أكد الأستاذ جان إيف دو كارا , القاضي المعتمد بمحكمة العدل الدولية أمس الأربعاء بنيويورك , أن " حق الشعوب يجب أن يقترن باحترام الوحدة الترابية للدول " , مبرزا غموض خطاب الإنفصاليين بخصوص قضية الصحراء. وأكد دو كارا , وهو أيضا أستاذ القانون الدولي بجامعة باريس ديكارت ومدير جامعة باريس السوربون بأبوظبي , أمام اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة , أن " توجيه الاتهام التعسفي للمملكة المغربية , من خلال توظيف مسألة حقوق الإنسان وتقرير المصير , يشكل انتهاكا للوحدة الترابية لهذه الدولة ". وأضاف أنه إذا كان القراران (15) 1514 و(25) 2625 , الصادران عن الجمعية العامة للأمم المتحدة , يكرسان حق الشعوب في تقرير المصير, فإنهما يقرنان هذا الحق بعدم المس بالوحدة الترابية للدول الذي يتعارض مع أهداف الأممالمتحدة . واعتبر الأستاذ دو كارا أن هذا المبدأ يفرض واجبات على فاعلين آخرين في المشهد الدولي , خاصة دول الجوار التي من واجبها الحيلولة دون وقوع أنشطة تهدد سيادة أو وحدة الدول الأخرى , وأكد أن محكمة العدل الدولية " ذكرت بهذا المبدأ الأساسي في العلاقات بين الدول في قضية مضيق كورفو". وأكد أن " القيام بالتصريحات المضللة والدعاية واستقبال ودعم أقلية معارضة يشكل انتهاكا لسلطة ووحدة دولة ذات سيادة " . وشدد على أنه من " الإجحاف لوم المغرب على اتخاذه تدابير لحفظ النظام العام بهدف منع أو وضع حد لمظاهرات ذات طابع إجرامي تتستر بغطاء سياسي أو انفصالي " , وأوضح أن " المس بالممتلكات العمومية أو الخاصة , والعنف الموجه ضد قوات حفظ النظام أو المواطنين , وتكوين عصابات إجرامية تحت غطاء الإنفصال , تستدعي ردود فعل طبيعية من لدن كل دولة ذات سيادة ". وأضاف الأستاذ دو كارا أن " تقديم هذه العصابات من طرف بعض الدول والبوليساريو , والجماعات أو المنظمات التي تدعم أهدافها , يشكل , وفقا للقانون الدولي , تدخلا غير شرعي " في شؤون المغرب , موضحا أن " تعاون هذا البلد مع الهيئات الدولية , مثل أجهزة الأممالمتحدة ومجموعة العمل حول الاختفاءات القسرية أو اللاإرادية واللجنة الدولية للصليب الأحمر , من شأنه أن يفضح سوء نية أصحاب هذه الاتهامات وبعد أن ذكر الأستاذ دو كارا بأن المغرب " لم يكتف فقط بالانخراط في المبادئ الأساسية للقانون الدولي وإنما قام كذلك بتنفيذها " فيما يخص قضية الصحراء , أشار إلى أن مجلس الأمن " اعتبر مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية مجهودا جديا وذا مصداقية من قبل المغرب وخيارا واقعيا للمضي قدما نحو تسوية لأنه يقضي بمنح السكان المحليين سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية وتنظيم إدارة محلية , كما يمنحهم موارد وميزانية, وبالإجمال شكلا من أشكال تقرير المصير". وأبرز في هذا الصدد أن "هناك بالفعل تكريسا للحق في الحكم الذاتي الترابي والثقافي وانخراطا لممثلي الصحراء في هذه المبادرة المغربية ضمن المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية من خلال شيوخ القبائل والأعيان وحتى ممثلي البوليساريو اللذين جددوا الولاء للملك في صيف 2009". وأكد على أن هذا الحكم الذاتي يندرج في إطار " تصور المملكة المتعلق بتطوير ديموقراطية تشاركية وديموقراطية للقرب". وأشار رجل القانون الفرنسي إلى أن القانون المغربي " يضمن حقوق سكان الصحراء", مبرزا أن " أنشطة عدة مجموعات, غالبا ما تكون موجهة, ومقالات صحفية تتضمن معلومات غير صحيحة , والاستعمال الجزئي أو المنحاز للوثائق الرسمية ( تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان لسنة 2006), اعتمدت كأساس للإدعاء بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في أقاليم الصحراء". وأوضح أنه بالمقابل " سواء على المستوى المؤسساتي أو القانون المادي, توجد في المغرب مساطر وقواعد لضمان حقوق سكان الصحراء", مشيرا إلى أن" المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية يضمن تمثيلية المجتمع المدني والاقتصادي والسياسي" وأن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وديوان المظالم يتوفران على فروع جهوية وأن "الحقوق الجماعية للسكان يعبر عنها من خلال الأحزاب السياسية والانتخابات والنقابات والجمعيات في شتى مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية". كما ذكر بحريات التنقل والرأي والتعبير والتظاهر والاجتماع والتجمع التي يضمنها الدستور, فضلا عن السماح للصحفيين الدوليين والمنظمات غير الحكومية بدخول تراب الصحراء وكذلك حرية التنقل " التي يتمتع بها المعارضون, بمن فيهم الانفصاليون". ولاحظ أنه " قد توجد حدود لممارسة هذه الحريات وهو ما يحصل في جميع الدول ويمليه واجب الدولة في الحفاظ على النظام العام وضمان الوحدة الوطنية والحقوق والحريات الفردية في مواجهة المنحرفين بجميع أشكالهم , واحترام الوحدة الترابية".وأضاف أنه " إذا ما ارتكبت تجاوزات أو وقع مس بالحقوق الأساسية فهناك إجراءات لجبر الضرر ", مشيرا إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة قدمت تعويضات للضحايا الصحراويين الذين تضرروا من انتهاكات حقوق الإنسان الجماعية أو الفردية وأن 22 في المائة من التعويضات التي قدمتها هذه الهيئة استفاد منها أشخاص ينحدرون من الصحراء (أي 5294 شخصا).