تثير قضية ذبح الرهينة الفرنسي هيرفي غورديل بعد اختطافه واحتجازه كرهينة في منطقة القبايل، العديد من علامات الاستفهام حول ظروف وجوده بالمنطقة، والمرافقين الجزائريين الذين كانوا معه، وسقوطه في شباك عناصر تابعة ل"داعش" بالجزائر. ذهب غورديل، المهووس برياضة تسلّق الجبال، إلى القبايل لممارسة رياضته المفضّلة، رفقة خمسة جزائريين كانوا بصحبته إلى حين وجد نفسه أمام عناصر غريبة يوقفونه قبل القبض عليه واحتجازه قرب قرية آيت وابان في جبال تيزي وزو. اثنان من الجزائريين ينتميان ل"الأصنام". واحد منهما مهاجر. الثالث من "بشلول". الرابع شاب لا يتجاوز عمره 17 سنة من "لخدارية، وكلها مناطق تابعة ل"لبويرة"، والخامس من بوفارك التابعة ل"البليدة". أولى علامات الاستفهام تتعلق بالعلاقة بين المواطن الفرنسي غورديل ومرافقيه الجزائريين الخمسة المذكورين. كيف تمت العلاقة بينهم؟ هل تعرّف عليهم كمجموعة أم كأفراد، علما أن المرافقين الجزائريين ينتمي أغلبهم لنفس المنطقة؟ ثاني الأسئلة: لماذا أخلى الإرهابيون سبيل المرافقين الجزائريين الخمسة بمجرد وضع يدهم على الفرنسي غورديل؟ ما السبب الذي جعل الخاطفين يتركون المرافقين الجزائريين يعودون من حيث أتوا بدون إخضاعهم لتفتيش ولا معرفة هويتهم، وبالتالي لم يصادروا لا هواتفهم ولا العربة التي كانت تقلّهم؟ أكثر من هذا، كيف تم دفع الفرنسي واستدراجه إلى منطقة معروفة بخطورتها؟ إلى جانب هذا، لا بد من الإشارة إلى شيء هام جدا، يتمثل في أن عملية الخطف تمت في منطقة تتميز بوجود 30 في المئة من قوات الجيش الجزائري بالمنطقة المذكورة. والغريب في الأمر أنها المرة الأولى التي يتم فيها خطف مواطن أجنبي بالقبايل. أسئلة تفرض نفسها في بلد لم يمل النظام الحاكم فيه من ترديد أنه يشكّل القوة الوحيدة في المنطقة القادرة على التصدّي للإرهاب، الشيء الذي ينفيه ما قامت به عناصر تنتمي ل"داعش"، وجدت لها موطئ قدم في قلب الجزائر. ثم إن السياح هربوا من الجزائر منذ ظهور الإرهاب فيها سنة 1992، واتجهوا نحو المغرب حيث الأمن والاستقرار. والمثير للاستغراب أنه إذا كان الجنود الجزائريون قد عادوا إلى ثكناتهم بعد الحرب الأهلية، فإن الأمر لا ينطبق على منطقة القبايل التي ظلت تئن من الوجود العسكري الثقيل فيها. في هذا السياق يأتي تحذير ليزيد عبيد، أحد المسؤولين في الحكومة المؤقتة للقبايل، للمجموعة الدولية حول ما يجري في منطقة القبايل التي تعرف حضورا عسكريا لافتا، متسائلا في نفس الوقت: كيف يمكن تبرير هذا الحضور العسكري الجزائري فيها ولماذا تتم هذه الاختطافات فقط في القبايل؟ هل من أجل أن يقول النظام الجزائري للعالم إنه يحارب الإرهاب؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا هذا الوجود المثير للجماعات المسلحة بنفس المنطقة؟ ألا ينتمي أعضاؤها للمصالح الاستخباراتية الجزائرية؟ الملاحظ أن اختطاف المواطن الفرنسي في ولاية تيزي وزو، جاء في نفس المنطقة التي كانت، قبل بضعة شهور مسرحا لعملية إرهابية دموية استهدفت عربة عسكرية، أدت إلى مصرع 11 جنديا من الجيش الوطني الشعبي الجزائري خلال وصولهم إلى منطقة "لا كاريير" بجماعة إيبودرارن، بدائرة بني ينّي، على بعد ستين كلم من تيزي وزو. والملاحظة الأخرى أنه قبل أسبوعين على عملية خطف المواطن الفرنسي، تعرضت شاحنة تموين عسكرية جزائرية، بتيزي الجماعة، بجماعة أبي يوسف، لهجوم ذهب ضحيته جندي واحد وسقط آخر جريحا.