الهيئة الحقوقية انضمت إلى الجوقة واعتبرت الدعوة للقتل حرية تعبير لقد اختلطت المعايير وأصبح الكل واحدا، ولم يعد هناك ميزان لضبط الأشياء، ولم تبق مصفاة ولا مسلك لمعرفة الغث من السمين، وأضحى كل "نهيق" حرية تعبير والدعوة للقتل مجرد وجهة نظر ينبغي مناقشة صاحبها فيها، ولم يعد نشر الأفكار الداعية للموت والتحريض على الفتنة مخالفة قانونية وجريمة ترتكب في حق شعب اكتوى بنار الإرهاب بل أصبحت خدمة صحافية، ولم يعد لدى الجهات القضائية الحق في الاستماع إلى أي شخص ما دام يجد من "ينبح" وراءه بعناوين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في وقت تتهيأ حركات وتنظيمات وإخوانيات لضرب كل هذه القيم لصالح عناوين أكل الدهر عليها وشرب. الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان، التي ليست سوى الأداة التي أسستها الجماعة لاكتساح الجمعيات الحقوقية وتطهيرها من "الملحدين"، رفعت هي الأخرى عقيرتها للدفاع عن علي أنوزلا وعن حقه في نشر الفيديو المذكور، وهي بذلك تضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة تؤيد أنوزلا وتظهر بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان رغم أنه ليس لها باع في ذلك ولا أصلت نظريات إسلامية في الموضوع، ثم الدفاع عن الفيديو في حد ذاته دعوة للفوضى وهو شيء تتمناه الجماعة وبأية طريقة كانت حتى تخرج من ورطتها التاريخية، خصوصا بعد ظهور أوهام مرشدها الذي بشر أتباعه بالقومة في 2006 ولم يقع شيئا وتبين أنه قرأ جيدا دراسة أمريكية تنبأت باضطرابات اجتماعية والتي لم تقع نتيجة الإجراءات التي تم اتخاذها "فبهت الذي كفر بالوطن". واعتبرت الهيئة في بيان سريع لها أن توقيف علي أنوزلا للتحقيق معه حول خلفيات نشر فيديو منسوب لتنظيم القاعدة "انتهاك صريح لحرية الرأي، وبطش واضح بقلم يساهم بكتاباته السياسية في فضح جذور الفساد والاستبداد التي تستعبد الشعب المغربي وتمتص دماءه وتنخر قواه الحية وتستهدف قطع الطريق أمام سعيه الحثيث لإسقاط الفساد والاستبداد". وهذه محاولة لتحريف الوقائع والأحداث عن سياقها وتحويل الموضوع من قضية بحث قانوني وقضائي إلى قضية سياسية وهي طريقة لتمييع الأمور حتى يتسنى لهم إحداث الفوضى ويصبح كل فعل حتى لو خرج عن القانون فعلا سياسيا ومجرد رأي.