هل كان لا بد أن يتم اعتقال صاحب موقع "لكم"، علي أنوزلا، على خلفية نشر شريط فيديو يدعو إلى حمل السلاح ضد النظام، لينهض أبو بكر الجامعي، مدير توأم "لكم" بالفرنسية، ليهاجم النظام ويطلق عليه قذائفه من وراء البحار، في إقامته المخملية البعيدة عن صداع "لي ماروكان"؟ لقد وجد أبو بكر الفرصة مناسبة ليقول إن خطهم التحريري ومعالجتهم للأخبار في موقع "لكم" المعرب والمفرنس، يزعج أكثر من واحد، لينتقل مباشرة بعد هذه الجملة إلى إصدار حكمه القاطع والجاهز بقوله :"لا نظن أن المغرب تغير.. السلطة ما زالت بيد الملك ومحيطه .." واش بغيتي آسي بوبكر تاخد السلطة؟ بعد هذا المدخل التسخيني، سيقول الصحفي اللامع الذي "طب" في مؤسسة صحفية بكاملها، وفشل في تسييرها، وترك العاملين فيها معلقين.. سيقول في حوار لموقع "H24INFO" إن "النظام لا يريد صحافة مستقلة." لكن، ماذا فعل الصحفي الألمعي أبوبكر بالملايين التي وجدها ذات سنة بين يديه من أجل أن يبين "حنة يديه ويدير لينا في هاد البلاد صحافة مستقلة حقيقية" منذ سنوات خلت لم نكن نعرف وقتها ما يسمى الآن صحافة إلكترونية؟ لقد كنت مسؤولا وكانت لك سلطة مطلقة على المؤسسة والعاملين فيها، فمن حاسبك؟ ومن سألك أنت الذي لا تكف بالمطالبة عن ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ ذهبت الملايين أدراج الرياح، وذهبت معها أحلام صحفيين مساكين هباء، بينما هو ذهب إلى أهله يتمطى. لا شك أنه نسي هذا ليتفرغ إلى مهمته الجديدة في إسقاط كل شيء وأي شيء على النظام ولو تعلق الأمر بقضايا شخصية لا تعنيه إلا هو، فإن النظام وراءها. ولما لم يجد ما يبرر به موقفه، استنجد بقضية مغتصب الأطفال، الإسباني دانيال، ليزعم أن "الصحافة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية وحدها التي تابعت القضية عكس الصحافة التقليدية"، لينتقل مباشرة إلى اللازمة التي يرددها موقع "لكم" المعرب والمفرنس، من طلوع الشمس إلى غروبها، المتمثلة في أن "النظام يريد القضاء على الصحافة الإلكترونية"، لأنها "مزعجة". أي تناقض يقع فيه "الخبير الإعلامي" أبوبكر وهو يعرف أن هذه الصحافة الإلكترونية لم تظهر وتزدهر وتعرف توهجها إلا في عهد هذا النظام؟ لدرجة أن الصحف الإلكترونية أصبحت ظاهرة، فيها المرضي السقيم أكثر من الصحي السليم، وأن عددها يفوق كثيرا عدد الأحزاب والنقابات والجمعيات في هذا البلد. فهل سقطت هذه الصحافة من السماء؟ إنها نتاج صيرورة وسياق اجتماعي وسياسي وثقافي تميز أساسا بانفتاح كبير، وبهامش حرية أوسع، وبأسلوب حياة جديد لدى المغاربة لا علاقة له بالماضي القريب، يجعلنا في موقع لنقول بكل ثقة واطمئنان إنه لا وجود لمثيلها في المنطقة المغاربية والشمال الإفريقية والمنطقة العربية والإفريقية. بما أن أبوبكر يقيم بالخارج، ويعيش بالخارج، بل يسير مؤسسة إعلامية من الخارج، ويكتب عن المغرب وعلى المغرب من الخارج، ثم يضحك على الآخرين في المغرب، من الخارج، بأن النظام في المغرب استبدادي وفاسد ... فماذا يمكن أن يقول لنا السيد أبوبكر – من الخارج طبعا – عن الأنظمة الحاكمة في بلدان الجوار والمنطقة والقارة؟ لن نتفاجأ إذا خرج على القوم بتصريح، من الخارج، يقول فيه إن هذه الأنظمة ديمقراطية. إن كثيرا من المفاهيم اليوم أصبحت مقلوبة. فلا عجب. هناك شيء مهم لا بد من قوله من أجل توضيح الأمور: إن موقعكم ليس مزعجا ولن يكون مزعجا من حيث إبداء الرأي، ومعالجة للخبر، بل من حيث الحقد الذي يغلف إبداء الرأي. ولا علاقة لهذا بحرية التعبير.