قال عالم الإجتماع المغربي محمد الشرقاوي, الذي كان يتحدث أمس السبت في واشنطن أمام المؤتمر الوطني للشباب الديموقراطي الأمريكي, أنه منذ القرن الثامن عشر ميلادي,فإن العلاقات العريقة القائمة بين المغرب والولاياتالمتحدةالامريكية "لم تتوقف قط ,بل اتسمت بالإستمرارية والتميز". وأبرز السيد الشرقاوي,الذي يشغل أيضا مدير أبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا وأستاذا في جامعة باريس-السوربون أن "الرئيس المريكي باراك أوباما, في الخطاب الذي ألقاه في القاهرة في يونيو 2009, لم يدع الفرصة تمر للتذكيربأن المغرب كان واحدا من أوائل البلدان التي اعترفت باستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية في نونبر 1777". وأضاف في هذا الصدد,أن السلطان سيدي محمد ذهب أبعد من الإعتراف,حيث "لم يطلب من الدول الأخرى أن تحذو حذوه, والإعتراف بشرعية استقلال الولاياتالمتحدة, لكنه حثها أيضا على تبني القيم الأساسية لإعلان الإستقلال". إلى جانب الولاياتالمتحدة ضد الهمجية النازية- وذكر بأن المغرب وقف, خلال الحرب العالمية الثانية, مع الولاياتالمتحدة المتحدة لمحاربة الهمجية النازية, مشيرا في هذا الإطار الى أنه عندما أرادت حكومة فيشي فرض قوانينها المعادية للسامية والمتسمة بالعنصرية في المغرب, قام جلالة المغفور له محمد الخامس بحماية المواطنين من الديانة اليهودية وحتى اليهود الذين قدموا من الخارج "الذين يعتقدون بشكل صحيح أنهم سيجدون في المغرب, ملاذا للسلام ". كما ذكر السيد محمد الشرقاوي الحضور بأن جلالة المغفور له نظم وسهل عملية إنزال قوات الحلفاء في الدارالبيضاء, وكذا المؤتمر الذي جمع الرئيس الأمريكي فرانكلين د. روزفيلت برئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل. على صعيد آخر, أبرز المحاضر أنه في الوقت الذي وقفت فيه غالبية البلدان الإفريقية والعربية إلى جانب الكتلة الشيوعية, فإن"المغرب ظل وفيا للقيم التي يتقاسمها مع العالم الحر", مشيرا إلى أن "المملكة لم تتنازل, في أي وقت, عن مبادئ الحرية واقتصاد السوق التي تعد أسس حضارتنا". المغرب, طرف مشارك في محاربة توسع تنظيم القاعدة - وبخصوص البعد الجيوسياسي للعلاقات المغربية الأمريكية, ذكر السيد الشرقاوي بوضع الحليف الرئيسي للولايات المتحدة خارج منظمة حلف شمال الأطلسي الذي منح للمملكة من قبل واشنطن في يوليوز 2004, مضيفا أن المغرب كان طرفا مشاركا في جميع المبادرات التي تقوم بها الولاياتالمتحدة لاحتواء الإرهاب وتوسع تنظيم (القاعدة) في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل. وقال إن "الأدهى من ذلك, وفي منتصف السبعينات, عندما أرادت الأنظمة الشيوعية وضع يدها على الصحراء, فإن المغرب عارض هذه النزعات الهيمنية من خلال التركيز على التركيز على العلاقات والروابط العريقة التي تربطه بهذا الجزء من أراضيه". إصلاحات سياسية واقتصادية تحظى بالإشادة من المجتمع الدولي- على الصعيد السياسي, يضيف السيد الشرقاوي, انخرط المغرب خلال العقد الماضي في برنامج واسع للإصلاحات السياسية والإقتصادية التي تمت الإشادة بها من قبل العديد من المنظمات والهيئات الدولية, مشيرا في هذا السياق إلى إصلاح مدونة الأسرة التي وصفتها منظمة "غلوبل رايت" بأنها أحد مدونات الأسرة الأكثر ليبرالية, وحصول المرأة على عدد كبير من المقاعد في البرلمان, والشفافية في مختلف الانتخابات التي تتبعها مراقبون دوليون. وبعد أن ذكر بإرساء التعددية الحزبية في المغرب, أكد السيد الشرقاوي على أن الديموقراطية التدريجية للمجتمع المغربي تشكل معطى رئيسيا بالنسبة للمغاربة, وهو الواقع الذي أثير, من جهة أخرى, من قبل دراسة أجريت من قبل علماء السياسة بجامعة ميتشيغان, وشهدت عليها المؤشرات الدولية الديموقراطية. الثورة الناعمة - ولإبراز مسار مسلسل ترسيخ حقوق الإنسان, ذكر المحاضر بأنه بناءا على مبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس, تم إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة, التي مكنت من تسوية ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وتعويض وإعادة تأهيل الضحايا. وعلى الصعيد الإجتماعي, أبرز السيد الشرقاوي الجهود التي ما فتئ جلالة الملك يبذلها من أجل الحد من الفوارق الإجتماعية وإعادة توزيع الثروة, وهي الجهود التي بدأت تعطي ثمارها. وتشكل مكافحة الجريمة والفقر في الوسط القروي والإقصاء في الوسط الحضري من خلال التكوين التأهيلي, بالإضافة إلى القضاء على أحياء الصفيح, الأهداف التي يطمح المغرب إلى تحقيقها على مدى خمس سنوات, وذلك بفضل إنشاء صندوق بعدة ملايير من الدولارات. وقد تم إبراز هذه التطورات من قبل وسائل الإعلام الوطنية والدولية " لدرجة أن مجلة دير شبيغل الأسبوعية الألمانية فضلت الحديث عن "ثورة ناعمة", وتساءلت "عما إذا كان المغرب في الطريق ليصبح نموذجا للإسلام الديموقراطي, في إطار زخم هذا التحديث المطلوب وبتشجيع من صاحب الجلالة الملك محمد السادس". وفي السياق ذاته, يشير السيد الشرقاوي الذي هو عضو في اللجنة الاستشارية للجهوية, إلى أن "المغرب يستعد لإجراء إصلاحات مؤسساتية جريئة من شأنها أن تعطي الجهات الرئيسية للمملكة الصلاحيات التي تجعل منها مراكز القرارات السياسية والاقتصادية".وقال السيد الشرقاوي, في ختام تدخله,موجها كلامه للمشاركين في المؤتمر الوطني للشباب الديموقراطي الأمريكي, "إننا ننتظر من بلدكم دعم جهودنا" ,خاصة وأن للمغرب والولاياتالمتحدة علاقات وراوبط عريقة ومواقف وتصورات تدبيرية وسياسية متقاربة يتعين تفعيلها في مختلف الفضاءات لجعلها في مزيد من الخدمة لما فيه مصلحة البلدين وشعبيهما وكذا الحضارة الإنسانية برمتها.