إعداد حسين رافا طالت آثار الأزمة الاقتصادية بقوة الصحافة المكتوبة بسويسرا, حيث تم تسريح أزيد من 400 صحفي منذ مطلع السنة الجارية بسبب تدني مداخيل الإشهار وفقدان حوالي ربعها خلال النصف الأول من السنة والسحب المكثف للجرائد المجانية, وذلك حسب تقديرات الناشرين السويسريين الرئيسيين. وطالت الأزمة الصحف العمومية المؤدى عنها, إذ قل أصحاب الإعلانات وأصبح القراء يفضلون الاطلاع على الأخبار مجانا, باستثناء يوم الأحد, ما جعل الصحف اليومية تظهر في شكل غير مغر. وعلى إثر ذلك, استمرت الصحف المجانية في رفع أعدادها خلال الأشهر الأخيرة على حساب الصحف المؤدى عنها, حسب الأرقام التي نشرتها الهيئة التي تضم الجمعيتين السويسريتين لناشري الصحف والدوريات وجمعية شركات الإشهار السويسرية. ويسحب من صحيفتي "لوتون" و"لا ليبيرتي" على التوالي 38 ألف و801 نسخة و45 ألف و883 نسخة, في حين رفعت الصحيفتان المجانيتان اللتان تصدران في المنطقة الناطقة بالفرنسية "فان مينوت" و"ماتان - بلو" عدد النسخ المسحوبة إلى أزيد من 220 ألف نسخة. وتبقى صحيفة "فان مينوت" المجانية الأكثر سحبا, إذ ارتفع عدد نسخها من 435 ألف و460 إلى 526 ألف و351 نسخة. أما الأنترنيت, فيتهمه الخبراء بنهج سياسة الإغراق في مجال الإشهار, مؤكدين في نفس الوقت أن هذا السوق يبقى محدودا. ويرى رئيس جمعية الناشرين, هانسبيتر ليبرومنت, أن تعقد مآل الصحف المؤدى عنها تزايد بفعل "خطأ تاريخي", مؤكدا أنه إذا تم تسريح 400 صحافي من أصل حوالي 6800 ممتهن للصحافة المكتوبة بسويسرا, فقد تم خلق أزيد من ألف منصب جديد في مجال الصحافة خلال ثلاث سنوات موزعة بين الأنترنيت والصحف الصادرة أيام الأحد والصحف المجانية. وأوضح أن جمعيته, ومن أجل مواجهة الأزمة, لم تطلب دعما من الدولة لكنها طلبت تخفيف أعبائها أي خفض ما يعادل 450 مليون فرنك سويسري (فرنك واحد يساوي حوالي 7 دراهم) وأبرز أنه مع نظام من هذا القبيل, سيتوفر قطاع الصحافة المكتوبة على رساميل جديدة يصل سقفها إلى 100 مليون فرنك قد تتم إعادة استثمارها في الموارد البشرية والمنتوجات. ويمر تخفيف تحملات الصحافة على الخصوص عبر تخفيض الضريبة على القيمة المضافة وتكاليف التوزيع عبر البريد. ويصف هانسبيتر ليبرومنت ب"الخطأ التاريخي" كون الناشرين لم يولوا منذ 15 سنة اهتماما كافيا لمؤهلاتهم واقترحوا أسعارا اعتباطية للإشهار على شبكة الأنترنيت. وأضاف : "لا يمكننا اليوم أن نقول لأصحاب الإعلانات أننا نضاعف أسعارنا على شبكة الأنترنيت ونقدم تخفيضات على صفحات الجرائد". وقال رئيس مجموعة "تاميديا" للصحف, مارتان كال, إن النصف الأول من سنة 2009 كان صعبا بالنسبة له حيث اقترب من الأرقام الحمراء, خلال هاته الفترة التي تميزت بانكماش اقتصادي وتراجع في مداخيل الإشهار. وقد سجلت المجموعة في نهاية الأمر ربحا طفيفا بقيمة 800 ألف فرنك مقابل 4ر59 مليون فرنك خلال النصف الأول من سنة 2008. وتشكو "تاميديا" التي ستضم "إيديبري" (التي تنشر "لا تريبون دو جونيف" و"24 أور" و"ماتان") على مراحل إلى غاية 2013, من تراجع الاستثمارات خلال النصف الأول من السنة. وأوضح مارتان كال أن رقم معاملات المجموعة تراجع بنسبة 9ر15 في المائة حيث بلغ 389 مليون فرنك سويسري, مضيفا أن عروض الشغل التي تقدمها الصحف تقلصت بنسبة 4ر47 في المائة في حين تراجعت أرقام معاملات الإشهار بنسبة 24 في المائة.وتتوقع المجموعة التي اتخذت إجراءات لتخفيض التكاليف بمبلغ 8ر47 مليون فرنك, أن تخلف الأزمة مزيدا من الخسائر خلال سنتي 2009 و2010.