تفاقمت صعوبة عمل الاطباء في المستشفى النفسي الوحيد في طرابلس الذي لم يكن سهلا اصلا اثناء حكم العقيد معمر القذافي, لا سيما بعد وصول الكثير من المرضى المصدومين نتيجة المعارك وسط نقص حاد في الادوية والموظفين والاسرة. وقال طبيب رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "عاد اشخاص تم شفاؤهم منذ 10 سنوات, تدهورت حالهم بسبب الحرب". وقال "كما لدينا حالات جديدة كثيرة, حوالى 15 يوميا منذ انطلاق الثورة. هؤلاء يعانون من الصدمة والتوتر والاضطرابات العقلية". وتابع الطبيب "كما نستقبل سجناء خرجوا من زنازين القذافي ورجال الميليشيات الموالية للنظام". وقال "الوضع سيئ منذ سنوات لكن منذ شهرين بات اسوأ". واضاف "نحن بحاجة طارئة الى الادوية ولا سيما المهدئات". ولم تخضع مباني المرفق المتضعضعة التي تشبه ثكنات عسكرية للتجديد منذ حوالى 40 عاما. واكد الطبيب ان 80 مريضا وضعوا في جناح يتسع ل40 شخصا فحسب. واوضح "عوضا عن بقاء المرضى شهرا او اثنين نبقيهم اسبوعا او اثنين للتمكن من استقبال غيرهم. لهذا السبب يعود بعضهم بسرعة لانهم يعانون حقا". الى جانب الاسرة والادوية يحتاج المستشفى الى طاقم عمل. فالاطباء المصريون والباكستانيون والعراقيون تم اجلاؤهم فيما لم يحضر الكثير من النساء العاملات في المستشفى منذ بدء النزاع. وقال "الممرضات الفيليبينيات وحدهن بقين". اما المرضى المحتجزين خلف ابواب مزودة بقضبان حديدية فيطلبون عيدان كبريت لاشعال سجائرهمن نظرا لحظر حيازتهم لها. وقال الطبيب "تعرض مرضانا للصدمة من ضجيج المعارك واصبحوا يعانون من اضطراب عقلي. ونظرا الى ان بعضهم بات عدائيا, قررنا التوقف عن بث الاخبار". لكن الان بعد توقف المعارك فتحت شاشة التلفزيون الكبيرة على قناة الجزيرة. بعض المرضى الاخرين لن يتلقوا علاجا على الاطلاق. واخرون مرتعبون الى درجة تحول دون خروجهم من منازلهم, نتيجة النزاع الذي استمر ستة اشهر واسفر عن مقتل اكثر من 20 الف شخص بحسب الثوار. كما يتعذر على اخرين العثور على وسيلة نقل. فليبيا لا تضم الا مستشفيين نفسيين احدهما في طرابلس والثاني في بنغازي, على بعد حوالى الف كلم شرقا, ولا يحوي كل منهما الا 20 طبيبا. ويغطي مستشفى طرابلس الغرب الليبي اي حوالى ثلاثة ملايين نسمة موزعين على ملايين الكيلومترات المربعة. واسف الطبيب لان المرض النفسي ليس اولوية لدى "حكومة" الثوار اي المجلس الوطني الانتقالي. وقال "اعتقد ان الصحة النفسية ما زالت غير مرئية بالنسبة اليهم. اولويتهم هي الجرحى, فيما لا يزال الوصم قائما".