تواصلت اليوم الثلاثاء اعمال البحث عن ضحايا الطائرة الاثيوبية التي تحطمت الاثنين في بحر لبنان وعن الصندوق الاسود الذي يعول عليه لكشف اسباب حادث سقوط البوينغ, في وقت لم يتم العثور على ناجين بين الركاب التسعين بعد مرور حوالى اربعين ساعة على الحادث المروع. وتم خلال الساعات الاخيرة نقل اشلاء الى مستشفى بيروت الحكومي, في حين ادت عمليات البحث التي يقوم بها الجيش اللبناني وقوات الطوارىء الدولية (يونيفيل) بمؤازرة اميركية الى تحديد منطقة العمليات التي عثر فيها على قطع اضافية من الطائرة. وقال متحدث عسكري لوكالة فرانس برس ان اعمال البحث ستستمر ليل الاثنين الثلاثاء, "ولن نوفر اي جهود لذلك". وافاد بيان صادر عن قيادة الجيش-مديرية التوجيه ان "سفينة عسكرية اميركية مجهزة باعتدة متطورة مع مركب مدني قادم من قبرص متخصص باعمال الاغاثة والانقاذ, اضافة الى قطعتين بحريتين تابعتين لقوات الاممالمتحدة الموقتة في لبنان, تقوم بسبر اعماق المنطقة حيث يحتمل وجود الجسم الرئيسي للطائرة". واضاف ان القوات البحرية والجوية اللبنانية "وسعت عمليات البحث عن المفقودين في اعماق البحر وعلى امتداد المسطح المائي لمنطقة سقوط الطائرة والشاطىء المحاذي لها". وجدد البيان التاكيد ان الجثث التي امكن احصاؤها حتى الآن هي فقط 14 جثة, "اضافة الى اشلاء". وقال وزير الاشغال غازي العريضي لوكالة فرانس برس ان منطقة العمليات التي يجري فيها البحث في البحر "حددت ب35 كلم مربع", مشيرا الى ان مكان سقوط الطائرة حدد في خلدة على بعد ستة كيلومترات جنوب مطار رفيق الحريري الدولي. وكانت الطائرة سقطت فجر الاثنين بعد ثلاث دقائق من اقلاعها من المطار في طريقها الى اديس ابابا وعلى متنها تسعون راكبا 54 منهم لبنانيون. ورغم تاكيد المسؤولين اللبنانيين ان المدة المحددة للبحث عن ناجين استنادا الى الاعراف الدولية هي 72 ساعة, فان الامال قد تبددت بايجاد احد على قيد الحياة بعد مرور اكثر من اربعين ساعة على الحادث. وكان لبنان شهد في نهاية الاسبوع وامس الاثنين عاصفة قوية. وتحسنت الاحوال الجوية اليوم الثلاثاء, الا ان مياه البحر لا تزال مليئة بالرمال ما يمنع التقاط اشارات من الاعماق, بحسب الخبراء. ولم يتم منذ بعد ظهر امس انتشال اي جثة, ما يوحي, بحسب الخبراء, بان الجثث الباقية مربوطة الى المقاعد باحزمة الامان, وبالتالي, فقد غرقت الى عمق يصعب الوصول اليه بسهولة. وفيما بدأت لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة اللبنانية جمع العناصر اللازمة لتحديد اسباب الحادث, يعول بشكل اساسي على ايجاد الصندوق الاسود للطائرة الذي سيكشف ما حصل بعد الاقلاع. وقال العريضي ان "اي جزم بسبب الحادث غير ممكن قبل العثور على الصندوق الاسود". واكد العريضي ما قاله وزير الدفاع الياس المر مساء امس لجهة سلوك قائد الطائرة اتجاها معاكسا لذلك الذي اوصى به برج المراقبة. وقال ان قائد الطائرة وافق في الاتصال مع برج المراقبة على قيادة طائرته في الاتجاه الذي اوصاه به تفاديا للعواصف "لكنه سلك طريقا آخر فتم الاتصال به لاستيضاح الامر, لكنه لم يجب". وقال رئيس نقابة طياري شركة طيران الشرق الاوسط الوطنية محمد حوماني "لا يمكن ان يفسر الطقس العاصف وحده هذه الكارثة", مضيفا "ربما لم يساعد المحرك الطيار على الذهاب في الاتجاه المطلوب, او هناك مشكلة في نظام الهيدروليك (المسؤول عن تحريك اجزاء من الطائرة مثل الذيل بالضغط المائي)". وتابع "لا يمكننا تاكيد نظريات قبل العثور على الصندوق الاسود". واوضح نقيب سابق لطياري شركة طيران الشرق الاوسط اللبنانية الكابتن حبيب كرم ان هناك نوعا من الغيوم خلال الطقس العاصف "اذا دخلتها الطائرة تصبح احتمالات خروجها منها شبه معدومة". وقال كرم لوكالة فرانس برس "هذا النوع فيه مطبات هوائية هائلة ترفع الطائرة وتخفضها بين ثلاثة الاف وخمسة الاف قدم, ما قد يؤدي مثلا الى تحطم المحرك واحتراقه واحتراق الفيول". وعزا كرم عدم اتباع الطيار تعليمات برج المراقبة في حال ثبوته "اما لاسباب تقنية او شخصية, اي اما اعطال او وضع ذاتي للطيار كتأخره في الاستجابة". وافاد بيان صادر عن شركة الخطوط الجوية الاثيوبية التي تملك الطائرة ان قائد البوينغ 737-800 في الرحلة رقم 409 الذي لم تعلن هويته "لديه عشرون سنة خبرة, ويعرف الطائرة التي يقودها جيدا". ووصل الثلاثاء الى بيروت محققان من المكتب الفرنسي الدولي للتحقيق لمساعدة السلطات اللبنانية في عملها, فيما اعلنت السفارة الاميركية في لبنان ان الولاياتالمتحدة سترسل خبراء للغرض نفسه. وعثر اليوم على اجزاء اضافية من حطام الطائرة بينها جزء من جناحها الايسر. ورجح مسؤول امني "عدم العثور على ناجين بسبب الوقت الذي انقضى". وبدأت عائلات لبنانية عدة تتقبل التعازي, فيما شيع اليوم حسن تاج الدين الذي تم التعرف على جثته بشكل لا لبس فيه في الجنوبن مسقط راس معظم الضحايا اللبنانيين. وقصد العديد من افراد عائلات الضحايا الثلاثاء مستشفى رفيق الحريري الجامعي (الحكومي) للسؤال عن نتيجة فحوصات الحمض الريبي النووي التي اجريت لهم لمطابقتها مع الجثث بغية التحقق من هويتها. كذلك تجمع امام المستشفى عدد من افراد الجالية الاثيوبية الذين جاؤوا يسألون عن رفاق قضوا في الطائرة. ويبلغ عدد الضحايا الاثيوبيين 23, بالاضافة الى افراد الطاقم السبعة وهم جميعهم اثيوبيون, بحسب ما افادت القنصلية الاثيوبية. واوضح وزير الصحة محمد جواد خليفة ان السلطات اللبنانية تنسق مع السلطات الاثيوبية حول هذا الموضوع, وان اثيوبيا سترسل عينات من الحمض النووي من اهالي المفقودين الى لبنان من اجل الفحوصات. وكان خليفة اوضح "انه لا يمكن البدء بفحوصات الحمض النووي للجثث الا بعد ان يتوافر عدد كبير منها" لتاتي النتائج دقيقة من دون هدر الجهود.وتعقد الحكومة اللبنانية منذ الخامسة عصرا اجتماعا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وعلى راس جدول الاعمال حادث الطائرة.