يعيش حزب العدالة والتنمية تحت صفيح ساخن يؤذن بوقوع انشقاق داخلي لأول مرة في تاريخه منذ دخول حركة التوحيد والإصلاح لصفوفه والهيمنة على هياكله وتغيير اسمه من الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بزعامة الدكتور عبد الكريم الخطيب إلى حزب العدالة والتنمية بعد أن رفض الراحل إدريس البصري عن طريق صديقه مصطفى الرميد تسمية الحزب بحزب النهضة وهو الاسم نفسه الذي اقترحه الخطيب سنة 1977 وتم رفضه. وتبلورت الخلافات وسط الحزب الإسلامي الذي يقود الحكومة مباشرة بعد تشكيل حكومة بنكيران الثانية، حيث اتهمت قيادة الحزب بنكيران في الانصياع لحلفائه الجدد حيث خرج بنظرهم الحزب خاوي الوفاض، في حين يقول بنكيران وحسب مصادر حزبية إنه كان مضطرا لاستقدام أطر غير حزبية بعد أن اكتشف أنه ليست لديه الطر العلمية والمهنية القادرة على تدبير الشأن الحكومي، ناهيك عن فهم بنكيران للعبة بشكل دقيق حيث كان يتوفر على ضمانات كبيرة منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي. وحسب مصادر حزبية فإن الخلافات موجودة منذ زمان وكان بنكيران يؤجلها بطرقه الخاصة، لكن هذه المرة لم يتمكن من لجم غضب المحتجين في القيادة والقواعد، وخصوصا أعضاء المجلس الوطني الذي يقود رئيسه سعد الدين العثماني حركة احتجاج قوية، حيث مباشرة بعد خروجه من وزارة الخارجية والتعاون أو طرده منها حسب تعابير أخرى، بدأ في جولات وتنظيم لقاءات وهذه المرة ليس من داخل صفوف حزب العدالة والتنمية ولكن من داخل صفوف حركة التوحيد والإصلاح التي تعتبر المهيمنة على الحزب ويعتبر هذا الأخير مجرد أداة وظيفية في يدها. ولم تعد تعبيرات الغضب تصدر فقط من بعض القياديين الذين لم يتم استوزراهم أو لم ينالوا حظهم من الكعكة ولكن وصلت إلى بعض الوزراء أنفسهم مثل مصطفى الرميد وزير العدل والحريات حيث لم تعد الأمور على ما يرام بينه وبين بنكيران إن لم تكن كانت كذلك وظهرت هذه الأيام. وما زال بنكيران يؤجل المكاشفة مع قيادة الحزب التي لم تستسغ الطريقة التي أدار بها المفاوضات مع صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كان قادة الحزب أدخلوه منطقة "الشيطنة" واتهموه بتهم خطيرة. وانتقلت عدوى الغضب إلى الفروع الحزبية وأصابت معقل الحزب في العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء حيث تم حل هياكل الحزب بسيدي مومن وطرد جميع أعضائه وفرض الانتساب من جديد للحزب لمن أراد، كما تقوم بعض الوجوه الحزبية بالانسحاب من الحزب.