»ليس هناك ما هو أخطر على الأمم من أن يدعي أحد حكامها أو مسؤوليها، أو ماكريها، أو كذّابيها أنه يمثل الله، أو أن الله يخاطبه أو يوحي إليه، أو يكلفه بتطبيق عدالته، أو بناء مملكته على الأرض، فمثل هذه التّرهات والسّخافات تؤدي حتما إلى دمار الأمم، إن وجد فيها من يصدق مثل هذا ويؤمن به، إما لمصلحة دفينة، وإما لجهل وغفلة وقلة فهم؛ وما أكثر ذوي العقول الدنيا، في هذه الدنيا عبر التاريخ البشري.. كان الإمبراطور الياباني، »هيروهيتو« يعتبر إلاها، وكان الشعب لا ينظر إليه عند مروره، لكي لا يصاب بالعمى عند مشاهدته للأمبراطور الإلاه، فكان هذا الإلاه هو السبب في دمار اليابان، ولكن اليابان عادت إلى الحياة بعد تخلي الإمبراطور عن ألوهيته.. كان »هتلر« يدعي أنه سمع الله يخاطبه في خندق في الجبهة الغربية سنة 1916، وقد مات كل زملائه نتيجة الغازات السامة، وبقي هو على قيد الحياة، لأن الله اختاره لمهمة إلاهية سامية، واعتبر »هتلر« أن كل ما يقوله، وما يفعله، إنما هو أوامر إلاهية، فكان لا يأخذ بمشورة أحد، حتّى لأنه كان يقول : »إن المشاكل الاجتماعية والسياسية تحل نفسها بنفسها إذا لم نتدخل فيها..« .. وهكذا فعل »هتلر« ما شاء، وقرر ما شاء طبقا للتكليف الإلاهي المزعوم، حتّى دمرت ألمانيا سنة 1945، وقسمت بل وقزمت وأصبحت خرابا بسبب رجل كلفه الله.. ولكن ألمانيا عادت إلى الحياة، بل توحدت مجددا بعد انتحار »هتلر« .. كان »ابن جينجيز خان« يعتبر نفسه (سيف الله) وأن كل الشعوب التي دمرها هي شعوب غضب الله منها، وسخط عليها، فكان »ابن جينجيز خان« مثل العدالة الإلاهية، حسب اعتقاده، لتبرير كل أفعاله وأقواله.. يمثل هذا يحث في بلادنا، إذ برز شخص يدعي التكليف الإلاهي، حتى لئن الأنبياء صاروا يتزلفون إليه، من أجل شفاعته، ورضاه بل صاروا يغسلون أقدام أعضاء جماعته.. ها هو البخاري نفسه يقدم كتاب شيخ الجماعة على »صحيحه« ، وها هو (النووي) يفضله على نفسه، ويخبره بذلك عبر رؤى أعضاء جماعته.. بل إن الله سبحانه وتعالى أخبره بقيام دولة الخلافة على (منهاج النبوة) سنة 2006 أو سنة 2010، وهو ما جعل الشيخ ومن الآن يعين وزراءها وسفراءها وولاتها.. وعلى هذا الأساس صار في المغرب جمهوريتان خياليتان؛ الأولى في معتقلات تيندوف وتدعى »الجمهورية الصحراوية المريخية« والثانية تدعى »الخلافة الإسلامية السريالية« والتي يقول أصحابها، إن النبي صلى الله عليه وسلم، يركب الحافلات في الرباط، ويوزع التمر على النساء والفتيات ويشهد كثير من المهلوسين أنهم رأوه عن اليقين، تماما كما سمعوا أم الشيخ تحدثهم في قبرها ومنهم من شاهد الملائكة تنزل كالمطر من السماء على أهل الجماعة.. والأخطر من هذا وذاك هو كثرة السذج الذين يؤمنون بالتُّرهات دون تدبر أو تفكر.. فبعد دراسة مقارنة لجماعة »العدل والإحسان« يتبين بما لا يدع مجالا للشك، بأن هذه الجماعة تجمع بين هرطقات »القديانية« وترهات »الشيعة الإثنا عشرية« .. فمن »القديانية« أخذت فكرة (الإمام المهدي والمسيح الموعود« التي يجسدها »ميرزا غلام أحمد« مؤسس (الأحمدية)، ومن الشيعة أخذت فكرة (المهدي المنتظر) وهو عندهم لا زال مغلولا ولم يؤذن له بعد بالظهور، ولكن بالنسبة »للعدل والإحسان« فقد ظهر فعلا، والكل يستغيث به، ويرجو شفاعته، أو كما قال ابن هانئ في حق المعز الفاطمي : هذا الذي ترجى شفاعته غد ***** وتخبو لرؤياه النار لكن إذا كان الشيعة يسبّون الخلفاء الراشدين فإن »العدل والإحسان« هي كذلك؛ تنتقص من قدرهم، بل إن أحدهم ادعى بأن الصحابة صلّوا جماعة وراء جارية سكرانة، وأما ما يقولونه في حق عائشة وعمر، فحدث ولا حرج.. فالشيخ »عبد السلام ياسين« ، هو إمام زمانه، وكثير من المغفلين سمعوا عنه من آبائهم وأجدادهم، وتعرفوا عليه من خلال علامات أو في منامات، ثم : »من مات وهو لا يعرف إمام زمانه، مات موتة جاهلية« كتاب (أصول الكافي) للإمام الكليني الشيعي.. فالذي يريد معرفة شطحات وترهات بل وهرطقات هذه الجماعة، فما عليه إلا تصفح كتاب »بحار الأنوار« للباقر المجلسي، ودراسة آثار مؤسس جماعة (الأحمدية) أمير المؤمنين »ميْزَرَا غلام أحمد« .. فجماعة »العدل والإحسان« لا تختلف عن هؤلاء في ابتداع الروايات وتأويل الأحاديث والآيات بهدف تضليل الناس ولكنها تفوقت عنهما في الأحلام، والمنامات والهلوسات إلى درجة »السريالية« .. لقد رأى أحدهم في منامه أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يمشي مقطوع الرأس على رؤوس مقطوعة، فاختار رأس »عبد السلام ياسين« ، وصار يمشي به، بدل رأسه .. هذا يذكرني برسوم الرسام الإسباني السّريالي »(سالفا طور)- دالي« وبأفلام الفونتاستيك.. يوم نشرت »النهار المغربية« حلقات سنة 2005، ثم سنة2007 حذرت فيها من هؤلاء الذين يسيؤون لصورة الإسلام ولشخص النبي صلى الله عليه وسلم، ولكل الصحابة الكرام، وأعطت أمثلة من كتبهم وتراثهم، نهض بعض العلماء، أو أشباه العلماء يطالبون برؤوسنا ووهّموا الناس بأننا نحن من يقول بذلك، وليس أناسا لهم كتب ومجلدات بل منهم من وصفنا بالمرضى النفسانيين مع العلم أننا نقلنا.. وحذرنا من كتب هؤلاء ليس إلا.. والآن من هو المريض النفسي حقا وصدقا؟ من هو الساكت عن الحق؟ من يستحق الرد والشجب والاستنكار؟ فالتاريخ يعج بمثل هذه الجماعات؛ فلا فرق مثلا بين (جماعة الأحمدية) و(جماعة العدل والإحسان)، كما لا فرق بين (ميرزا غلام أحمد)، و(عبد السلام ياسين) وسوف ننشر مقارنة بين الجماعتين بالإضافة إلى تشابه أفكارهما مع ما تقول به »الإثنا عشرية« ، ثم يبقى الحكم للقراء الكرام...