بقلم جمال فلحي تتوجه أنظار العالم, ابتداء من اليوم وإلى غاية 18 من دجنبر الجاري, إلى العاصمة الدانماركية حيث حل حوالي مائة من قادة الدول والحكومات للمشاركة في المؤتمر الدولي حول التغيرات المناخية. ويعد هذا المؤتمر, المنظم من قبل الأممالمتحدة, والذي سيعرف مشاركة أزيد من 15 ألف مشارك, الأكبر من نوعه حسب مسؤولين أمميين. وبالنظر إلى العدد الكبير للمشاركين والمستوى الرفيع الذي تشارك به قوى عالمية تعتبر اقتصادياتها من بين الأكثر تلويثا للكوكب, فإن مؤتمر كوبنهاغن يعد حدثا بارزا ينتظر أن يتمخض بالدرجة الأولى عن اتفاق لتقليص حجم انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. + حاجة ملحة لعاهدة ملزمة + ويتعين أن تكون المعاهدة الجديدة, التي يفترض أن تعوض بروتوكول كيوطو الذي ستنتهي مدة سريانه في 2012, حسب وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, "شاملة وملزمة", خصوصا وأن مجموعة الخبراء البين حكومية حول تطور المناخ, دقت, في تقريرها الأخير, ناقوس الخطر, وشددت على ضرورة التحرك بشكل عاجل على هذه الواجهة. وحسب مجموعة الخبراء هذه, فإن سنة 2009 تشكل نوعا ما سقفا زمنيا للتوصل إلى اتفاق يمكن المصادقة والتصديق عليه في مهلة زمنية كافية, ليدخل حيز التنفيذ مع نفاذ مدة سريان بروتوكول كيوطو. واعتبر رئيس المجموعة راجاندا باشوري الحاصل على جائزة نوبل للسلام, أنه أصبح من "الملح والعاجل القيام بتحرك دولي من أجل مواجهة التغيرات المناخية", مؤكدا أن مجموعة الخبراء "أثبتت بما لا يدع مجالا للشك, على المستوى العلمي, حقيقة تغيرات مناخية". وتتجسد تأثيرات التغيرات المناخية, حسب الخبراء, على مستوى توزيع التساقطات المطرية, والتي تتجه للارتفاع في اتجاه الشمال وتتناقص في بعض المناطق الاستوائية وما تحت خط الاستواء, وكذا في حوض البحر الأبيض المتوسط. وكنتيجة لهذه التغيرات, يسجل ارتفاع في عدد وحدة دورات الجفاف والفيضانات, وتقلص كتل الجليد وحجم التساقطات الثلجية, وتكاثر الظواهر المناخية الخطيرة وارتفاع في مستوى مياه البحر, مما يخلف آثارا على حياة البشر فوق كوكب الأرض وحسب مجموعة الخبراء, فإن بعض المناطق أكثر تضررا من أخرى بفعل هذه التغيرات. فدرجة الحرارة بالقطب الشمالي بالخصوص, ترتفع بشكل مضاعف مقارنة بباقي المناطق, كما أن منطاق الشعب المرجانية ومناطق "الدلتا الكبيرة" حيث توجد مدن كشنغهاي وكالكوتا ودكا, والدول الصغيرة التي تتكون من جزر صغيرة, مهددة أيضا بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر. ومن بين الآثار السلبية المتوقعة للتغيرات المناخية, يشير الخبراء إلى تناقص المحاصيل الزراعية. ففي بعض البلدان الإفريقية على سبيل المثال يحتمل أن تتقلص المحاصيل الزراعية بنسبة 50 بالمائة بحلول 2020, السنة التي يتوقع أن يتراوح فيها عدد المتضررين من تراجع الموارد المائية, ما بين 75 و250 مليون نسمة في إفريقيا وحدها. + تفاؤل حذر + وبالنسبة لمدير فريق الدعم للأمين العام للأمم المتحدة في موضوع التغيرات المناخية ,جانوس بازتور, الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي بنيويورك, فإن كل المؤشرات تدفع إلى التفاؤل. فالمشاركون في مؤتمر كوبنهاغن مدعوون, حسب المسؤؤول الأممي, لدراسة مشروع "اتفاق طموح جدا يتضمن أهداف مرقمة من أجل تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بالنسبة للبلدان المصنعة, ومبادرات للموائمة على المستوى الوطني بالنسبة للدول النامية, وقضايا التمويل والتكنولوجيا, وبالطبع إطارا للموائمة, وهو بذلك اتفاق من شأنه أن يقود إلى التنفيذ وسيكون له أثر فوري". وعبر الأمين العام للأمم المتحدة , بان كي مون, بدوره عن تفاؤله بهذا الشأن غير أنه تفاؤل حذر. فقد عبر عن ارتياحه لمشاركة الرئيس الأمريكي باراك أوباما, وإعلان واشنطن عن التزامات مرقمة بخصوص انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. كما اعتبر القرارات الأخيرة, التي اعلنتها كل من الهند والصين بخصوص التقليص من هذه الانبعاثات, وكذا مشاركة الوزير الأول الصيني, مؤشرات مشعة. وقد صرح الأمين العام أيضا مؤخرا بأنه "سعيد" لكون القادة الأوروبيين عقدوا "قمة جيدة" في الفترة الأخيرة أقروا فيها بأهمية الدعم المالي والتكنولوجي في محاربة التغيرات المناخية.غير أن بان كي مون ليس واهما بخصوص أن تفاصيل اتفاق من هذا الحجم لا يمكن الاتفاق عليها بالضرورة في كوبنهاغن.