هذا الصباح، سنخصص الحديث للرد على المدعو "جيل أردينات" الذي اكتشف صداقة "هتلر" للمسلمين وعطفه عليهم، وكدليل على ما يفتريه عمد إلى نشر صورة مصاحبة لمقاله، يظهر فيها "أمين الحسيني" وهو في حوار مع "هتلر" سنة 1941 في برلين، وقال إن مفتي القدس كانت له عدة نقاط مشتركة مع قادة النازية، ومن ذلك كراهية الشيوعيين واليهود.. وهكذا.. ولتصحيح المفاهيم لكاتب فرنسي، اختلطت لديه الأمور في بلد فقد الدقة في اللغة، وقُلب فيه المنطق رأسا على عقب، نقول له إن تلك الصورة التي نشرتَها كدليل، هي موجودة في كافة الأشرطة الوثائقية، وليست اكتشافا فريدا كما أردتَ أن توهم القراء.. كان عليك أن تنشر صورة أخرى لبابا "بايوس II" عندما طار من روما سنة 1941 ليبارك هجوم "هتلر" على روسيا الشيوعية، إثر عملية "بارباروسة"، وقد كان "هتلر" صديقا للروس، ووقّع معهم معاهدة عدم الاعتداء سنة 1939، واهتز لها العالم بأسره، ولم يهتز لزيارة "أمين الحُسيْني" لبرلين، لأنه لا أثر لها في مجرى الأحداث.. يا جاهل، أو ربما يا كذاب ومفتري؛ أنت لم تقرأ كتاب "هتلر" "كفاحي" وهو ينتقص من قدر المسلمين، ولا يفرق بينهم وبين اليهود، (اُنظر الفصل الخاص باليهود)، حسبتُك تدري.. إن "هتلر" كان سياسيا حاذقا إلى درجة أنه لم يمسّ الصهاينة بسوء، وكان من بينهم من كانوا يشرفون على معسكرات الاعتقال، وقد سأل النازيون "شامير" عن سر مطالبته بمُسالمة الصهاينة فأجابهم بالقول: "إن للصهيونية نفس مبادئ النازية"؛ وقد وظفت الصهيونية مأساة اليهود واستغلتها في إقامة دولة إسرائيل كوطن للصهاينة؛ وهو ما يفعله الآن "نتانياهو" الذي استغل أحداث "هيبّير كاشير" ليهيب باليهود الفرنسيين للهجرة إلى إسرائيل، وكأن التاريخ يعيد نفسه.. وهكذا، كان الحلفاء يبحثون عن "شامير" تماما كما كانوا يبحثون عن "أمين الحسيني"، مع العلم أن "أمين الحسيني" لم يكن إرهابيا ولا مجرما كما كان "شامير" الذي قتل "الكونت بيرنادوت" في القدس سنة 1948 وكان مبعوثا خاصا للأمم المتحدة، وينتمي للأسرة المالكة في السويد؛ وهو ما يبرر سياسة السويد تجاه إسرائيل إلى يومنا هذا.. بإمكانكم الضحك على السذج، ولكن هيهات أن تضحكوا على المطّلعين. إن المسلمين أبلوا البلاء الحسن في محاربة النازية، فيما فرنسيون من بني جلدتك، حاربوا إلى جانب النازيين وقد سُمّي جيشهم ب: (L-V-F) أي (فيلق المتطوعين الفرنسيين) وقد فضلوا الموت في برلين سنة 1945 بدل الاستسلام.. فلا تُحمِّل المسلمين وزرًا، هم منه براء، ولكن حَدِّد المسؤولية، واذكُر بالأحداث والمسؤولين الحقيقيين من فرنسيين اشتراكيين، وقّعوا في "ميونيخ" على تسليم تشيكوسلوفاكيا لهتلر على طبق من ذهب، أم أنا مخطئ؟ ألم يكن الاشتراكي المتعصب "دالاديي" حاضرا في مؤتمر ميونيخ سنة 1938، وكان رئيسا لوزراء بلدك آنذاك؟ مَن كان السبب في احتلال "هتلر" لوطنك فرنسا غير الصهيوني الفرنسي "كليمونصو" وزير الخارجية، وهو الذي وزع ألمانيا كقطعة لحم في "فيرساي" أمام استياء الرئيس الأمريكي "ويلسون"؟ وبعد بضع سنين، أحست فرنسا بالذنب، قبل وصول النازيين للحكم؛ فقام وزير الدفاع الفرنسي "ماجينو" ببناء خط "ماجينو" تحسبا لهجوم ألماني محتمل سنة 1928.. ولكن سنة 1940 أدت فرنسا ثمن سياسة "كليمونصو" السَّبُوعية.. ألا تخجل من نفسك يا مسيو "جيل"، وأنت تتهم المسلمين بمصادقة "هتلر"! هل المسلمون هم الذين ارتكبوا مجزرة مدينة "ليون"؟ إنهم الفرنسيون بنو جلدتك.. هل المسلمون هم الذين كانوا يملؤون عربات القطار الخاصة بالدواب، باليهود والغجر، ويرسلونهم إلى معتقلات "أوشويتز، وموتوزين، وداشو" في ألمانيا؟ وما زال الغجر يعانون من العنصرية في فرنسا إلى يومنا هذا؛ أم أنا مخطئ؟! ففي الوقت الذي كان فيه "فرانكو" في إسبانيا، وهو حليف "هتلر" يضطهد اليهود، كان المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، يستقبلهم، ويؤمّنهم على حياتهم في المغرب؛ ومن كان منهم لا ينتمي للصهيونية، اعتُبر مغربيا من رعايا جلالة الملك كما تقول الوثائق التاريخية.. ثم رأيتك تتحدث عن مسلمي البلقان الذين كانوا بلا أوطان، وتغض الطرف عن كرواتيا التي كان رئيسها "بافليتش" حليفا لهتلر، حتى لإنه أهداه سيارة "ميرسديس" كعربون صداقة وعرفان؛ فماذا أهدى "الحُسيني" الذي لم يمثل الشعوب الإسلامية ولم يكن له أي دور أو تأثير على الإطلاق!؟