تحتفل الطبقة العاملة هذه السنة في ظل ظروف خاصة، وبدل أن يكون هذا اليوم يوما للاحتفال، أصبح يوما للاحتجاج، على السياسات الحكومية، التي اختارت أن تكون في الصف المناقض للطبقة العاملة، التي تعرضت لأكبر هجمة في تاريخها حيث أغلقت العديد من المعامل والشركات أبوابها بفعل الإجراءات الضريبية مما نتج عنه تشريد آلاف العمال، كما أن الحكومة تستهدف القدرة الشرائية لهذه الفئات فالزيادات في الأسعار لم توازيها زيادة في الرواتب كما وعد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة. ويتميز الاحتفال هذه السنة بإغلاق باب الحوار الاجتماعي بين أطرافه الثلاثة، الحكومة والباطرونا والنقابات، وذلك من قبل الحكومة، التي فضلت أن تُصدر مجموعة من القوانين في غياب المعنيين بالأمر. وعلى غير العادة يتم الاحتفال هذه السنة بفاتح ماي في ظل عدم انعقاد جولة الحوار الاجتماعي التي تسبق عيد الشغل والتي تكون مناسبة لتلطيف الاجواء وتليين المواقف أو لاتخاذ قرار يكون بمثابة هدية للأجراء. ويكتسي تخليد فاتح ماي لهذه السنة طابعا خاصا من أبرز عناوينه قرار الاتحاد المغربي للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل مقاطعة احتفالات هذه السنة في خطوة تعكس حدة التوتر بين المركزيات النقابية والحكومة. وقد أبرزت المركزيات النقابية التي قررت مقاطعة احتفالات فاتح ماي أنها اتخذت هذه الخطوة التي وصفتها ب"التاريخية وغير المسبوقة في تاريخ الحركة النقابية المغربية"، "احتجاجا وإدانة للسلوك السياسي (...) للحكومة، المتجاهل لمطالب الطبقة العاملة المغربية ولنداءات الحركة النقابية الهادفة إلى تجاوز الانحباس الاجتماعي والسياسي وفتح آفاق جديدة بالنسبة للمغرب". وأضافت هذه المركزيات، التي كانت قد ذكرت من خلال رسالة مشتركة بتاريخ 2 أبريل الجاري رئيس الحكومة بضرورة إنقاذ الحوار الاجتماعي عبر عقد جلسات التفاوض الجماعي في أقرب الآجال لتفادي الاحتقان الاجتماعي، أنها قررت أيضا أن تجعل من شهر ماي شهرا لخوض وإبداع عدد من الإشكال النضالية "دفاعا عن الحريات والحقوق العمالية، ودفاعا عن الكرامة، وردا على الاستهتار الحكومي بالحركة النقابية، وعلى تجاهلها الإرادي لصوت الطبقة العاملة". وأشارت هذه النقابات في بيان مشترك صدر أمس إلى أن هذا القرار يأتي بعد أن استنفذت "كل الخطوات والوسائل لحمل الحكومة على التعامل الجدي والمسؤول لفتح تفاوض جماعي ثلاثي التركيبة". واعتبرت أن أهم ما ميز التجربة الحكومية الحالية "تجاهل" مطالب النقابات بضرورة فتح مفاوضات جماعية، والتداول بشأن قضايا الطبقة العاملة والاستجابة لتطلعاتها في ما يخص الزيادة في الأجور والتخفيض من الضريبة على الدخل والالتزام بما تبقى من بنود اتفاق 26 أبريل 2011 وحماية الحريات النقابية وصون كل المكتسبات الاجتماعية للطبقة الشغيلة.