كشف أبو حفص محمد عبد الوهاب رفيقي، المعتقل على خلفية أحداث 16 ماي الإرهابية وصاحب مبادرة المصالحة بين الدولة وسجناء السلفية الجهادية، عن موقفه من النظام الملكي معتبرا إياه وظيفيا لكونه يحفظ الدين ويوحد الأمة وأن الهدف من القبول به هو سد باب الفتن وحقن دماء المسلمين وقال أبو حفص مؤكدا موقفا سابقا مشتركا مع الشيوخ الثلاثة "إننا وان كنا نحلم بنظام شوري وخلافة على منهاج النبوة إلا أن النظام الملكي وان كان قائما على التوريث فمادام يحفظ الدين ويوحد الأمة فلا يسع إلا القبول به وعدم معارضته والخروج عليه سدا لباب الفتن وحقنا لدماء المسلمين". واستغرب المهتمون بشؤون الحركات الإسلامية تبني وسائط التواصل التابعة لحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح للمبادرة التي تقدم بها أبو حفص والتي لم تأت بجديد سوى التنويع على الرسالة التي كتبها في وقت سابق، وحسب مصادر متطابقة فان حركة التوحيد تتهيأ لاستقطاب الموجة الثالثة من السلفيين، الذين يمكن أن يغادروا السجن، بعد الموجة الأولى التي انضمت إلى الجماعة الإسلامية سنة 1985 والموجة الثانية التي قدمت إلى الحركة سنة 1991 من القرن الماضي. وإذا ما صحت هذه الأخبار فان التوحيد والإصلاح، التي لم تستطع الإدماج الكلي للموجات السابقة من السلفيين، ستكون أمام مأزق غياب بنيات الاستقبال وقد يرتد عليها توقها إلى تضخيم الأرقام إلى عنصر قاتل. في وقت سابق كتبنا في هذه الصحيفة "شكل كتاب سعد الدين العثماني، أحد قادة الجماعة الإسلامية ونسختها المطورة الإصلاح والتجديد تم التوحيد والإصلاح، منعطفا حاسما في التدخل الفقهي والأصولي في التنظير للمشاركة السياسية،واختار العثماني لكتابه عنوان "فقه المشاركة السياسية عند شيخ الإسلام ابن تيمية". هل كان عبثا اختيار مؤسس السلفية وأبيها الروحي لتجميع نصوص دالة على حلية المشاركة السياسية؟ ولماذا ابن تيمية بالضبط وليس غيره من الفقهاء؟ طبعا الناس لا تلعب خارج المنطق؛ بل متشبثة بأصوله". ". لم يكن الاحتماء بابن تيمية عبثا، ولكن لأن القاعدة الواسعة لأبناء الجماعة كانوا إما سلفيين أو متأثرين بكتابات "الحاكمية الإلهية" لأبي الأعلى المودودي وسيد قطب صاحب "في ظلال القرآن" المرتكز على مفاهيم العزلة الشعورية والجيل القرآني الفريد التي يستحيل وجودها في مجتمع خارج مجتمع "حركة طالبان". وما ينبغي الانتباه إليه هو أن كتاب العثماني كان ذا طبيعة وظيفية القصد منه رفع الحرج عن سلفيي حركته للدخول إلى العمل السياسي، لكن نسي العثماني أن العمل الوظيفي يتحول إلى مرجعية مع مرور الزمن. ومثلما كانت سيرة ابن تيمية الحراني مضطربة كان كل من نهل من معارفه يعيش اضطرابا وتنطعا وهو ما حدث مع مجدد الحركة السلفية التكفيرية،محمد ابن عبد الوهاب وكل حركات القتل الإسلامي، ومن مكر التاريخ أن مؤلف كتاب "منهاج السنة"، الذي يعد بحق وحقيقة أكبر موسوعة تكفيرية، يطلق عليه شيخ الإسلام. في حالتنا فإما أن العدالة والتنمية قامت بمراجعات أخرى لم نطلع عليها وإما أنها انشغلت بالرئاسات والتسيير اليومي والمناصب ونسيت أنها انطلقت بمرجعية سلفية ضيقة بشكل وظيفي ونسيت تجديدها حتى أضحت هي مقياس العمل. ولابد من التذكير أنه سبق أن نشرنا الكتاب الأسود لمعتقلي السلفية الجهادية دفاعا عن حقهم داخل مؤسسة الاعتقال ولكن هذا لا يعفينا مما تقوم به بعض الأطراف خصوصا المشاركة في المشهد السياسي من لعب بالنار قد تحرق كل شيء في يوم من الأيام.