قال نور الدين مفتاح مدير نشر أسبوعية "الأيام" ورئيس فدرالية الناشرين المغاربة، إنه لم يسبق له أن تقدم بطلب إلى الديوان الملكي، من أجل إجراء حوار صحفي مع الملك السادس، معربا في حوار مع أسبوعية "البلاد الجديد"، عن متمنياته في أن يكون هناك حوار بين الملك وصحافة بلاده. في ما يلي نص الحوار الذي أجراه الزميل حاتم قسيمي مع الأستاذ نور الدين مفتاح والمنشور ب"البلاد الجديدة" عدد 8 (11 ماي 2012). *ماذا تُشكّل بالنسبة إليك دفاتر تحملات متعهدي الاتصال السمعي البصري العمومي؟ -قضية دفتر التحملات هي أكبر من أن تكون قضية قطاعية، هي اختبار تنزيل الدستور الجديد، فالحكومة اليوم لها اختصاصات جديدة، وتقوم باختصاصاتها في مجال الإعلام العمومي الذي يبقى واحدا من القطاعات الحساسة، لأنه بمثابة الأضواء الكاشفة. وبالتالي عندما خرج النقاش العمومي حول قضية مجتمعية شارك فيه بعض مدراء القنوات العمومية الذين كانوا ينتقدون الشكل الذي تم به هذا النقاش. الذي يحاسب أمام البرلمان هو الوزير الوصي، أعتقد أنه تم افتعال قضية استقلالية الإعلام العمومي، مع العلم أنها أبعد ما تكون عن الاستقلالية، سواء في الماضي أو في الحاضر. إذا كانت هناك مؤاخذات على دفتر التحملات، فيجب أن تؤاخذ عليها الهيئة العليا للسمعي البصري. فهي التي شرعنت هذا الدفتر. حتى الذين يتحدثون على التوابث، فهذه التوابث تبقى بعيدة عن هذا الموضوع. لن يوجد من سيمجد الماجوسية أو النظام الجمهوري أو الدعوة إلى انفصال الصحراء. التوابث معروفة والانفتاح له تأويلات متعددة. إذا كان هناك ضرورة للحديث عن استقلالية وسائل الإعلام، فيجب أن نعود إلى الأصل، والأصل هو تعديل قانون السمعي البصري، وإعادة النظر في اختصاصات الهيئة العليا للسمعي البصري، بشكل يتيح لها إمكانية تهيئ دفاتر التحملات، بدل أن تكون موكولة إلى الجهاز التنفيذي. *هناك من يعتبرها محاولة من الحكومة للهيمنة على الإعلام العمومي؟ -أعتقد بأنه انتقلنا في هذه مرحلة، من الهيمنة السرية للإعلام العمومي، إلى ما وصف ب "التدبير العلني". اليوم على الأقل، عندنا حكومة ممكن أن نحاسبها إذا تدخلت في الإعلام العمومي. وزير الاتصال هو الذي سيساءل عن هذا الإعلام. كيف سنسائله في حين نطالبه بألا يتدخل فيما سيحاسب عليه؟ هذه المعادلة يجب أن تعالج. هنا يجب أن تكون الهيئة العليا أكثر اختصاصا، وأن تكون تركيبتها أكثر استقلالية، ويجب أن تخضع للمساءلة من طرف البرلمان كما هو الأمر في إسبانيا. *وأنتم تتحدثون عن دور الحكومة الحالية في تدبير قطاع الإعلام، ما الذي تنتظرونه كمهنيين من هذه الحكومة؟ -نحن نقوم بعملنا مع هذه الحكومة وندعوها إلى تحقيق مطالبنا التي كانت مشروعة في السابق وأصبحت في إطار الدستور الحالي ضرورة ملحة. *كيف ذلك؟ مباشرة بعد تنصيب الحكومة، بدأت الاجتماعات المكثفة بيننا حول عدد من الملفات، أولها التنظيم الذاتي للمهنة بمعية النقابة الوطنية للصحافة المغربية وفيدرالية الناشرين ووزارة الاتصال، واستغرقنا وتوافقنا على نص المجلس الوطني للصحافة الذي ستكون ضمن اختصاصاته، منح بطاقة الصحافة للمهنيين، وسيكون مستقلا ولا علاقة له بوزارة الاتصال. وقد تم بعد الاتفاق مع السيد الوزير، ليأخذ مساره المسطري الدستوري الطبيعي. *أين وصل مشروع المجلس الوطني للصحافة، وما الدور المفترض الذي سيلعبه هذا المجلس في النهوض بالمشهد الصحفي بالمغرب؟ -اتفقنا ووزارة الاتصال بعد مشاورات دامت شهرين، على القيام بندوة يوم 3 ماي بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، تجمع وزارة العدل ووزارة الاتصال وفيدرالية الناشرين، تصب حول قانون الصحافة، وعلاقة الصحافة بالقضاء، كما شارك فيها قضاة وصحفيون، وستكون انطلاقة حقيقية لبداية المفاوضات حول تنظيم قانون الصحافة. كما سيجري تجديد العقد البرنامج وتحسينه وتطويره. وضبط معايير منح الإشهار وتنظيم هذا القطاع في علاقته بالصحافة. *كان هناك حديث حول مغربة مكتب التحقق من انتشار الصحف المعروف اختصارا ب "الأوجيدي"؟ لقد خضنا التجربة مع المدققين الفرنسيين، ليست لنا أي عقدة من مغربة هذا المكتب، يبقى الشرط الوحيد هو المحافظة على استقلاليته لتظل أرقامه شفافة وغير متلاعب فيها. *هناك من يجد في نور الدين مفتاح الرجل المناسب لشغل منصب رئيس المجلس الوطني للصحافة؟ -عموما، ستكون هناك انتخابات ديمقراطية هي التي ستفرز الرئيس المنتخب. *قمتم بزيارة إلى مكتب رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران كرئيس لفيدرالية الناشرين، ألا يؤثر ذلك على استقلاليتك كصحافي؟ -زرت مكتب عبد الإله بنكيران برفقة الكاتب العام للنقابة يونس مجاهد بعد تنصيبه رئيسا للحكومة، لنطالبه بتسريع وتيرة إصلاح القطاع الصحفي. ووعدنا في ذلك الوقت خيرا. وصفتي كصحفي، تخول لي الدخول حتى إلى بيت بنكيران باعتباره صانع حدث، وأنا قناص للحدث. *هناك من يرى أن مستوى افتتاحياتك كان أشد حدة من وانتقادا خلال تجربة عبد الرحمان اليوسفي أيام -اشتغالكم ب "الصحيفة" وأقل منها لتجربة عبد الإله بنكيران. ما الذي تغير؟ -أنا لست معارضا محترفا، وافتتاحياتي تعبر عن رأيي الشخصي. الذي أحرص عليه هو أن أقول رأيي بكل نزاهة فكرية وضميري مرتاح. وعلى أي في مرحلة التناوب كانت هناك سياقات مختلفة. وإجمالا، يمكن أن أقول إننا كنا قساة على عبد الرحمان اليوسفي. * جرت العادة أنك توجه رسالة من خلال افتتاحياتك إلى كل وزير جديد يعين على رأس وزارة الاتصال، لكن مع تعيين مصطفى الخلفي في هذا المنصب، لم تلتزموا بهذا التقليد الذي دأبتم عليه. لماذا؟ -عادة الشخص يوجه رسالة إلى آخر عن طريق البريد، إلا أن الشخص الذي نصب وزيرا للاتصال اليوم نعرفه ويعرفنا جيدا، ليس بحاجة منا إلى رسالة بهذا الصدد. مصطفى الخلفي كان معنا في مكتب فيدرالية الناشرين، ويعرف جيدا انتظارات المهنيين. وقد وجهت له رسالة شفاهية خلال حفل الفيدرالية لتوديعه بأحد فنادق مدينة الدارالبيضاء. وطالبناه بالوفاء بالوعود التي يعلمها جيدا. الضمانات الدستورية والتنازلات التي قدمتها المؤسسة الملكية لحكومة عبد الإله بنكيران، ليست هي نفسها في عهد عبد الرحمان اليوسفي. *انسجاما مع حديثكم حول تنازلات المؤسسة الملكية، هل يتنازل الملك ويحاور صحفيا من بلده؟ وهل سبق أن تقدمتم بطلب إجراء حوار صحفي مع الملك إلى الديوان الملكي؟ -لم يسبق لي أن تقدمت بطلب إجراء حوار صحفي مع الملك إلى الديوان الملكي، ولكن، سبق أن تكلمنا في هذا الموضوع كثيرا كمهنيين. وقلنا أنه يجب على الملك أن يتحدث إلى صحفي مغربي. * ما الذي يبرر هذه القطيعة؟ -لا يمكن أن أتكلم في هذا الموضوع. *على الأقل كصحفي مهني؟ -من الصعب أن أضع نفسي في محل صاحب الشأن. أنا لا أعرف، لكن الطبيعي أن يكون هناك حوارا بين الملك وصحافة بلاده. وهذا ما نتمناه. *هل سبق لكم أن التقيتم بفؤاد عالي الهمة؟ أو هل جرى بينكما أي اتصال؟ -التقيته في مرات قليلة. ولم تكن إلا مجرد لقاءات عابرة. *في إطار مهني؟ نعم، كانت هناك عادة عند الفريق الحكومي السابق، أنه عندما تكون هناك قضايا حساسة يبادرون إلى عقد لقاءات تواصلية مع مدراء الصحف ومسؤوليها حتى لا يكونوا خارج التغطية. *كيف تنظر إلى هذه الشخصية المثيرة للجدل؟ -كنت أعتبره دائما الرجل الثاني بعد الملك في مربع الحكم. له نفوذ كبير وقريب من مراكز القرار، وربما لولا ظروف الربيع العربي، كان سيكون هو المتحكم في القرار السياسي بالمغرب خارج القصر. طبع العهد الجديد وسيظل كذلك، على الرغم من أن الربيع العربي أرغمه أن يعود إلى من حيث أتى. إلا أنه سيظل شخصية مؤثرة مادام يحظى بثقة الملك. في عبارات قليلة: *صحيفة الاتحاد الاشتراكي: مدرستي الأولى. وأعتقد أن الأحزاب يجب أن تكون لها مديريات للتواصل بدل صحف تتكلم باسمها. *الصحيفة: تجربة أسست للصحافة المستقلة بالمغرب. *موقع فبراير كوم: من المواقع القليلة التي يمكن أن نطلق عليها صحف إلكترونية ، بدل أن تكون مواقع إلكترونية فقط. *عبد الرحمان اليوسفي: شخصية تنازلت عن المجد الشخصي من أجل الوطن في ظروف عصيبة. *هسبريس: صحيفة إلكترونية استطاعت أن تحقق انتشارا باهرا، كما استطاعت أن تقوم بخطوة جبارة نحو مزيد من الشفافية والمهنية. *حركة 20 فبراير: شجرة عرقها في الربيع العربي وأوراقها ملكا لنا جميعا.كما أن لها الفضل في بعض المكاسب التي نعيشها اليوم. *الفيدرالية المغربية لوسائل الإعلام: كمال لحلو من المؤسسين لهذه الفيدرالية، وعندما التقيته مرة ومحمد حوراني رئيس اتحاد العام لمقاولات المغرب، واتفقنا على أن الديمقراطية هي التعدد والتمثيلية.