كشفت التحريات حول خلية البتار الإرهابية، التي تم تفكيكها أخيرا من طرف مصالح الأمن بعد عملية رصد طويلة الأمد، عن حقائق حول التكوين التربوي لمعاذ إرشاد، أمير الخلية، وأخيه غير الشقيق يونس بن عياد، فالأخوان ينتميان لوسط عائلي متشبع بالأفكار الدينية المتطرفة، وقد ساهم في هذا التكوين المتعصب أخوال لهما ينتمون لجماعات إسلامية، لكن طبيعة التوجيهات التي لقنوها لابني أختهم كانت شديدة التأثير ومفعولها قوي على الشابين اللذين حولا وجتهما نحو الفكر الإرهابي المتطرف. وقد زرع فيها خالهما الأول عبد الكبير حمريتي، نقيب شعبة بجماعة العدل والإحسان وواعظ في بعض المناسبات الدينية والعائلية والجنائز وغيرها، فكرة ربتهما على الحقد على الآخر وخصوصا السلطة وكل من يعمل إلى جانبها، حيث بث فيهما اعتقادا راسخا بأن الإسلاميين الحقيقيين يتعرضون لحملة شنيعة ويتعرضون لكل أنواع الظلم والمعاملات الإقصائية، مما شكل لديهما رؤية إسلامية متعصبة. وكان عبد الكبير حمريتي، الناشط بجماعة عبد السلام ياسين، يستغل كل زيارة أو لقاء مع ابني أخته ليزرع فيهما أفكارا حول منهجية ومذهب جماعته، وذلك بالاعتماد على تسجيلات أشرطة ڤيديو تحث على تقنيات الصبر والجَلَد والمعاناة ضد جنود التحالف بالعراق. وقد رسخ الناشط في العدل والإحسان لدى قريبيه صور الثقة في النفس الذي تحول إلى تعصب وتطرف وجد مدلوله الواقعي والعملي في تكوين خلية البتار الإرهابية. ومما زاد من حدة التطرف لدى الأخوين هو وجود خال قريب لهما ثان يسمى عبد الإله المخنث، بادر هو الآخر إلى زرع بذور التطرف لدى ابني أخته، والمخنث، الذي يلقي حاليا دروسا دينية بإسبانية رجل تعليم متقاعد يقطن بمدينة العرائش. ومعروف لدى رواد مسجد الفتح بتعصبه الديني حيث كان إلى جانب عمله كمُدرس بثانوية "سيدي محمد بنعبد الله"بالمدينة المذكورة، يزاول مهنته كخطيب جمعة بمسجد الفتح. واشتهر هذا الخطيب برفضه إلقاء خطبة الجمعة حول موضوع إصلاح المدونة بتاريخ 24 أكتوبر 2003 ، مما دفع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى عزله من سلك الخطباء. وعبد الإله لمخنث يعتبر إطارا نشيطا في حركة التوحيد والإصلاح ورئيسا لعدة جمعيات موازية لهذه الحركة كجمعية "البلاغ"و"الرسالة". يعتبر إطارا في حزب العدالة والتنمية، وهو من الأطر التي تربت على أشرطة الفيديو التي تصور "معجزات" الجهاد الأفغاني التي تحولت إلى لعنة بعد خروج السوفيات من أفغانستان. يذكر أن مصالح الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تمكنت، على ضوء تحريات دقيقة قامت بها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تفكيك خلية إرهابية أطلقت على نفسها "سرية البتار" تتكون من ثلاثة أفراد، من بينهم معتقل سابق في إطار قانون مكافحة الإرهاب، يتزعمهم أحد الناشطين البارزين في المواقع الجهادية عبر الإنترنيت ذات الصلة بتنظيم القاعدة، والذي تمكن من نسج علاقات وطيدة مع أقطاب التنظيمات الإرهابية، بكل من اليمن وأفغانستان والصومال وليبيا والعراق، ومناطق أخرى. وقد كان أعضاء هذه الخلية الإرهابية، وفق ما ذكره بلاغ لوزارة الداخلية، يخططون للالتحاق بمعسكرات "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" خارج المغرب بغية الاستفادة من تداريب عسكرية في أفق العودة للمغرب من أجل تنفيذ عمليات إجرامية تستهدف مقرات المصالح الأمنية والمصالح الغربية.