موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريسوني: توظيف الصوفية في السياسة مغامرة قد تقود إلى تصوف معارض للدولة
الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح للمساء : سياسة وزارة الأوقاف «تقتل» دور العلماء وهذا خطر على الشأن الديني
نشر في المساء يوم 30 - 10 - 2011

حذر أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، والخبير الأول بمجمع الفقه الإسلامي بجدة، من عملية توظيف وتسخير العلماء
في معارك لا علاقة لها بوظيفتهم. وقال الريسوني في هذا الحوار مع «المساء» بهذا الخصوص «إن أخطر شيء هو أن سياسة وزارة الأوقاف ترمي إلى قتل دور العلماء ووظيفتهم وتحويلهم إلى مجرد وعاظ على نمط موحد، والنمط الموحد هو عقلية الوزارة ومسؤوليها». كما وصف الريسوني «تحالف الثمانية» ب«أحزاب الإدارة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذا التحالف «لا يعدو أن يكون تجميعا لأبناء الإدارة وأتباعها وخدامها ومرتزقتها في موسم الانتخابات، لا أقل ولا أكثر».
هاجمت، في رسالة شديدة اللهجة، حزب العدالة والتنمية وبعض برلمانييه، الذين دأبوا على الترشح مرات عديدة في الانتخابات. ما هو سياق هذه الرسالة؟ وماذا كنت تريد أن تقصد بها؟
كما ذكرت في تلك الرسالة، فكرة تحديد الولايات البرلمانية لمرشحي حزب العدالة والتنمية نوقشت خارج المؤسسات بين بعض الأفراد بصفة أولية، وكنت منهم، وكانت الفكرة مقبولة من حيث المبدأ، ولم يعارضها أحد لأننا اعتمدنا هذه الفكرة في مؤسسات الحركة (يقصد حركة التوحيد والإصلاح) ومؤسسات حزب العدالة والتنمية. كانت الفكرة مقبولة مبدئيا، لذلك لم يجادل فيها أحد وإنما كان الاعتراض على أن تجربة حزب العدالة والتنمية البرلمانية ما تزال في البداية، لذلك ارتأينا الانتظار حتى توجد عندنا بعض التراكمات في التجارب، وعدد وفير من الإخوة أصحاب التجربة، سواء في تدبير شؤون الحزب أو البرلمان نفسه، حيث يكون عندنا من نختار ومن يبقى وكذا أصحاب الولاية الواحدة ليعاودوا الترشح.
كان هذا هو النقاش الذي جرى بيننا في منتصف التسعينيات، وبعد ذلك سافرت أنا وبقيت الفكرة تدور بين الإخوة في الحزب، وفي هذه المرة، كما تابعت عن بعد، نوقشت الفكرة في لجنة مختصة داخل الحزب، لجنة تنظيمية مسطرية، واعتمدتها وأوصت بتبنيها، لكن الفكرة لم تقبل في الأمانة العامة. هذا هو السياق الذي جعلني أعود إلى طرح الفكرة.
ومن هم الأشخاص في الأمانة العامة الذين اعترضوا على هذا المقترح؟
بصراحة لم أحضر ولم تنقل لي تفاصيل النقاش، لكن عرفت النتيجة. لا أعرف، الآن بالضبط، النقاش الذي دار ومن عارض الفكرة ومن أيدها، لكن الظاهر أن التصويت بالأغلبية، بدون شك، كان هو عدم قبول الفكرة، ولست أدري إن تم عدم قبولها مطلقا عند من رفضوها، أو مؤقتا إلى حين.
هل تشبث الحزب بعدم حصر الولايات البرلمانية في ولايتين راجع، في نظرك، إلى الرغبة في الحفاظ على مكاسب شخصية وجماعية معينة؟ أم هو تعلق بالكراسي كما ذكرت في الرسالة؟
أعتقد أن هذه الأسباب كلها موجودة ومتداخلة. هناك طموحات وتطلعات نفسية لبعض الأشخاص، وهذا معروف وطبيعي عند جميع الناس، لكن البعض يتحكم فيه والبعض يتأثر به، وهناك ثقافة -وهذا هو المشكل أيضا- سائدة، ليس عند العدالة والتنمية، بل عند غيره بدرجة أشد، فمثلا هذا المساء اتصل بي شخصان يسألان: هل يمكن لفلان أن يتقدم عليه أحد؟ وهل يمكن للدائرة الفلانية أن تكون بدون فلان؟ فقلت لهما: إذا كانت الدائرة الفلانية لا يصلح للترشح فيها إلا فلان فليخسف بها، هذه لا تصلح للبقاء في الحياة. حزب في دائرة معينة له مئات الأعضاء وعشرات الأطر الجيدة والجامعية، وله تجربة حزبية دامت عقدا ونصفا، ثم يقال لي إن فلانا الذي ترشح مرتين تقرر ترشيحه للمرة الثالثة بحجة أنه ليس هناك غيره!.
هذه الثقافة أحاربها منذ زمن طويل جدا. أنا لما كنت مسؤولا في الحركة في مدينة مكناس، وتركتها، وقبلها عندما غادرت مدينة القصر التي بدأت فيها، كان يقال، واستمر هذا القول سنين: لما غادرت القصر الكبير يا فلان ماتت الدعوة وجمعيتنا ماتت. كذلك لما غادرت مكناس قالوا إن الحركة دخلت في احتضار. وكان هذا يقع أيضا مع أفراد آخرين كانوا كلما انتقلوا أو أُعفوا يتشاءم الناس ويقولون: هذه نهاية العمل وهذه كارثة. إذن هذه ثقافة، أن يتصور الناس أن بلدا أو وزارة أو حزبا أو غيره، إذا غاب فلان وقعت الكارثة. هذا التفكير نفسه هو الكارثة، لأن هؤلاء الذين أصبحوا بارزين وزعماء ومرشحين وبرلمانيين ناجحين، قبل سنوات لم يكونوا شيئا مذكورا.
لكن البعض يعتبر أن هؤلاء البرلمانيين الذين يترشحون مرات عديدة لديهم تجربة. كما أن الحزب بحاجة إلى مقاعد، ولا يمكن المغامرة في دوائر عبر إسنادها لشباب ليست لديهم تجربة.
أولا، أصبح الناخب المغربي الآن على درجة من الوعي، ويعرف أن هذا مرشح العدالة والتنمية. ثانيا، حينما يتحرك ناس معينون في الدائرة مع المرشح، يصوت الناخب على هؤلاء الذين تحركوا وشاركوا في الحملة الانتخابية وساندوا وأيدوا. إذ يثق فيهم جميعا ولا يثق فقط في ذلك المرشح. لقد تضاءلت مسألة الترشيح والتصويت لأجل الفرد مع تزايد الوعي والتجربة، فهناك ناس كثيرون يصوتون لحزب العدالة والتنمية، وهناك ناس كثيرون يصوتون بسبب المساندين الذين سيرونهم، وهناك أناس أيضا يقدرون المرشح نفسه، لكننا أيضا حينما نقدم الأشخاص لا بد أن نقدم أشخاصا ذوي كفاءة وأهلية وذوي قدرات واعدة. وقد اقترحت أنه حتى من رشحوا لدورتين يمكن أن يرشحوا لدورة ثالثة، لكن بمسطرة استثنائية ضيقة، إذ اقترحت على بعض الإخوة الذين زاروني أنه خلال ترشيح شخص لولاية ثالثة يشترط اختياره وتزكيته محليا، وأن تطلب الأمانة العامة ترشيحه بنسبة الثلثين.
هل تعتقد أن حزب العدالة والتنمية يمكنه الفوز في الانتخابات المقبلة؟
بدون شك، وبكل موضوعية، حزب العدالة والتنمية هو أقوى الأحزاب وأكثرها تماسكا وشعبية. هذا أمر لا يقبل الجدل، وأقول ذلك بتجرد تام. أنا في هذه الأمور لا أكون منحازا. لو قمت باستطلاع النخبة والصحافيين أو السياسيين أو الشعب ستدرك أن الحقيقة هي التي ذكرت لك.
على ذكر الشعب، كان هناك استياء لفئة من الشعب، هي حركة 20 فبراير، التي ناهضها توجه داخل الحزب. هل سيضعف هذا الأمر شعبية الحزب؟
أن توجد فئة تنتقد حزب العدالة والتنمية وفئة تكرهه وفئة تود استئصاله وإبادته... كل هذا موجود، وكله سيؤثر، لذلك لن يصوت الناس على العدالة والتنمية بنسبة 100 في المائة، إذ أقصى ما يُتصور أن يصوتوا عليه هو نسبة 30 في المائة مثلا. إذن 70 في المائة ليست معنية، ومع ذلك نقول إن الأمور نسبية، والعدالة والتنمية، بالقياس مع الأحزاب الموجودة، التي ستشارك، وحتى التي ستقاطع، هو الحزب الأقوى والأكثر شعبية. لكن هذا لا ينفي أن هذا الحزب ليست له أخطاؤه، سواء بالنسبة إلى هذه المسألة التي أنتقدها (يقصد تكرار الترشح) أو غيرها.
لكن هل الحزب قادر على قيادة الحكومة، علما أنه ليست لديه تجربة سابقة في العمل الحكومي؟
هذا يعني أننا سنعود إلى حكاية التجربة، وأن أصحاب التجربة يبقون، وهذا يعني أيضا أن على القذافي أن يبقى لأن هؤلاء القادمين من مختلف أنحاء العالم، الذين شكلوا المجلس الانتقالي، ليست لديهم كلهم تجربة: وزير الإعلام كان صحافيا منفيا في واشنطن، ووزير الأوقاف كان أستاذا في قطر... هذا المنطق يقتضي أن يبقى القذافي أو ينتقل الأمر إلى ولده أو إلى أقرب معاونيه. سنبقى دائما من خلال هذا المنظور أسرى لحكاية أو خرافة التجربة.
الشعوب معطاءة، الشعوب ودود ولود مليئة بالطاقات، فأحيانا نريد المخلص وأحيانا نريد صاحب الحماس والعزم، فالذين يمكن أن يتقدموا للبرلمان أو الحكومة لا يعني أنهم بدون تجربة، فهم أصحاب شهادات أو دكاترة، ولهم تجربة طويلة. ربما لم يتكلفوا بوزارة بعينها من قبل، لكن الوزراء دائما يكونون جددا، يتولون رئاسة الحكومة أو وزارات ويقدمون نجاحات كبيرة في مختلف المسؤوليات، ثم إن هذا حزب وليس فردا، إذ ستكون له هيئات وبرنامج واضح سيأتي من ينفذه.
قياديون في العدالة والتنمية يقولون إن الحزب مستهدف، كما تأسس مؤخرا تحالف «جي 8»، الذي قيل إنه يهدف إلى عزل الحزب. في ظل هذا المناخ السياسي، مع من سيقود الحزب الحكومة المقبلة؟
هذا الاستهداف الخارجي صحيح. كل ما ذكرتَه صحيح، بل أكثر من ذلك.. الحزب مستهدف أكثر مما تقول، وكما قال الله تعالى: «بل مكر الليل والنهار». حزب العدالة والتنمية يواجه مكر الليل والنهار، ما ظهر منه وما بطن. هذا كله صحيح وكثير منه معروف وما خفي أعظم، لكن العدالة والتنمية الآن هو بالدرجة الأولى حزب مبادئ، فأن يعارضه الآخرون ويرفضوه أو يتآمروا لإقصائه... هذه مسؤوليتهم، فالحزب يكافح بدون شك ليبقى صامدا، وإلا كان اتخذ قرارا سهلا: أن يقاطع الانتخابات، لكنه لم يفعل وظل صامدا منذ زمن طويل، رغم أنه مرت عليه سنوات حالكة، أشد حلكة من الآن. مع ذلك هناك اليوم انفراج كبير جدا لم يشهده الحزب ولم يتمتع به من قبل. إذ رغم أن المؤامرات ما تزال مستمرة، والإقصاء ما يزال مستمرا، والتحالفات ضده أيضا مستمرة، فإن الحزب لم يعش انفراجا ولا وضعا مريحا كما يعيشه اليوم. لقد مضت تلك الظروف الحالكة جدا وضمد الحزب جراحه، هذا لا بد أن نشهد به. والحزب الآن يواصل نضاله في الميدان، يعرض نفسه وخدمته ومساهمته في النهوض بالبلاد وإشراك قطاع واسع من أبناء البلد الأكفاء المخلصين، وإذا ظل البعض يرفض هذا الحزب فهذه مسؤولية من يرفضون، وهم الذين سيتحملون التبعات.
ما تعليقك على التحالف الذي تشكل مؤخرا من ثمانية أحزاب؟
حتى لو ضم هذا التحالف 20 حزبا، وربما سيصل إلى 20، فلن يكون شيئا بدون شك.إنه عبارة عن شيء واحد هو أحزاب الإدارة وأحزاب السلطة. والإدارة تجمع أبناءها وأتباعها وخدامها ومرتزقتها في الوقت المناسب، أي في موسم الانتخابات، لا أقل ولا أكثر. وهناك جهات تتكتل لمصالحها ولمنافعها، وبصفة خاصة لإبقاء حزب العدالة والتنمية على الهامش. هذه هي حقيقة ما سمي بالأحزاب الثمانية، وغدا ستسمع أنها أكثر، لكن هذا لا يغير شيئا. إنه حزب واحد يتشكل بأسماء متعددة.
لكن ضمن هذا التحالف هناك حزب إسلامي هو النهضة والفضيلة، الذي يضم فقيها هو عبد الباري الزمزمي، وهو أحد المقربين من العدالة والتنمية. كيف تفسر هذا الأمر؟
الحقيقة أنا أعرف قصة حزب النهضة والفضيلة تمام المعرفة. هذا الحزب يمكن تسميته بحزب محمد الخاليدي لا أقل ولا أكثر، والزمزمي لا علاقة له بهذا الحزب ولا يؤمن به ولا يربطه به شيء، وكذلك الفيزازي لو ترشح باسمه، لأنهما معا يبحثان عن مسلك يضمنان به الترشح القانوني. عبد الباري الزمزمي كان يريد أن يترشح مع العدالة والتنمية، وجاءني شخصيا لأساعده في الموضوع في وقت سابق، فأقنعته بألا يترشح، وقد خرج مقتنعا، حسبما أعتقد، لكنه بعد ذلك ترشح باسم النهضة والفضيلة. الشيخ الزمزمي والشيخ الفيزازي لا علاقة لفكرهما وعقليتهما بهذا الحزب. كما أن هذا الحزب لا علاقة له بهما لأنه فقط يريد أن يبحث عن شخصيات تقوي اسمه وحضوره، والشيخان معا يريدان ممرا قانونيا للترشح لأن المستقلين مُنعوا في المغرب، وهذا ظلم للشعب وليس للمستقلين. النهضة والفضيلة ليس حزبا حقيقة ولا إسلاميا حقيقة، وإنما الخاليدي كانت له مشاكل داخل حزب العدالة والتنمية، ولما علم أنه لن يرشح لاحقا، لأنه رُشح بصفة استثنائية خدمة له وتلبية لرغبة الدكتور الخطيب رحمه الله، أسس هذا الحزب بكل بساطة.
هذا يعني أن الزمزمي والفيزازي تم اقتيادهما إلى تحالف «جي 8»؟
لا، هما يبحثان عن ترشح شخصي. لذلك إذا سألت عبد الباري الزمزمي الآن كم مرة اجتمع بالحزب منذ ترشح باسمه؟ وأية هيئة من هيئاته انخرط فيها؟ وأية مسؤولية تحملها؟ ستجد أن لا علاقة له بذلك الحزب سوى أنه أخذ ورقة موقعة ووضعها في ملف ترشيحه. هذا هو الرابط الوحيد، الذي يربط الزمزمي بحزب النهضة والفضيلة، وكذلك الشأن بالنسبة إلى الشيخ الفيزازي لو ترشح باسم هذا الحزب.
يلاحظ ظهور بارز للتيار الإسلامي حاليا في المغرب ورغبته في ولوج السياسة. ما تفسيرك لهذا البروز المفاجئ؟
أعتبر هذا نضجا. أنا شخصيا لو كنت سألتني، في وقت بعيد جدا، عن الانتخابات كنت سأقول لك: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم». لكن مع التجربة والنضج والنظر بدأت أؤمن بالانتخابات والديمقراطية وبالعمل بهذه الوسائل والاشتغال في الجمعيات. هناك نضج عام، خلال السنوات الأخيرة، في التيار السلفي، في العالم كله. الآن في مصر أسس السلفيون أربعة أحزاب، وأصبحوا قوة حقيقية سيكون لها وزن في الانتخابات المقبلة. هذه القوة لم تكن من قبل، فالسلفيون كانوا إما أناسا منعزلين في دعوتهم وجلساتهم، وإما في السجون، أو ممن حملوا السلاح بصفة خاصة، لكن الآن هناك إقبال من قبل السلفيين. هناك تطور عالمي وضمنه تطور محلي، ولا شك أن التطورات، التي يشهدها العالم العربي مؤخرا، والتي أثبتت جدوى العمل الجماهيري والسياسي القانوني والنضال السلمي، كان لها تأثير، وأنا ذكرت في مناسبة قريبة أن هذه الثورات السلمية الشعبية أحدثت زلزالا في الحركات الإسلامية والعقلية الإسلامية، وحتى لدى الفقهاء أيضا.
هناك من تحدث عن توظيف الدولة للتيار الإسلامي في معاركها. وهنا أذكر مثالين، أولهما نزول الزاوية البودشيشية بقوة للدعوة إلى التصويت لصالح الدستور، وتشجيع أئمة وخطباء المساجد المواطنين على المشاركة في الاستفتاء. كيف تقرأ هذه الأمور؟
للأسف، وزارة الأوقاف، رغم التحذيرات العديدة من عدد من الناس والناصحين، أقحمت المساجد وخطباء المساجد والزوايا في الصراع السياسي. هذا شيء سيء جدا، خاصة توظيف الطريقة البودشيشية، التي لم تعرف قط باهتمامها بالسياسة. لو كانت لها سوابق، وعبرت عن موقفها من الدستور نقول هذا من ذاك، لكن لم يكن لها أبدا تدخل ولا اهتمام بأي شيء سياسي، بل هي تعتز بكونها لا صلة لها بتاتا بالسياسة، فإذا بها تخرج وتتظاهر. هذا إقحام شاذ وسيء وفيه مغامرة، لأنه سيجر طرقا أخرى أو عددا من الناس في بعض الطرق إلى اتخاذ مواقف سياسية معاكسة ومتحررة. معنى هذا إذا استمرت وزارة الأوقاف في تسخير وتوظيف الطرق الصوفية والركوب عليها ستوجد، شعرت أو لم تشعر، التصوف المعارض والممانع للسياسة الدينية الرسمية للدولة. هذا سيوجد قريبا إذا استمر هذا التوظيف. وكذلك الأمر بالنسبة إلى المنابر. إصرار وزارة الأوقاف على التحكم في المنابر، خاصة في خطباء الجمعة، وإرغامهم على إلقاء خطب لا علاقة لهم بها، إذا تكرر واستمر، سيؤدي إلى ظهور خطباء يخطبون بأشياء أخرى مخالفة. أنا أقول لوزارة الأوقاف أن تبقي المساجد لما هو مجمع عليه ومحل وفاق، أما القضايا الخلافية، وخاصة السياسي منها، فتعالج في أماكنها وميادينها.
إذن أنت تدعو إلى فصل الدين عن السياسة. لكن ألا يتعارض هذا مع دعم حركة التوحيد والإصلاح لحزب العدالة والتنمية؟
حركة التوحيد والإصلاح تمثل نفسها وتدافع عن مواقفها واختياراتها، ولا تلزم أحدا بالمجيء إليها، بينما الناس ملزمون بالذهاب إلى المسجد. الناس ملزمون شرعا بأن ينصتوا إلى خطيب الجمعة، و«من لغا فلا جمعة له». لا تعترض، لا تقل لا لخطيب. خطيب الجمعة حينما يعتلي المنبر لا يمثل نفسه، وإذا كان له رأي خاص فلينزل من المنبر وليذهب إلى قاعة المحاضرات أو ليكتب مقالا أو ليؤلف كتابا ويدافع عن رأيه. أنا شخصيا لدي الكثير من الآراء الشخصية، لكن لو صعدت على المنبر سأتحدث عن الأمور التي لا خلاف فيها ولا غبار عليها وعن ثوابت الدين ومسلماته والقضايا المشتركة، وهي أهم شيء في الدين، فأنا لا أعارض أن يذهب خطيب الجمعة إلى أي حزب، أو أن يخوض في السياسة بدون حزب، أو يترشح مع حزب، لكني أدافع عن استقلالية المنبر وحياديته.
أما الطرق الصوفية، فأنا أحذر من إقحامها في السياسة، وقد سبق لي أن سئلت عن الطريقة البودشيشية فقلت إذا خرج مريدوها من تلقاء أنفسهم فلهم أن يؤيدوا الدستور كما للآخرين أن يعارضوه، لكن الذي أحذر منه هو التلاعب السلطوي من قبل أصحاب السلطة والمركز الوزاري والمالي الذي يحرك الطرق الصوفية. أنا أعرف أن هذا التحريك أثار سخطا لدى الصوفية أنفسهم، لذلك تنبأت بأنه إذا استمر هذا التوظيف سيظهر عندنا التصوف المعارض، وسيصبح التصوف مثل السلفية أيضا.
مؤخرا تم تفكيك مجموعة من الخلايا الإرهابية واعتقل مشتبه فيهم بالإرهاب، وراج أن خطر الإرهاب رجع. هل تعتقد أن ذلك دليل على فشل سياسة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في سياسة إعادة هيكلة الحقل الديني؟
ليس بالضرورة، لأن هذه أمور تتعلق بأفراد معزولين في النهاية. الآن فعلا نسمع عن خلايا يمكن أن نقول كثيرة، لكن في النهاية إذا رأينا الحصيلة السنوية سنجد أن 30 أو 40 فردا في السنة اعتقلوا. إذن وزارة الأوقاف لا تستطيع أن تؤطر عقليات المغاربة مائة بالمائة، فلو كانت جماهير المساجد كلها على هذا الشيء نقول نعم إن المساجد التي تحت إدارة وزارة الأوقاف، وخطباءها ووعاظها فشلوا. نحن لا ننسى اليوم أن الناس يتعاملون بالإنترنت والفضائيات والأقراص المدمجة. في عالم اليوم لا تخلو دولة من مثل هذا العدد القليل، سواء كانت إسلامية أو غربية، هذا له علاقة بالحركية العالمية في الحقيقة، وهذا جزء من العولمة، التي هي عولمة في كل شيء، في الدين والإرهاب والسياسة والاقتصاد والفن والجنس وكل شيء، لذلك لا أظن أننا في هذه النقطة بالذات نحتاج أن نلوم وزارة الأوقاف أو نصف سياستها بالفشل.
لكن ما هي مؤاخذاتك على السياسة الدينية لوزارة الأوقاف عموما؟
أهم شيء وأخطر شيء هو أن سياسة وزارة الأوقاف ترمي إلى قتل دور العلماء ووظيفتهم وتحويلهم إلى مجرد وعاظ على نمط موحد، والنمط الموحد هو عقلية الوزارة ومسؤوليها. الوزارة قتلت، وخصوصا في السنين الأخيرة، صوت العلماء. طبعا لا بد أن تنفلت الأمور ولا يمكن لهذا الواقع أن يستمر. الوزارة تعمل على أن تنزع من العلماء كل ذرة حرية أو مبادرة أو تفكير أو تعبير حر. هذه جريمة تاريخية وجريمة دينية، فالعلماء يجب أن يفكروا بحرية ويعبروا بمسؤولية. طبعا يمكنهم، كغيرهم من الناس، أن يخطئوا ويحاسبوا ويعاقبوا، لكن عليهم أن يعبروا ويؤيدوا ويعارضوا ويقترحوا ويخوضوا في الموضوعات الموجودة في الشرع، ولهم أن ينتموا، من شاء منهم، إلى أحزاب، ولا أحد يمنعهم من ذلك، لكن وزارة الأوقاف تريد تنميط الناس على نمط فاشل سلبي، خوفا من أن تملأ الفراغ تيارات الحركة الإسلامية، وهذا هو أخطر شيء على الشأن الديني الذي تديره وزارة الأوقاف.
لكن الشأن الديني، وشأن العلماء بدرجة أخص، لا تتكلف به وزارة الأوقاف مباشرة، فهناك المجلس العلمي الأعلى، الذي له تصور معين ووضع خاص، وهو الذي يحرص على ضبط الشأن الديني.
ما يسمى بالمجلس العلمي الأعلى هو صناعة وزارة الأوقاف. هذه مسألة معروفة، فوزارة الأوقاف هي التي صنعته وتصنعه، وهي التي تقترح الأشخاص وتقترح عزلهم، كما أنها هي التي تعين رؤساء المجالس العلمية وأعضاءها.
ما يزال الصحافي رشيد نيني معتقلا في سجن عكاشة. من خلال تتبعك لمسار القضية ما موقفك، كفقيه مغربي، من هذا الملف؟
أنا تحدثت مرارا، وفي قضية رشيد نيني، أو فيما يماثلها، وقلت إن هذه التصرفات متخلفة حتى عن الواقع الجديد، الذي دخله المغرب، على علاته. هذا تخلف شديد وخطأ فظيع. رشيد نيني كتب عليه أن يدفع الثمن عنا جميعا وعن كثير من الصحافيين، وقد قرأت تصريحه الذي قال فيه «أرجو أن أكون آخر صحافي يحاكم بالقانون الجنائي». القانون الجنائي وضع للمجرمين، وقانون الصحافة فيه عقوبات وحتى السجن، لكن لا يسمى الذي يحاكم به مجرما، وإنما هو نوع من الردع لصاحب الرأي الجريء والكلمة الصريحة، لكن أن يوضع الصحافي مع القتلة واللصوص والمزورين وخونة الأمانات، في قانون واحد وفي فصول واحدة، هذا في حد ذاته مجرد تكييف للمسألة، وهذا الاعتقال جريمة وشطط كبير في استعمال السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.