أنا الموقع أسفله، أشهد وأنا في كامل قواي العقلية والبدنية، أنني قررت وبمحض إرادتي التوقف بشكل تام ونهائي عن متابعة ما تبثه القناتين الأولى والثانية من برامج ومسلسلات، وأصرح على مسؤوليتي أنني غير معني بما تبثه القناتين، وأنني قررت التحول كلية نحو الفضائيات العربية والدولية لمتابعة ما يحدث في الكرة الأرضية. أنا الموقع أسفله، قررت عدم الإستمرار في لعبة غض الطرف، والموافقة طواعية على استبلادي من طرف القائمين على شؤون الإعلام العمومي في هذا البلد من خلال استهلاك كل ما ينتجونه من دون وعي، وألا انخرط في جريمة سيحاسبنا عليها التاريخ، وأن أتوقف كلية عن استهلاك ما تنتجه القناتين، من رداءة تلفزية، أقل ما يمكن أن نصفها به، هو التفاهة. أنا الموقع أسفله، أصرح بكل طواعية وتلقائية، أنني لم أعد قادرا على ممارسة لعبة الصمت، لأن الأمر يتعلق بأجيال لاحقة، ستحاسبنا، على ما اقترفته أيدينا من جرائم في حق هذه التفلزة التي أريد لها أن تبقى خارج التاريخ والجغرافيا، وأن تواصل بنفس الوتيرة، تقديم أعمال غبية لا يمكن أن تقنع حتى الرضيع الذي لا زال يرضع من ثدي أمه. أنا الموقع أسفله، أقر وأعترف أنني ساهمت لسنوات في استبلاد هذا الشعب، كما ساهم غيري في هذه العملية الدنيئة، ومارسنا من حيث ندري أو لا ندري سياسة النعامة، وتحولنا إلى كراكيز نمارس هواية الضحك التي تأكدت أننا لا نتقنها جيدا. لقد قررت أن أتوقف عن استهلاك داخل المخدر الذي لم يعد له أي مفعول، على عقلي وروحي، وأن أتحاشى حتى الاقتراب من ذلك الصندوق العجيب الذي يستنزف كل شهر مبلغا محترما من ميزانيتي الحقيرة، وأن أنام مبكرا لكي لا أصاب بالأرق، وأن أغلق جهاز التلفاز حين أكون على مائدة الطعام حتى لا أصاب بالإسهال أو عسر الهضم. لأن ما تبثه القناتين من برامج ومسلسلات لا تمت بصلة للإنتاج التلفزي، لذلك لا أجد غضاضة في الإعتراف جهرا، أنني كنت ضحية عملية نصب واحتيال، من قبل القائمين على شؤون هذه التلفزة، التي تحولت إلى ملحقة للقنوات التركية والمكسيكية، أما ما تنتجه القناتين فإنه يصلح لكل شيء إلى أن يكون عملا فنيا، ولا أعرف أين سنصنف أعمالا مثل "الفهايمية" الذي أعتبره شخصيا جريمة في حق الذوق العام، ومحاولة سبق الإصرار والترصد لاغتيال الإبداع المغربي، وقتل ما تبقى من أنفة لدى المتلقي المغربي، وأن سلسلة الزين في الثلاثين، هي كارثة بكل المقاييس، بسبب غياب الحد الأدنى من الحس الفكاهي، وحول محمد الخياري إلى حلايقي بكل معنى الكلمة. لقد أثبتت البرامج الرمضانية التي تبثها القناتين أننا في المغرب نأكل كل شيء ونستهلك أي شيء، وأن القائمين على شؤون هذا البلد متأكدون على أننا سنقبل بأي شيء، مهما كانت درجة رداءته، لذلك لا يتورعون في حشو أمعائنا بكل هذه التفاحات التي يقولون إنها إبداع تلفزي، مع أنها تعد مأكولات فاسدة بلا طعم ولا لون. عبد المجيد أشرف