ما هي اللعبة التي ينخرط أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح؟ ولفائدة من؟ وما الخيط الرابط بين خروجه المتعدد وبين سقوط حكومات الإخوان المسلمين (الجماعة الأم وتوابعها) عمليا أو شعبيا؟ ما هي الرسائل التي بعثها؟ وكلام من يردد؟ يمكن أن تنطلي حكاية "الفقيه المقاصدي" على من لا يعرف المقاصد ولكنها لا يمكن أن تمر على من خبر العلوم الإسلامية. ولماذا يتم تقديمه على أنه فقيه مقاصدي أي له مساهمته في التجديد الديني؟ الريسوني لا يساهم في التجديد الديني ولكن يساهم في تجديد دماء الربيع العربي. ويردد مقولات الراعي الإقليمي لجماعات الإخوان المسلمين. فعندما يقول الريسوني في الملتقى التاسع لشبيبة العدالة والتنمية "السلطة العليا على العلماء هي الدليل الشرعي لا الملوك والرؤساء" فهو كلام حق يراد به باطل. فهذا الكلام يردده الراعي الإقليمي للربيع العربي والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين ومنظماته الموازية كالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي يترأسه يوسف القرضاوي. وهي دعوات لتحرر العلماء تهدف إلى إطلاق لسان الجماعات الإسلامية. ومن يقوم بذلك يخوض حربا قذرة ضد المغرب. فالراعي الإقليمي للربيع العربي وبعد فشل مشروعه في مصر واشتداد الأزمة في تونس واختناق أردوغان بسبب انخراطه في الحرب ضد سوريا وتورطه مع الجماعات الإرهابية، فإن هذا الراعي يريد الانتقام لفشله من خلال المغرب، الذي مازالت حكومة الإسلاميين مستمرة بفضل الضمانة الكبرى للمؤسسة الحاضنة للاستقرار أي المؤسسة الملكية. إن الراعي الإقليمي لجماعات الإخوان المسلمين يبحث عن ثلاثة عناصر للتمكين لمشروعه القذر. أولها البحث عن رجل دين يمارس المشاغبات غير العلمية والظهور بمظهر الثائر أو العالم المنفتح، ولهذا تصر بعض المنابر على تسميته الفقيه المقاصدي رغم أنه لا علاقة له بالمقاصد وهذا موضوع تناولناه سابقا. وهو هنا يتجسد في الريسوني. وثانيا البحث عن إعلام مثابر على التهليل لقضايا الراعي المذكور ويمثله في المغرب بعض "الطبالجية" الذين يروجون للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وثالثا اختيار الوقت المناسب وهو هنا سقوط محمد مرسي من على كرسي الرئاسة وتزحلقه نحو السجن الذي أعده لخصومه. وتأتي هذه الخرجات مقترنة بالهجوم الذي شنه عزمي بشارة على الديمقراطية المغربية رغم أنه اختار أن يكون مستشارا في بلد لا توجد فيه انتخابات بلدية. إذا جمعنا هذه بتلك تظهر أن خرجة الريسوني ليست بريئة ولكنها انخراط مدروس في مشروع الانتقام الذي يقوده الراعي الإقليمي للربيع العربي بعد أن تم إفشال مشروعه في مصر ولا أمل لنجاح مشروعه في تونس وخروجه خاوي الوفاض من ليبيا. فالريسوني لا يمكن أن يتجرأ على أحد حتى لو كان صغيرا. وهو الذي ظل يردد منذ انخراطه في الحركة الإسلامية ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة. فمن جرأه على المغرب ومؤسساته؟ ومن جرأه على السعودية التي "رتع" فيها مدة ست سنوات؟ لا يمكن لمن هذه خصاله أن يتجرأ دون أن تكون وراءه جهة معروفة. أما في تفاصيل كلمته فهناك تناقضات خطيرة تفضح نواياه ونوايا مشغليه. فهو يدعو إلى استقلال العلماء عن السلطة، وهو مطلب مشروع في مستوى من المستويات، لكن هل كان الريسوني مستقلا عندما كان يعيش في السعودية؟ هل كان الريسوني مستقلا عندما كان يأخذ أجره من الإمارات العربية المتحدة راعية موسوعة القواعد الأصولية؟ هل كان مستقلا عندما أخذ الأموال الطائلة من مؤسسات الوهابية الأكاديمية؟ وهل أصبح مستقلا لمجرد انتقاده السعودية والإمارات؟ ألم يسقط في التبعية عندما سلم أمره للقرضاوي ومن يرعاه؟ فالريسوني مثله مثل إخوانه يرفع علامة الأصابع الأربعة، وهي علامة الإخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي، خدمة لراعيهم وعرفانا لمن سلمه رئاسة رابطة أهل السنة الطائفية.