لم تستطع إسبانيا مواصلة نهج سياسة شد الحبل مع المغرب،وارتأت أخيرا الجلوس إلى طاولة الحوار في الرباط بعد أن أدركت على ما يبدو أن اللعبة السياسية التي يحركها "الحزب الشعبي" لها علاقة بأجندة داخل إسبانيا،وليس خارجها. وينتظر في هذا الإطار أن يحل وزير الداخلية الإسباني "ألفريدو بيريث روبالكابا" في غضون الأيام القليلة المقبلة ضيفا على نظيره الطيب الشرقاوي،وزير الداخلية، من أجل وضع حد لتداعيات الأزمة التي فجرتها "الاستفزازات العنصرية" التي مارستها الشرطة الإسبانية في حق مواطنين مغاربة بمدينة مليلية المحتلة بشكل متكرر. ولم تتوقف مناقشة الأزمة عند هذا الحد؛ بل إنها انتقلت إلى دوائر السلطات العليا بين البلدين فقد اتصل العاهل الإسباني،الملك خوان كارلوس، نهاية الأسبوع الماضي بالملك محمد السادس هاتفيا للتأكيد على كون العلاقات المغربية الإسبانية ستبقى "متميزة" وبأن "سوء الفهم" لا ينبغي أن يؤثر على صفو العلاقات بين البلدين،حسب ماذكرت وسائل إعلام إسبانية. من جهتها اعترفت الشرطة الإسبانية في مليلية المحتلة في معرض مطالبتها بزيارة خاصة من لدن وزير الداخلية الاسباني بتخبطها في مشاكل تنظيمية،وافتقارها للموارد اللازمة من أجل ممارسة مهامها. وجاء على لسان خوليان ميلان، الأمين العام للنقابة الموحدة للشرطة الاسبانية في مليلية، بأن مطلب لقاء وزير الداخلية الإسباني مرده إلى تخبط الشرطة الإسبانية في مشاكل وظروف سيئة منذ ما يزيد عن عامين. وينتظر من اللقاء الذي سيجمع بين وزير الداخلية المغربي،ونظيره الإسباني الذي يعد الأول من نوعه بالنسبة للطيب الشرقاوي الإجابة على إشكاليات مرتبطة بقضايا التعاون الأمني،ومكافحة الإرهاب،ومحاربة الهجرة غير الشرعية،وفقا لبيان الداخلية الإسبانية. وتتزامن زيارة المسؤول الإسباني للمغرب مع إعلان اللجنة الوطنية لاستعادة سبتة ومليلية،وائتلاف المجتمع المدني في الشمال عن منع شاحنات الخضر والفواكه والسمك المغربي من الوصول إلى أسواق مليلية. وقد عرفت أسواق مدينة مليلية المحتلة نتيجة هذا القرار نقصا كبيرا في المواد الغذائية مما خلق وضعا غذائيا أشبه بالمجاعة بعد نفاذ الخضر من الأسواق،وانعدام الأسماك في المحلات التجارية، وارتفاع الأسعار إلى أرقام قياسية لم تعرف مدينة مليلية مثيلا لها منذ عشرات السنين رغم أن مدة المنع لم تتجاوز 10 ساعات.