كان الرئيس التونسي منصف المرزوقي جرّيئا بما فيه الكفاية وهو يفنّد تفنيدا الإشاعات المغرضة التي بادرت وسارعت بعض وسائل الإعلام الجزائرية، التي تعمل تحت إمرة أجهزة النظام، بترويج أكاذيب بعد أن صدّقتها هي نفسها بمناسبة زيارة الملك محمد السادس لتونس. لا توجد إلا في أذهان أصحابها المرضى بعقدة اسمها المغرب. تحدث المرزوقي الجرّيء في برنامج للتلفزة التونسية "لمن يجرؤ فقط"، وهو يتساءل عن أصحاب هذه الإشاعات والهدف الذي يسعون إليه، ليؤكد في نفس الوقت أن هؤلاء أناس لا يحشمون، وأنهم يريدون فقط الإساءة لعلاقات بلده مع المغرب ولصورته. ولم يتردد الرئيس التونسي في توجيه الاتهام "لأطراف خارجية لا تملك ذرة من الحياء" وهي تقوم بزرع الشكوك والإساءة للعلاقات المغربية التونسية. المثير للشفقة أن الذين قاموا بتمرير افتراءاتهم اختاروا الموضوع المحبّب لديهم، موضوع الصحراء، الذي بواسطته يتاجرون ويبتزون، أملا في التشويش على النجاح اللاّفت للزيارة الملكية لتونس، وبالتالي إحداث الفتنة وزرع البلبلة في العلاقات بين البلدين. المثير للضحك في نفس الوقت أن الأطراف التي اعتادت الصيد في الماء العكر كما يقال لم تستطع أن تقدّم مقدار حبّة من خردل دليلا على مزاعمها. ومن له مصلحة في هذا التشويش وتلك المزاعم غير النظام الجزائري الذي أصبح موضوع الصحراء أولوية الأولويات في برنامجه وخططه؟ بل من اختلق هذا المشكل اختلاقا وينفق عليه من أموال الشعب الجزائري بسخاء نادر قلّ مثيله في الأوّلين والآخرين؟ نستحضر هنا التصريح الجرّيء للرئيس المرزوقي للتلفزة التونسية وهو يقول: كيف يمكن لأحد أن يعرف ما دار بيني وبين الملك محمد السادس خلال لقاءاتنا ومحادثاتنا لم يحضرها غير ولي العهد الأمير مولاي الحسن. هل كان لزاما على الرئيس المرزوقي أن يرد على ترهات تافهة تدل على المستوى الحقيقي لمن يروّجها؟ يكفي الاستقبال الرسمي والشعبي الذي خصصه التونسيون لملك المغرب. تكفي جودة العلاقات ومستوى اللقاءات التي توّجت بعشرات اتفاقيات التعاون الحقيقي التي تضمن ترسيخ عرى الروابط بين الدولتين والشعبين. مع ذلك، ألحّ الرئيس على تبليغ رسالته بكل وضوح وهو يتهم "الأطراف الخارجية التي تريد الإساءة للعلاقات الخارجية لبلده ولوضعها الداخلي باختلاقها هذه الشائعات". ويكفي أنه وصف تلك الأطراف بأنها لا تملك ذرة حياء وإلاّ ما كانت تتجرأ على إشاعة الافتراء والكذب على الأحياء. تلك عاداتها السيئة التي أصبحت مدمنة عليها ولم تجد لها شفاء بعد. الله يعفو. الرد البليغ والعاقل تمثّل في إعلان الرئيس المرزوقي اعتزازه بجولة الملك في شوارع تونس، حيث قال إن هذه الجولة الملكية كانت مفيدة ونافعة لصورة تونس واستقرارها، وأنها كانت رسالة هامة لكل من يهمه الأمر بأن البلد آمن. ومن دلائل الأمن أن الملك أنهى زيارته الرسمية ومدّد إقامته في تونس، وفضّل التجوّل فيها، مشيا على الأقدام، يتحدث مع الناس ويحيّيهم ويسمح لهم بالتقاط صور معه للذكرى، متحررا من جميع أشكال البروتوكول، والحراسة الأمنية اللصيقة. وبذلك يكون الملك قدّم، من خلال جولته الحرة، للتونسيين ما لم يقدمه أحد من الرؤساء الذين زاروها من قبل. وقد لا يسعف الزمن لغير محمد السادس أن يقوم بمثل ذلك فيما بعد. من يجرؤ على ذلك؟ سؤال طرحه الشعب التونسي بنفسه وهو يتحدث بإعجاب عن جولة محمد السادس في شوارع عاصمته المحروسة. برنامج تلفزيوني تونسي خاص "لمن يجرؤ فقط". فكان الرئيس المرزوقي جرّيئا وهو يضع النقط على الحروف. وكان الملك محمد السادس جرّيئا وهو في الشارع بين مواطني تونس. فمن يجرؤ على ذلك؟