نهب متظاهرون مبنى تلفزيون واذاعة حكوميين واحرقوا مراكز للشرطة ومقرات للجان الثورية في طرابلس التي وصلتها الحركة الاحتجاجية الاثنين بالرغم من اعلان النظام الليبي عن تصميمه على القتال "حتى اخر رجل". وافاد شهود عيان ان مبنى يضم قناة الجماهيرية الثانية واذاعة الشبابية "تم نهبه" من قبل المتظاهرين مساء الاحد. واضاف الشاهد ان مبنى قناة الجماهيرية الاولى, القناة الحكومية الرئيسية في ليبيا, لم يمس. وتوقف بث قناة الجماهيرية الثانية مساء الاثنين لكنها ما لبثت ان عاودت البث صباح الاثنين. من جهة اخرى افاد شهود لوكالة فرانس برس ان عددا من المباني العامة تم احراقها في عدد من احياء العاصمة مساء الاحد بينها خصوصا مراكز شرطة ومقرات للجان الثورية قرب الساحة الخضراء في وسط العاصمة حيث دارت مواجهات عنيفة مساء بين متظاهرين مناوئين للنظام واخرين موالين له. وقال احد سكان طرابلس في اتصال مع فرانس برس ان "قاعة الشعب" المبنى الواقع في وسط العاصمة والذي تجري فيه غالبا الفعاليات والاجتماعات الرسمية تم احراقه ايضا. ويقع هذا المبنى في مكان غير بعيد عن وسط العاصمة عند مدخل حي الاندلس السكني. وليل الاحد الاثنين سمع اطلاق نار كثيف في العديد من احياء العاصمة حيث دارت ايضا مواجهات بين متظاهرين موالين للنظام ومعارضين له. كما اقتحم حوالى 500 ليبي الاثنين ورشة بناء كورية جنوبية قرب طرابلس ونهبوا محتوياتها, ما اسفر عن اصابة العديد من العمال البنغلادشيين والكوريين الجنوبيين بجروح, كما اعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية. واعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش في حصيلة جديدة الاثنين ان 233 شخصا على الاقل قتلوا في ليبيا منذ الخميس, اليوم الذي اندلعت فيه الاحتجاجات الواسعة ضد حكم الزعيم معمر القذافي, مشيرة الى ان 60 قتيلا سقطوا الاحد في مدينة بنغازي لوحدها. وبنغازي هي ثاني كبرى مدن البلاد, وهذه المدينة الواقعة على بعد الف كلم شرق العاصمة طرابلس هي معقل الحركة الاحتجاجية ضد النظام وقد سجل فيها سقوط اكبر عدد من الضحايا. ووصلت الاحتجاجات الى العاصمة في وقت حذر فيه سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي معمر القذافي ليل الاحد من ان ليبيا امام خيارين ما بين اندلاع حرب اهلية وتقسيم البلاد او بدء حوار وطني لقيام "ليبيا جديدة" وقال سيف الاسلام القذافي في كلمة تلفزيونية "نحن الان امام خيارين : غدا نقف مع بعضنا من اجل ليبيا وهناك فرصة نادرة وتاريخية لعمل اصلاح غير عادي في ليبيا بدون تدمير بلادنا والا سندخل في دوامة من العنف". واعلن عن انعقاد المؤتمر الشعبي العام (البرلمان) قريبا لاجراء اصلاحات داعيا الى "نقاش وطني وحوار وطني على دستور ليبيا". واكد سيف الاسلام القذافي ان ما يجري في ليبيا "مؤامرة" تهدف الى "تحويل ليبيا الى مجموعة امارات ودويلات" متهما "مجموعة خونة يعيشون في الخارج" بالوقوف خلف الاضطرابات. واضاف "معنوياتنا مرتفعة والقائد معمر القذافي هنا في طرابلس يقود المعركة ونحن معه وقواتنا المسلحة معه وهناك عشرات الآلاف تتوافد الى مدينة طرابلس. لن نفرط في ليبيا, وسنقاتل حتى آخر رجل وحتى آخر امرأة وحتى آخر طلقة". وردد سيف الاسلام القذافي مرارا "ليبيا ليست تونس وليست مصر" حيث اطاحت ثورتان شعبيتان الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك. وقال "معمر القذافي ليس زين العابدين بن علي وليس حسني مبارك, انه زعيم شعب" مؤكدا انه موجود في طرابلس. ولم يدل معمر القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 1969 باي تصريح علني منذ اندلاع التظاهرات. من جانبه اكد الاتحاد الدولي لروابط حقوق الانسان سقوط مدن ليبية عدة بينها بنغازي (شرق) بايدي المتظاهرين, مشيرا الى وقوع ما بين 300 الى 400 قتيل منذ بدء الانتفاضة في ليبيا. وقال الاتحادان سرت (وسط) سقطت ايضا بايدي المتظاهرين قبل ان يعود وينفي ذلك. واكد شهود لوكالة فرانس برس ان الوضع "هادىء" في سرت وانها لم تسقط في ايدي متظاهرين. وسرت الواقعة في وسط ليبيا هي مسقط راس الزعيم الليبي معمر القذافي ومعقل قبيلته. وفي تطور لافت, قدم وزير العدل الليبي مصطفى عبدالجليل استقالته من منصبه "احتجاجا على الاوضاع الدامية واستعمال العنف المفرط" ضد المتظاهرين, حسبما نقلت عنه الاثنين صحيفة قورينا الليبية على موقعها على الانترنت. وقالت الصحيفة ان عبدالجليل قدم استقالته في اتصال معها "احتجاجا على الاوضاع الدامية واستعمال العنف المفرط ضد المحتجين العزل من قبل قوات الكتائب الامنية". ويعتبر عبد الجليل اول وزير ليبي يقدم استقالته للاحتجاج على لجوء السلطات الى العنف لقمع المظاهرات المطالبة برحيل الزعيم الليبي معمر القذافي التي اجتاحت عدة مدن ليبية. وكان سفيرا ليبيا لدى الجامعة العربية والهند استقالا الاحد احتجاجا على اعمال القمع الدائرة في ليبيا. وكانت صحيفة قورينا ومقرها بنغازي تعتبر مقربة من سيف الاسلام الا انها نشرت اليوم انتقادات لاذعة وجهها مواطنون ليبيون لخطابه كما نقلت معلومات عن احداث طرابلس بطريقة توحي تاييدها للحركة الاحتجاجية. وفي ظل تدهور الاوضاع الامنية اعلن الاتحاد الاوروبي عن عزمه اجلاء رعاياه من ليبيا وخصوصا من مدينة بنغازي معقل المعارضين. كما اعلنت شركة ايني الايطالية التي تعد اهم مجموعة نفطية اجنبية في ليبيا الاثنين انها بدات باجلاء قسم من موظفيها "غير الاساسيين" واسرهم من ليبيا بسبب اعمال العنف التي تشهدها هذه البلاد. واعلنت شركة بريتش بتروليوم (بي بي)انها ستجلي من ليبيا قسما من موظفيها البالغ عددهم الاجمالي 140 موظفا, وحذت حذوها المجموعة النفطية النروجية "ستيت اويل" التي بدأت باجلاء "مجموعة" من موظفيها الاجانب في ليبيا الغنية بالنفط واحدى ابرز الدول المصدرة. وقد ادت الاضطرابات فيها الى ارتفاع اسعار النفط الخام فوق ال 105 دولار للبرميل للمرة الاةلى منذ ايلول/سبتمبر 2008. كما غادر اكثر من 2300 تونسي يقيمون في ليبيا هذا البلد منذ الاحد لدواع امنية, بحسب ما افادت وكالة الانباء الحكومية التونسية. واكد عدد منهم لدى وصولهم الاراضي الاراضي التونسية ان الشرطة الليبية اخلت ظهر الاحد مدينة الزاوية (60 كلم الى غرب طرابلس) التي غرقت منذ ذلك الحين في حالة من الفوضى. وفي واشنطن ذكر مسؤول في الادارة الاميركية الاثنين ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يدرس "جميع كل الخطوات المناسبة" للرد على الاحداث التي تجري في ليبيا, داعيا نظام القذافي الى عدم استخدام القوة ضد المتظاهرين. ودعت وزارة الخارجية الروسية الاثنين كافة الاطراف في ليبيا الى ايجاد حل سلمي عبر الحوار الوطني لوضع حد لاعمال العنف الدامية التي تجتاح البلاد.اما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي وصل الاثنين الى القاهرة في مستهل جولة اقليمية فاكد "ان ما يحدث في ليبيا وهو امر مريع تماما وغير مقبول فالنظام يستخدم اسوأ انواع القمع ضد شعب يريد ان يرى هذا البلد, وهو واحد من الاكثر انغلاقا والاكثر استبدادا, يتقدم".