الخلافات التي طفت على السطح بين عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري، ومستشاره الخاص، عبد العزيز بلخادم، ليست مبدئية، ولكنها خلافات حول النفوذ بين تيارات داخل جبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم في الجزائر، وفي هذا السياق اتخذ بوتفليقة قرارا بالغ الأهمية أبعد بموجبه عن الحياة السياسية والحزبية مستشاره الخاص عبد العزيز بلخادم، الشخصية المرموقة التي لم تخف طموحها لخلافته. وتبقى جبهة التحرير هي الواجهة المدنية التي يمارس عليها العسكر صراعاته، والتي بواسطتها ينفذ أجندته السياسية، والصراع بين بوتفليقة وبلخادم هو مجرد تجل لهذا الصراع، ما دام بوتفليقة ليس سوى لعبة في يد الجيش، إذن فالذي أبعد بلخادم ليس بوتفليقة ولكنه الجيش. وقد أعلن عن إقصاء هذه الشخصية المرموقة مصدر في الرئاسة نقلت أقواله وكالة الأنباء الجزائرية، بينما كان الرئيس يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء. وفي وقت لم يكن بلخادم على علم بالموضوع. وقال المصدر إن بوتفليقة "أنهى بموجب مرسوم، مهام عبد العزيز بلخادم بصفته وزير دولة، ومستشارا خاصا لدى رئاسة الجمهورية". وأضاف المصدر أن "قرار إنهاء المهام يشمل كذلك كل أنشطة بلخادم ذات العلاقة مع هياكل الدولة". وأوضح المصدر أن بوتفليقة طلب من "الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني اتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حد لبلخادم داخل الحزب ومنعه من المشاركة في أي نشاط داخل الهياكل الحزبية". وتؤخذ على بلخادم مشاركته من دون موافقة الرئاسة في افتتاح الجامعة الصيفية لكوادر حزب جبهة التغيير الإسلامي في حضور شخصيات من المعارضة، وخصوصا علي بن فليس أبرز منافسي بوتفليقة إلى الانتخابات الرئاسية في أبريل، كما ذكرت صحيفة "الشروق" نقلا عن مصادر حكومية. ويذكر أن بلخادم تسلم في 2005 مقاليد جبهة التحرير الوطني بعد سقوط الأمين العام السابق ورئيس الوزراء السابق علي بن فليس، نتيجة خلاف بين أنصاره وأنصار الرئيس بوتفليقة الذين كانوا يتنازعون السيطرة على الحزب تمهيدا للانتخابات الرئاسية في 2004. لكن الخبراء بما يجري في قصر المرادية يعرفون أن الرئاسة ليست سوى عنوان يصله بريد الجيش، بما يعني أن البيانات تأتي مكتوبة ويقرأها مسؤولو الرئاسة وكذلك قرار الإعفاء لم يعلم به بوتفليقة وإنما تم إرساله مباشرة إلى وكالة الأنباء الجزائرية، وهو الذي سمته مصدر مسؤول بالرئاسة.