع قمت به وتناول وجبتك المفضلة، قم بنزهة خلوية، أو اقض بعضا من الوقت رفقة أصدقائك المقربين أو حتى اشتري لنفسك عطرك المحبب !! قم بأي شيء تراه أنت مناسبا حتى تحس بقيمة إنجازك، وتأكد أن انتظام هذه المكافأة يؤتي ثماره وينعكس بشكل إيجابي وفعال على إنجازاتك القادمة وتطلعاتك الآتية .. جرب، ألم يحن الوقت كي تقدر ذاتك التي تكبدت وعملت فأنجزت وحققت؟ جرب مثلا أن تشتري لنفسك باقة ورد أو علبة الشوكولاطة المفضلة لديك و تضعها على مكتبك، أو جرب مثلا أن تكافئ روحك وتغذيها بسجدة جمييلة، تريحك من التعب والعمل الشاق .. كافئ نفسك مع بداية كل يوم، وفر لها الهدوء وفنجان قهوة وأذكار الصباح .. أو جرب بكل بساطة أن تقف أمام المرآة ممتنا وتقول: " شكرا .. يا أنا !" أو اطبع لنفسك شهادة تقدير تقول فيها "هذا ثناء مني لنفسي بعد نجاحها في كذا وكذا.." و دعك ممن سيسخرون منك. لقد قضينا بالفعل وقتا طويلا من حياتنا ونحن نكافىء من حولنا من أصدقاء و زملاء و أقارب حين يحققون نجاحات ما، لكن هل كافأنا أنفسنا يوما على نجاحها مثلما نفعل للآخرين؟ نحن محتاجون لنفس وثابة تتطلع للمعالي وتمضي للأمام، نحتاج إلى صناعة انسان لا يتحرك بثناء الآخرين وتشجيعهم فقط بل يحرك نفسه من أعماقه، ويكافىء نفسه بنفسه حين لا يجد من يسدي له ذلك! و كما يقول خبير تنمية الذات الدكتور ابراهيم الفقي رحمه الله: "كافئ نفسك إذا لم تجد من يكافئها، اشتر لنفسك هدية يوم ميلادك، وإذا حصلت على ترقية ولم تجد من يبارك لك لا تتردد في شراء باقة ورد لك وقم بوضعها على مكتبك." فلا تنتظر طويلا حتى يثني عليك أحد، و بادر إلى مكافأة نفسك، و اشعر بذلك الشعور الرائع والمميز. و ضع نصب عينيك دائما أن لنفسك عليك حقا كما جاء في الحديث النبوي الشريف. فكافئ نفسك إذا و قدرها، فهي أهل لكل شيء جميل يا صديقي.