وأخيرا لم نفاجأ بعدما فقدنا أول أمس، نحن المغاربة، حلم متابعة مباريات منتخبنا الوطني وهو ينازل المنتخبات الإفريقية والدولية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010. فقدنا هذا الحلم وهذا الأمل بعد هزيمته أمام نظيره الغابوني بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد تم تسجيله في اللحظات الأخيرة بمشقة الأنفس وبمجهود فردي للاعب أبدى دون غيره روحا قتالية في اللعب. ففي هاته المقابلة الأخيرة ظهر منتخبنا الوطني على وجهه الحقيقي الباهت طبعا، وبدا أنه لا يمكن التعويل على مثل هذا الفريق لرفع راية الوطن خفاقة في الملتقيات الإفريقية والقارية، فأن يواجه المنتخب المغربي الذي كان يضرب له ألف حساب منتخبا إفريقيا متواضعا وينهزم أمامه بحصة ثقيلة، فهذا معناه انحطاط كرتنا الوطنية ووجود خلل ينبغي تصحيحه بإيجاد حلول عملية على المدى المتوسط والطويل لا حلول ترقيعية كتلك التي تقدم عليها الجامعة الوطنية لكرة القدم عقب كل هزيمة أو إقصاء من قبيل تغيير المدرب والمناداة على لاعبين محترفين جدد وغيرها من الحلول المؤقتة التي لم ولن تؤتي أكلها. فما وقع أول أمس بعد هزيمتنا أمام الغابون التي هزمتنا أيضا بعقر دارنا ففقدنا بذلك أمل التأهل لنهائيات كأس العالم وحظوظا كبيرة لنهائيات كأس إفريقيا، يستدعي وقفة تأمل ليس من طرف الناخب الوطني أو اللاعبين أنفسهم ولكن من طرف الجامعة الملكية لكرة القدم والحكومة التي يمثلها في هذا القطاع وزير الشباب والرياضة ومن لدن المجالس البلدية والجماعات المحلية أيضا وكافة الأطراف التي لها علاقة بهاته اللعبة الجماهيرية كالمستشهرين مثلا، أما وأن نغير المدرب بآخر ونقصي لاعبين ونستقدم آخرين فذلك ما يمكن اعتباره حلولا ترقيعية ليس من شأنها سوى تضميد الجرح وترك الدم ينزف. كرة القدم لعبة شعبية تتابعها الجماهير الشعبية بشكل كبير بقدر ما لا توليها النخبة أهمية تذكر رغم أنها تخدم مصالحها بشكل أو بآخر، لذلك ينبغي على المسئولين على القطاع الرياضي ببلادنا إيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها كرة القدم الوطنية وألا ينظروا إلى الأمور من فوق ويرسمون الحلول على الورق وداخل المكاتب، بل عليهم الإنصات أولا إلى نبض الشارع، إلى جمهور اللعبة الذي يبدو انه يفهم في اللعبة أكثر مما لا يريد استيعابه مسيروها والمشرفون على الفريق الوطني وباقي أندية البطولة. خلال لقاء أول أمس الذي أجراه منتخبنا الوطني أمام غريمه الغابوني تعمدت متابعة المقابلة بإحدى المقاهي الشعبية، وطوال أطوار اللقاء كانت عيناي على شاشة التلفاز فيما ظلت أذناي تلتقطان كلاما من هنا وكلاما من هناك، كلام ليس أي كلام ولكنه كلام جمهور عارف وذواق، جمهور يفهم في اللعبة ويعرف عنها الشيء الكثير، يعرف سبيل الفوز وسبب الهزيمة، جمهور قد يعرف عن المنتخب الوطني أكثر مما يعرفه المدرب، جمهور يعرف المكان الذي كان ينبغي أن يلعب فيه اللاعب الفلاني ويعرف اللاعب الذي كان ينبغي إقحامه في المقابلة واللاعب الذي كان بالإمكان الاستغناء عن خدماته وعدم إشراكه في المقابلة. وأنا بالمقهى الشعبي المذكور أنصت لتعليقات ذلك الجمهور الصغير، والتي كانت أحسن بكثير من تعليقات المعلق الرياضي والمحلل الذي كان يرافقه في التعليق على أشواط المقابلة، قلت مع نفسي لماذا لا يفعل مثل هذا القيمون على تسيير شأننا الرياضي لعلهم يعرفون عمق المشكل ويستلهمون حله الحقيقي والأنجع، فقد قالوا يوما إن الحكمة تؤخذ من أفواه المجانين وأنا أقول اليوم إن حل معضلة رياضتنا الوطنية وعلى الخصوص معضلة كرة القدم يأخذ من أفواه جماهير اللعبة، أقولها رغم إنني أعلم علم اليقين بأن الوزير المسؤول عن القطاع ورئيس الجامعة ومدرب الفريق يعرفون حق المعرفة مكمن الخلل وعمق المشكل وحل المشكل ويعرفون أن المنتخب الذي هزم بعقر داره سيعود حتما مهزوما من الخارج. نعم هؤلاء يعرفون ذلك كما يعرفون أو يسمعون عن حكاية الرجل الذي سقط بالشارع العام وحينما تم التحري عن سبب سقوطه قيل إنه خرج من عقر داره متمايلا، وبالتالي فسقطته كانت نتيجة طبيعية وحتمية. مصطفى قسيوي