ومن بين ما قاله [les tambourins] في الجزائر وكان ذلك في نظرهم أقدع تهمة، هو أن المغرب تعمّد الإساءة للجزائريين قُبيل فاتح نونبر، حتى يعكِّر أفراح الشعب بهذه المناسبة الوطنية الغالية؛ ونسي هؤلاء أن الرسالة التي تُليت في "أبوجا" كانت قبل شهر نونبر، ولقد تعمّد كتبَتُها التشويش على عيد المسيرة الخضراء المظفرة، التي لا تقل أهمية عند المغاربة عن كافة الأعياد الوطنية؛ ثم ما الفرق، في الشعور الوطني، بين فاتح نونبر عند الجزائريين، و06 نونبر عند المغاربة؟ ما زلتُ أذكر وأنا طفل في المرحلة الابتدائية، يوم ذهبت إلى المدرسة صباحا، فجمِّعنا في الساحة، وأنشدنا أناشيد، وهتفنا بالجزائر، وعدنا إلى بيوتنا لأن ذلك اليوم، كان يوم عطلة بمناسبة استقلال الجزائر؛ فهل ردّت الجزائر بالمثل، يوم استرجعنا صحراءنا الغالية واستكملنا وحدتنا الترابية؟ الجواب: كلا.. فمن يسيء لمن يا هؤلاء!؟ وخلال هذه "الگورنة" التي نظمتها إحدى قنواتهم التلفزية والتي سُمع فيها لغط يشبه صياح الباعة في الأسواق، قال أحدهم إن المغرب يسيل لعابه على فتح الحدود هكذا ونحن نقول لهؤلاء إننا نعلم مسبقا بأن الطغمة العسكرية في الجزائر، لن تفتح الحدود، لأن ذلك ليس في مصلحتها سياسيا واجتماعيا وكذلك اقتصاديا؛ وإذا كان المغرب يتحدث عن فتح الحدود، فإنما يريد بذلك التعبير عن حسن النوايا كي لا يقال إنه هو كذلك يساهم في تكريس السجن المضروب على الشعب الجزائري.. فالنظام الجزائري هو من مخلفات الاتحاد السوفياتي البائد المعروف بالستار الحديدي، وبجدار برلين سيئ الذكر؛ وعلى هذا الأساس، فلن يسقط الجدار بين الشعبين المغربي والجزائري، إلا بسقوط النظام الستاليني في الجزائر، تماما كما حدث سنة 1989 يوم سقط جدار العار والشّنار، الذي كان يفرّق بين الإخوة الألمان كما يفرق جدار العسكر اليوم بين الإخوة المغاربة والجزائريين، وهم كما هو معلوم شعب واحد... ثم تطرقوا للحديث عن إسرائيل وعن القضية الفلسطينية؛ ونحن نسألهم عما قدمته الجزائر لهذه القضية سياسيا وماديا.. لقد كان الأخ أبو عمار يقيم في الجزائر، فما استفاده هناك غير التمزق والتفرقة وهناك اغتيل أبو إياد.. ماذا استفادت فلسطين من مؤتمرات الجزائر، وما الذي حصلت عليه بالمقابل في المؤتمرات المنعقدة في المغرب، حتى أدار ياسر عرفات ظهره للجزائر، وأمسى المغرب قبلته؟ أجيبوني أنتم.. ماذا قدمت الجزائر للقدس وأهلها؟ هل هي التي أنشأت بيت مال القدس؟ الجواب: كلاّ؛ فالجزائر أقامت (بيت مال البوليساريو) تسيل من أجله أموال الشعب، الذي لا تهمه بتاتا قضية الانفصاليين.. فنظام الجزائر تهمه الجمهورية الوهمية أكثر مما تهمه دولة فلسطينية؛ فعن أية فلسطين يتحدث هؤلاء، وأية انتقادات سيوجهونها للمغرب في هذا الصدد؟ فالمغاربة عُرفوا بدفاعهم عن القدس منذ (صلاح الدين الأيوبي) وما زالوا إلى يومنا هذا، رغم المشاكل المفتعلة التي ما فتئت الجزائر تؤجج نارها وتذكي فتنها في ربوع صحرائنا المسترجعة، صارفة أموالا طائلة كان الشعب الجزائري والشعب الفلسطيني أولى بها لو كانوا يفقهون.. لكن ما الفرق بين من خلق كيانا مصطنعا صهيونيا في فلسطين، وبين من يريد خلق كيان مصطنع في الصحراء المغربية المسترجعة؟ أجيبونا يا فلاسفة الجزائر على هذا السؤال الماثل تحت الأنوف.. يا سبحان الله.. تراهم يحشرون أنوفهم في مشاكل المغرب بغير علم، ويتحدثون كما قالوا عن أزمة اقتصادية، سموها بالخانقة، وتناسوا مشاكلهم السياسية، والاجتماعية والاقتصادية المزرية، التي لا تخطئها العين المجردة.. فالجزائر تتعرض، وباعترافهم، لمد شيعي كاسح، وإلى موجة تنصير لم تعرفها البلاد من قبل بسبب الفقر والفاقة.. لقد دُق ناقوس الخطر عبر وسائل إعلامهم، التي حذّرت من هزة عقائدية سوف تصيب البلاد مستقبلا.. يحدث هذا، وهم منشغلون بقضايا المغرب، وبمستقبل الانفصاليين، وقس على ذلك.. ويوم يستفيقون من سباتهم العميق، سيكون السيف قد سبق العدل.. وهذا هو حال الأنظمة الشمولية عبر التاريخ، والجزائر في ظل هذا النظام العسكري الستاليني أحادي البعد، لا يمثل استثناءً.. لكن قبل الختام، أود أن أنبه هؤلاء، بأن المغرب قد قطع مع سياسة الاسترضاء، أعني يوم كانت الصحف تُمنع من الرد.. أما اليوم، وبفضل حرية التعبير، فحق الرد مكفول للصحف المغربية للدفاع عن بلدها، ومقدساتها، كما يحق لها التصدي لكل همّاز، مَشّاء بِنَميم وحُق لها ذلك...