افتتحت اليوم الاثنين بمراكش أشغال المؤتمر ال`52 للاتحاد العالمي للقضاة, الذي تنظمه الودادية الحسنية للقضاة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى غاية 15 أكتوبر الجاري. وستتم في إطار هذا المؤتمر, الذي ينعقد لأول مرة بالمغرب, بمشاركة أزيد من 400 مشارك من 80 بلدا يمثلون الاتحادات الدولية والعربية والإفريقية للمحامين والموثقين وكتاب الضبط والمفوضين القضائيين, مناقشة عدة مواضيع تتناول "وسائل التشخيص وترتيب المعايير الموضوعية والشخصية لاستقلال القضاء" و"معالجة النزاعات التجارية والتعرض للمساطر المختلفة والمستجدة في هذا الميدان" و"التقاط المكالمات الهاتفية وأثرها على الحياة الشخصية وعلاقتها بقضايا الإرهاب" و"مشاكل التمييز في الشغل والمساواة بين الرجل والمرأة". وأكد وزير العدل السيد عبد الواحد الراضي, في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية, أن استقلال القاضي شرط أساسي لممارسة قضاء محايد في احترام تام للقانون, مضيفا أن استقلال القضاء يحتل صدارة المبادئ المنصوص عليها في النظام العالمي للقاضي المعتمد من طرف الاتحاد العالمي للقضاة. وأوضح أن هذا المؤتمر يعكس في الواقع أهمية دور القضاء في المجتمع المعاصر الذي يحترم حقوق الإنسان ويضمن ممارسة الحريات الفردية والجماعية, مبرزا أن القضاة يوجدون في صلب المواضيع التي من شأنها توطيد العدالة, باعتبارهم يعطون للعدالة معناها المطلوب في المجتمعات الديمقراطية. وأشار الوزير إلى أن هذا المؤتمر ينعقد والمغرب تنفذ ورشا كبيرا لإصلاح القضاء, وهو ما جسده الخطاب الملكي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب, والذي خصصه جلالته لموضوع الإصلاح الشامل والعميق للقضاء, مبرزا أن المغرب باعتباره بلدا ديمقراطيا, يتوفر على آليات متقدمة لضمان استقلال القضاء. ومن جانبه, أوضح الرئيس الأول للمجلس الأعلى مولاي الطيب الشرقاوي أن الألفية الثالثة, في ظل العمولة الاقتصادية والجريمة الدولية المنظمة والأزمات المالية, ستحث أسرة القضاء عبر العالم على بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأمن القانوني, متسائلا, في نفس السياق, عن مدى قدرة القوانين الجارية على فك هذه الإشكاليات. وبعد أن عبر عن اعتزازه لتنظيم هذا المؤتمر بالمغرب الذي يتناول مواضيع راهنة, والذي من شأنه تعزيز سبل التعاون بين القضاة رغم اختلاف أنظمتهم القانونية وإبراز توصيات ستفعل التشريعات الدولية, أكد السيد الشرقاوي أن طموح جميع القضاة هو الدفاع عن استقلالية القضاء وضمان احترام الحق والقانون وذكر السيد الشرقاوي, في هذا الإطار, بالخطاب الملكي السامي الذي أعلن فيه جلالتة الملك عن "خارطة طريق" لإصلاح القضاء والذي يتضمن ستة مجالات ذات أولوية تتمثل في دعم استقلال القضاء ومراجعة النظام الأساسي للقضاة وتحديث المنظومة القانونية وضمان شروط المحاكمة العادلة وتطوير الطرق البديلة لحل المنازعات وتأهيل الموارد البشرية وتخليق العدالة. أما رئيس الودادية الحسنية للقضاة السيد مصطفى فارس, فأوضح, من جهته, أن القضاء المغربي عرف تطورا هاما ساهم في ترسيخ الثقة في العدالة وتحفيز التنمية والاستثمار وضمان الحريات والاستقرار وذلك بفضل السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تحديث القضاء وعصرنته وتطويره لمواكبة المستجدات إلى جانب الاعتناء بالقضاة وظروف عملهم. وقال, من جهة أخرى, إنه في ظل التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم حاليا فإن من شأن تقوية الأجهزة القضائية الدولية وإعطائها حق المراقبة على الاقتصاد والمال ومواجهة التجاوزات والاختلالات, الحد من هذه الأزمات, داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة إعطاء القضاء الدولي دورا أكبر ليس فقط في ما يتعلق بالجانب الزجري بل ليشمل كذلك الجوانب المالية والاقتصادية والصحية والغذائية والبيئية. ومن جانبه, أكد الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى السيد مصطفى مداح على أهمية المواضيع التي ستتم مناقشتها خلال هذا المؤتمر, والتي أصبحت تفرض نفسها في هذا الظرف الراهن المطبوع بالعولمة والثورة الرقمية وبالنزاعات والصراعات الدولية والإقليمية. ومن جهته, نوه رئيس الاتحاد الدولي للقضاة السيد بينيتو جوزي ماريا بتنظيم هذا المؤتمر بالمغرب الذي يحتل مكانة هامة داخل الاتحاد, داعيا مجموع الجمعيات الوطنية للقضاة الى بذل المزيد من الجهود داخل هذا الاتحاد من أجل الدفاع عن استقلال القضاء الذي من شأنه تعزيز القيم الديموقراطية داخل كل مجتمع. ويهدف الاتحاد الدولي للقضاة, الذي أحدث سنة 1953 بسالسبورغ بالنمسا, وهو منظمة دولية مهنية غير سياسية تضم 73 جمعية وطنية أو تجمع تمثيلي للقضاة يمثلون القارات الخمس, إلى حماية وتعزيز استقلال القضاء باعتباره ضمانة أساسية لحقوق وحريات الأفراد.ويتكون الاتحاد من أربع تجمعات جهوية وهي الجمعية الاوروبية للقضاة (40 دولة) والمجموعة الايبيرية الأمريكية (15 دولة) والتجمع الإفريقي (13 دولة والمجموعة الآسيوية وأمريكا الشمالية ومنطقة الاوسيانيك (9 دولة), وتضم أربعة لجن دراسية تناقش قضايا العدل وقانون القضاة والحق والإجراء المدني والقانون والإجراء الجنائي والقانون العام والاجتماعي.