تحقيق أحلامنا الكبرى في الحياة لا يتطلب معرفة ما نريده والرغبة في تحقيقه فحسب، بل التحلي بالعزيمة والتصميم أيضا. كل منا تحدث في حياته تغييرات تأتي في صالحه. ويجد المرء من الملائم له على سبيل المثال البدء في اتباع نظام غذائي أو تعلم لغة جديدة، أو أن يغير مساره المهني، أو ينهي علاقة، أو ان يخلق محيط عمل أفضل، أو يتوقف عن الغضب بسبب الصغائر. وجميعنا لديه قوائم أحلام مؤجلة. نعرف ما نريده نظريا، ولكن الوقت يمضي ونبقى على حالنا. فالخوف أو الركون للراحة أو الولاء الخفي أو تعليمنا يجعلنا نمكث في نفس المكان. فهل سيكون من الأسهل علينا تحقيق ما نطمح إليه إذا أثيرت في نفوسنا قوة تجعل لا شيء يوقفنا؟ تجيب بيلار خيريكو، رئيسة مؤسسة "Be-Up"(بي-آب) الاستشارية على هذا السؤال، مؤكدة أن تلك القوة الداخلية موجودة، وهي مهيمنة ومتمردة ولا تتوقف عند ما يفكر به الآخرون وتعزز القدرات الفردية كي يتمكن كل شخص على بلوغ أشياء تبدو غير معقولة. وتوضح خبيرة تنمية الموهبة والريادة أن هذه "هي قوة العزم والتصميم، التي تولد من عنصرين هما الرغبة والاقتناع، وتحتاج للتدريب، كما لو كانت عضلة تقريبا". وتبين أننا نولد بهذه القوة داخلنا، وما ينقصنا هو "إيقاظها كي نكون نحن أنفسنا، ولنحقق أحلامنا ونتخذ القرارات التي تقاومنا". وتتابع قائلة إن "التصميم على أن نكون نحن أنفسنا ونحن نعيش في مجتمع ونشعر بأنفسنا مكتملين بما نقوم به، أمر في أيدينا". وتقدم خيريكو، مؤلفة كتاب "وإذا كنت تستطيع حقا؟"، ست نصائح أساسية من أجل إيقاظ هذه القوة الداخلية، كما يقول معلمو الجيدي (منظمة رهبانية وروحانية خيالية تظهر في سلسلة أفلام حرب النجوم): "فلتصاحبنا القوة". قل وداعا للمنافع الخفية: تقول الخبيرة في مقابلة مع (إفي) إن "كل ما نفعله، حتى الشكوى أو الخوف، يساهم بمنفعة خفية، رغم اننا لا ننتبه لذلك"، مضيفة أن شعورنا بالأسف أو استمرارنا في عمل أو علاقة أو وضع محدد رغم عدم شعورنا بالرضا، ما هو إلا مثال على هذا النهج النفسي. وتردف: "الشكوى لها عدة منافع خفية، مثل الشعور بأننا جزء في مجموعة (حتى لو كانت مجموعة الشاكين)، والإحساس بالمسئولية عن أشخاص آخرين أو عمن هم في وضعنا بدلا عن أنفسنا، ولفت انتباه الآخرين، وكل هذا يوقفنا ويعطلنا ويلغي تصميمنا". وتضيف: "نحتاج في البداية أن نحدد الفوائد الخفية كي نستغنى عنها عبر سؤال: فيم ينفعني هذا الوضع؟ وإلى أي حد مستعد للتضحية للبقاء على حالي؟"، داعية إيانا إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا عند الإجابة على هذين السؤالين. حدد ما لا ترغب فيه: تقول المتخصصة إننا كثيرا لا نعلم ما نريده، ومن ثم تكون الخطوة الأولى هي تحديد، على الأقل، ما لا نريده. حين لا يتضح لدى المرء الميل أو الحلم الذي يسعى وراءه، فإن التفكير مرارا في الأمر ليس دائما ذا جدوي، وعلى هذا يمكن اتباع تقنية جيدة عبر الالتفات إلى الإشارات غير المباشرة الصادرة عن جسده. وتوضح مثلها بشكل أكبر قائلة: "ماذا يقول لك جسدك حين تذهب إلى العمل في ذلك المكان أو عندما يكون عليك القيام بمشروعات محددة؟ هل لديك عادات غير صحية بسبب التوتر؟ متي تتعرض لها؟ الاستماع إلى جسدنا يساعدنا في معرفة ما يدور، حتى لو كنا غير واعين له". ومن ناحية أخرى، حين يعلم الشخص ما يريده أو يكون لديه مؤشرات عليه، تقترح خيريكو مداعبة هذه الفكرة، منحيا الخوف والراحة والدعة جانبا، وليسأل نفسه "هل سأندم إذا لم أقم بذلك؟". امنح صيغة لرغبتك: تؤكد الخبيرة أن ما نريده نادرا ما سنتمكن من التعرف عليه ونحن محبسون في المنازل للتفكير فيه مرارا وتكرارا، وعليه "نحتاج للتجربة حتى لو كانت عبر محاكاة بسيطة". ومن هذ المنطلق تنصحنا ب"رمي النرد"، أي "إطلاق مختلف الخيارات، وتجربتها في الواقع لنرى ما سيحدث". على سبيل المثال "إذا كنت لا أعلم هل أريد أن أصبح رجل أعمال أم لا، سأتفاعل مع من يعلمون بهذا المجال، وإذا كنت غير متأكد من أن العيش في هذه المدينة سيروق لي، سأقضي بضعة أيام بها كما لو كنت من سكانها". وتضيف: "حين نجرب مختلف البدائل ونترك أنفسنا نسير وراء الحدس والبداهة، ستكون الخطوة التالية تحديد أي من الخيارات يمثل الورقة الرابحة". صغ استراتجيتك الخاصة: بمجرد معرفتنا بما نريده، نحتاج للانتقال إلى الخطوة التالية وهي الفعل، ولذا تنصح خيريكو ب"وضع خطة وإيجاد الغاية لقيامنا بما نقوم به (بعيدا عن السبب)، وخلق بديل لمواجهة أسوأ المواقف الممكنة، في حال حدوثه". "وبهذه الطريقة سننزع الخوف عن الخوف". ابحث عن الموارد أسفل الأحجار: تقول خبيرة تنمية الموهبة والريادة: "من أجل تحقيق هدفك، قم بتبسيط الأمور. افرغ الخزائن الجسدية أو الذهينة أو النفسية. لا تفتح الكثير من الجبهات وركز على المهم، على ما تود الوصول إليه". كما تقترح تحديد المكآفاة التي ستقدمها لنفسك: "إذا قمت بخطوات صغيرة، كيف ستكافئ نفسك على تحقيقها؟ لا يجب الانتظار حتى النهاية للحصول على مكافأة". المثابرة والمثابرة والمزيد من المثابرة: تؤكد خيريكو أن غزو أي حلم يتطلب التشبث والمثابرة والاستمرارية "ومن ثم ينبغي تحديد العادات الجديدة الواجب علينا ضمها إلى روتيننا اليومي، حتى نصل لتطبيق هذه العادات بشكل غير واع". كما تشدد على أمر مهم: "لا تقود وأنت تنظر فقط في مرآة الرؤية الخلفية. لا تأسف على ما كان من الممكن أن تفعله ولكنك لم تفعله، واستمتع بما تقوم به في هذه اللحظة بالذات، لأن الحياة أقصر من أن تهدرها في قضاء وقت سيئ". وكتدريب على إيقاظ التصميم داخلنا، تقترح المتخصصة عملة مراجعة لحياتنا وتذكر الوقت الذي كان لدينا فيه تصميم قوي، لنسأل أنفسنا: ماذا حدث؟ ما العناصر التي وجدت وقتها؟ أي من هذه الخيارات الثلاثة هو الأكثر تحفيزا لي: الحلم أم عبارة (لقد وصلنا حتى هنا) أم (لأنه لم يكن أمامي خيار آخر؟).