في حوار أجرته مجلة "جون أفريك" الفرنكفونية مع صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون، تم فيه التعرض لعدد من القضايا مثل التوتر بين الرباط وباريس، والنزاع المفتعل بالصحراء المغربية وبعض القضايا الأخرى. الحوار شكّل مناسبة لتوضيح الموقف المغربي خاصة بالنسبة لقضيته الوطنية الأولى. وفي هذا الصدد أكد مزوار الانخراط الكامل للمملكة، طيلة أربعين سنة من النزاع المفتعل، بإيجاد حل متفاوض حوله في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية. وقد وضع الخطاب الملكي ليوم 6 نونبر الأصبع على الداء بحديثه عن التجاوزات الكثيرة التي قام بها البعض داخل الأمانة العامة للأمم المتحدة بشكل يبعدها عن الحياد المطلوب إزاء القضايا الأساسية مثل طبيعة النزاع، والدور الأساسي للجزائر في النزاع أو المحاولات الدنيئة بمساواة دولة ذات سيادة بحركة انفصال، الشيء الذي كان لا بد من توضيحه من طرف المغرب مع التذكير بالمبادئ الأساسية للرباط والإلحاح على خيار الحكم الذاتي الموسع كوسيلة وحيدة لإنهاء المشكل. في نفس السياق، أبرز مزوار أن المغرب ضد أيّ خيار يفرض عليه خاصة أنه اختار الانخراط التام في مجال الحريات والديمقراطية إلى جانب رفضه لأيّ تدخّل خارجي وعلى وجه الخصوص أن المغرب يتوفر على آليات في مراقبة واحترام حقوق الإنسان. أما إذا تدخلت الأممالمتحدة، عبر بعثتها في العيون، في هذا الأمر، فإن ذلك يعني تدخلا في السيادة الوطنية. ومن هنا، فإن المغرب لم يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، سوى توضيح المقاييس في هذه العلاقة. فبمقدار ما أن الرباط لا ترفض المسلسل الأممي بمقدار ما تذكّر بالقواعد الأساسية وضرورة احترامها. وحين يتم التأكيد وإعادة هذا التوازن، فإنه بإمكان كريستوفر روس أو كيم بولدوك (المبعوث الأممي) استئناف عملهما، مع التنبيه هنا إلى أنه تم تعيين السيدة بولدوك بدون الاستشارة مع المغرب. وهذه سابقة مثيرة. وتساءل مزوار: إذا ألحت "المينورسو" على عدم الالتزام بالحياد والخروج عن هذا الإطار، فأي حل يمكن للدولة أن تتخذه في مثل هذه الحالة؟ بالنسبة لقضية مالي، أكد مزوار أن فرنسا تقوم بضغوط في هذا الموضوع، متسائلا في نفس الوقت عمّن يرى أن حل مشاكل الماليين لا يوجد في الجزائر ولا حتى في فرنسا. لقد ولّى زمن الوصاية، الحل لن يأتي إلا من الماليين أنفسهم بمساعدة منظمة "سيداو" التي عليها أن تعود لتكون الفاعل الأساسي في مفاوضات السلام وليس استبعادها. وفيما يتعلق بملف ليبيا، فلا شيء يوجد خارج حل الحوار السياسي. وعلى مختلف أطراف النزاع الجلوس حول مائدة المفاوضات، وليس هناك مخرج عسكري لهذا النزاع الداخلي. وسواء تعلق الأمر بليبيا أو بمالي، فإن الحل لا يمكن أن يأتي إلا من الشعبين المعنيين. بخصوص موقف الجزائرونيجيرياوجنوب إفريقيا، لم يتردد مزوار في توضيح الأمور حيث فضّل عدم وضع هذه الدول في "نفس السّلّة". فالجزائر عبّرت عن موقفها العدائي للمغرب بكل وضوح. وبالنسبة لجنوب إفريقيا، فإن الأمر يتعلق بحساسية مجموعة من المسؤولين أكثر منه موقفا سياسيا واعيا. وغير هذا، فإن جنوب إفريقيا مثل نيجيريا، شريكان للمغرب، وليس لهما توجهات أو قناعات وجودية مناهضة للمغرب بخلاف الجزائر. من هنا، فإن المغرب الذي قام بمبادرة تاريخية باقتراحه حكما ذاتيا في أقاليمه الجنوبية، قادر على مواجهة كافة الاحتمالات. فإما القبول بهذا الحل أو الاستمرار في هذا الوضع أربعين سنة أخرى. أما الحديث عن مبادرة الاتحاد الإفريقي للوساطة في النزاع، فإن اللجنة الإفريقية التي عينت الوسيط هي طرف في النزاع، وبالتالي فلا يمكن أن تدّعي الوساطة، ثم إن المغرب يعرف مسبقا مضمون تقريره. وفيما يتعلق بالعلاقات المغربية الفرنسية، ألح مزوار على أنه لا توجد لدى الشريك الفرنسي إرادة سياسية حقيقية للوقوف في وجه الضغوطات والابتزازات ضد المغرب صادرة من أوساط معروفة بعدائها ضده. كما أنه ليس طبيعيا فبالأحرى أن يكون ودّيا أن يضع أشخاص لهم سوابق قضائية، الشرطة والعدالة والإعلام في فرنسا في خدمتهم وتقديم أنفسهم ك"معارضين سياسيين"، وبالتالي القيام بمحاولات القبض على شخصيات رسمية مغربية. وهذا لن يقبله المغرب أبدا، سواء من فرنسا أو من أي بلد آخر. وليس أمام فرنسا من خيار سوى أن تفهم هذا إذا كانت تريد فعلا إعادة الثقة.