بداية لا نعرف سر الدفاع المستميت للصحافة الجزائرية عن علي أنوزلا، لقد خرجت عن بكرة أبيها دفاعا عن واحد منها مثلما خرجت قبائل بني شيبة بخيلها ورجالها وسيوفها، وليس غريبا أن تنبري صحافة لا شغل لها ولا مشغلة سوى الكتابة عن المغرب، وكأنها أهم من الكتابة عن تعطيل المجلس الوزاري لمدة عشرة أشهر وعن بضعة أفراد يسيطرون على خيرات الجزائر النفطية والغازية وعن ارتفاع البطالة بشكل مهول في أغنى بلد في شمال إفريقيا من حيث الثروات، لكنها تركت كل ذلك لتكتب عن أهم قضية لدى الجزائريين ألا وهي قضية علي أنوزلا. ولابد من الإشارة بداية إلى أن المخابرات الجزائرية تحركت بقوة خلال الأيام الأخيرة من أجل ضرب المغرب، من خلال توظيف إعلامها الرسمي والتابع، ووظفت على الخصوص جريدة الصحف الفرانكفونية، التي تحولت إلى واجهة إعلامية لكل دعاة الفوضى في المغرب من علي أنوزلا إلى بقايا حركة 20 فبراير مرورا بشيوخ العدل والإحسان وسدنة اليسار العدمي وكل من يدعو ويحرض المغاربة على قتل بعضهم البعض. طلعت علينا جريدة ليكسبرسيون الجزائرية بمقال من عنوانين "اعتقال علي أنوزلا في قضية فيديو القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.. جون كيري يحذر محمد السادس". ومادام أن الأمر لا يتعلق ببيان للخارجية الأمريكية كما لا يتعلق بتصريح لجون كيري فإن القضية تبقى أن جون كيري رفع سماعة الهاتف وأملى كلامه على الصحيفة الجزائرية. إنها صحافة لا تستحيي. والصحافي إذا كان ذكيا حتى لو أراد الاحتيال وصناعة خبر غير حقيقي فإنه يغلف أكاذيبه بأشياء من الواقع ويكون على دراية بالمسائل البروتوكولية ومسالك التعامل بين الدول. فجون كيري ديبلوماسيا يمكن أن يخاطب وزير الخارجية في حدود ما تسمح به الأعراف الدولية ويمكن أن يحمل رسالة من رئيس الدولة إلى رئيس دولة نظير له. فالمغرب بلد له سيادة ويتعامل في إطار الأعراف والبروتوكولات التي تحدد التعامل مع الدول ومن غير الممكن أن يتطاول أحد على إعطاء دروس للمغرب، ولكن المعاملات بين الدول تتم في إطار المعاملة بالمثل وليس بصيغة الأوامر والتحذيرات التي لا يمكن أن تقبل من رئيس دولة فبالأحرى وزير خارجية. لكن جون كيري ديبلوماسي شامخ ترعرع داخل الإدارة الأمريكية وليس من أصحاب المزايدات ويعرف جيدا طرائق التعامل بين الدول وكيفية تبادل الرسائل خدمة لمصالح بلده التي لا يمكن أن تراهن على دولة ترعى منظمة البوليساريو المسلحة والتي تحتضن اليوم كل عناصر الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة.