يحدد العلماء أصل ظاهرة الحرق بالانتحار بأنها مرتبطة بالمجتمع الأفغاني ولها علاقة في عهد حركة طالبان بالإرهاب والتطرف والجهل والادمان على المخدرات والخوف من جلب العار . ولقد أكدت إحصائيات رسمية أنه تقع سنويا أزيد من 2000 حالة انتحار في أفغانستان بحرق الجسد، بل الأكثر من ذلك وفق المصادر ذاتها فإن بعض الأفغان يرغمون النساء على حرق أنفسهم تحت ذريعة جلبهن للعار ،في حين تقدم مجموعة من النساء الأخريات على الانتحار بمحض إرادتهن احتجاجا على تسلط أزواجهن وممارسة العنف الجسدي والجنسي عليهن من طرف مجموعة من المتطرفين في أفغانستان الذين ينظرون إلى المرأة نظرة احتقارية، كما أن المئات من النساء الأفغانيات يرون في الانتحار بحرق جسدهن مخرجاً وحيداً من مجموعة من المعاناة وعلى رأسها الزواج بالإكراه، والمعاملة السيئة من قبل الزوج، والتقاليد العائلية الخانقة. ولا يقتصر أمر الانتحار حرقا في أفغانستان على النساء بل امتد كذلك حتى إلى الرجال حيث يقدم العشرات من الأفغان على الانتحار سنويا ،وتؤكد إحصائيات رسمية في هذا الإطار أن أغلب أسباب الانتحار في صفوف الأفغان تعود إلى التهرب من أداء الديون. حيث لم يجد أغلب الأفغان من وسيلة للتهرب من أداء الديون إلا مغادرة الدنيا، وتضيف نفس الدراسة أن 76 حالة من حالات الانتحار بالحرق المائة المسجلة في قسم الحروق في مستشفى هيرات خلال سنة واحدة قد توفيت، كما ترتبط أغلب حالات الانتحار بالأمراض العقلية التي تنتشر وسط الأفغان في ظل غياب المستشفيات. وهذا ما جعل بعثة المساعدة الدولية (IAM)، وهي منظمة غير حكومية، تفتح مستشفى الأمراض العقلية لمواجهة هذه الظاهرة. ولقد قالت إحدى الدراسات التي استندت إلى سجلات وزارة الصحة وتقارير المستشفيات أن حوالي 2300 امرأة أو فتاة يحاولن الانتحار سنوياً.في أفغانستان بحرق جسدهن ويرجع السبب في ذلك بشكل رئيسي لإصابتهن بأمراض عقلية أو لمعاناتهن من العنف المنزلي أو مرورهن بشدائد اقتصادية واجتماعية. وأضافت الدراسة ذاتها أن الاضطراب الاجتماعي وفقدان الأحبة والنزوح وانعدام الأمن الغذائي والفقر والأمية والإدمان على المخدرات وانعدام فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية لعبت دوراً في ارتفاع معدلات الانتحار بأفغانستان. يذكر أن جميع الأديان السماوية تحرم الانتحار كما أصدرت جميع المؤسسات الإسلامية وعلماء الدين، بيانا أكدوا فيه رفض الشريعة الإسلامية القاطع وحرمة من يقومون بالانتحار حرقا أو بأي وسيلة أخرى تعبيرا عن رفضهم للأوضاع الاقتصادية. واعتبروا إقدام أي فرد على الانتحار وإنهاء حياته « حرام شرعا » ولا يجوز بأي حال من الأحوال. وأكد جميع الفقهاء والعلماء عبر التاريخ أن الانتحار حرام شرعاً وأنه غير مقبول فى الشريعة الإسلامية أن يزهق العبد روحه بيده مهما كانت الحالة الاقتصادية والاجتماعية لديه.. لأنه مخالف لقول الله تعالى" وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، وأيضًا قال الرسول صلى الله عليه وسلم " قَالَ مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِى يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا" لأن المنتحر عاص لأمر ربه. وفي هذا الإطار يؤكد علماء الأزهر أن الإنسان لديه عقل يميز له الطريق الذي يستطيع من خلاله أن يحل مشكلته لأنه لا يجوز أن يتعدى على نفسه بأي حال من الأحوال أو الظروف لأنه بذلك يهدم بنيان الله، وأنه أنه يجب على المواطن أن يطرق الأبواب لحل مشكلته وليس أن يقدم على الانتحار متسائلاً إذا كانت الظروف التي دفعته إلى الانتحار لماذا لم ينتحر كل من لديه مشكلة. ويرى العلماء الحل الرئيسي لهذا الموضوع هو أن يتقرب العبد من ربه بالصلاة حيث تكون لديه الراحة النفسية الكاملة.كما أكد رئيس جمعية نهضة العلماء، أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا والعالم حرمانية المنتحر بأية وسيلة أو طريقة كالمنتحر حرقا في الاحتجاجات، ووصفها بأنها تمثل خروجا عن الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة. وأشار إلى أن المنتحر يعتبر قاتلا للنفس حتى ولو كانت نفسه وينطبق عليه ما جاء في آيات القرآن بشأن قاتل النفس والتي يصفها كأنه قتل الناس جميعا. معربا عن أسفه لهذه الظاهرة التي لا توجد إلا في البلاد الإسلامية وهي لا تمثل أي مظهر من مظاهر الجهاد أو الاحتجاجات. وقال : إن الحياة أمانة أودعها الله للإنسان ، ويجب الحفاظ عليها لا أن يؤذيها أو يميتها وهو واجب كما في القرآن والسنة ولا يجب التفريط في هذه الأمانة. وأضاف "حتى الإضراب عن الطعام للاحتجاج على أمر حرام شرعا ولا يجوز لأنه يضر بالصحة العامة للفرد وصحته التي أنعم الله بها عليه".